في مبادرة إنسانية ناذرة … قام فرع نادي الملاكمة التابع للنادي البلدي بالمحمدية بكراء محل تجاري بقيسارية حي الراشيدية، وتهيئته وإهدائه لفائدة شابين ملاكمين من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويتعلق الأمر برشيد اغناج من مواليد سنة 1976 والذي يعاني من ضائقة مالية لانحداره من أسرة فقيرة، وسالم الزوبير يتيم من مواليد سنة1984.
فقد قرر رئيس النادي محمد العسولي والمدرب التقني للنادي نبيل منيام. أن يوفرا للشابين مشروعا تجاريا، يمكنهما من الاعتماد على أنفسهما. وكسب قوتهما بعرق جبينيهما. وقد تم الاتفاق على أن يتاجرا في التجهيزات والملابس الرياضية. الشابان في حاجة إلى من يدعم رأس مالهما، ومن يتوسط لهما لدى الشركات ومحلات البيع بالجملة، من أجل تجهيز محلهما. كما أنهما في حاجة إلى زبائن من داخل المحمدية وخارجها من أجل تسويق سلعهما. وضمان نجاح مشروعيهما.. فلا أظن أن المكاتب المسيرة للأندية الرياضية بالمحمدية وضواحيها سيبحثون بعيدا من أجل توفير حاجيات لاعبيهم وفرقهم في مختلف الرياضات. ولا أظن أن المحسنين الذين اعتادوا التبرع بالتجهيزات والملابس الرياضية، سيولون ظهورهم عن سالم ورشيد. اللذان لا يطلبا صدقة ولا حسنة. بل معاملات تجارية تضمن قوتهما وتحفظ كرامتهما.. ولكل مجتهد في الدنيا نصيب في الآخرة ..
وهذه نبذة عن الشاب سالم الذي ولج حلبة الملاكمة، وهو مريض ذهني وفاقد للنطق، لكن بعزيمته ودعم وتحفيز واحتضان النادي ومدربه. تمكن من الشفاء ذهنيا، وتحدي الإعاقة الجسدية.. والتفوق على الأصحاء..
داخل الفرع هناك أطفال تغير سلوكهم كليا وتغيرت نظرتهم للمجتمع وتعاملهم مع محيطهم. منهم من تعافى من الاضطرابات النفسية ولم يعد عنيفا ولا بليدا يخشى عليه من الخروج وحيدا خارج منزله. منهم الشاب سالم الذي ولج النادي، وكان حينها فاقدا للنطق منغلقا على نفسه، ومريضا ذهنيا، ولج عالم الملاكمة وتدرب لعدة أشهر كانت كافية لتغيير سلوكه وشفائه، أطلق العنان للسانه وبات يحب الأنس والحديث. كانت فرحة أمه الراحلة به كبيرة وهي ترى ابنها يتقن الحساب والتحدث، بعدما كان لا يعرف عد الدراهم القليلة، و بعدما كانت أمه تكتب على ورقة اسمه وعنوانه وتضعها في جيبه كلما هم بالخروج من المنزل خوفا من أن يضل الطريق. انقطع عن التداوي وشفي من كل أمراضه الذهنية والعضوية، مما حدا بأمه إلى أن تفتح له دكانا للبقالة. أكثر من هذا فسالم بدأ يذهب وحده إلى مدينة الدار البيضاء بشراء السلع عثر يوما داخل حافلة بالحي المحمدي على صديق له داخل النادي وهو تائها، فأعاده إلى منزله بالمحمدية، وكان صديقه مولعا بحضور مباريات الوداد البيضاوي.
سالم الآن شابا يافع تحدى إعاقته الجسدية. ماتت أمه. فقرر أن يشمر على كتفيه. ويحتاج إلى الدعم والتحفيز.. لكي يشق طريقه كأي رجل صالح ..