يبدو أن مسرح عبد الرحيم بوعبيد بالمحمدية، الذي تم افتتاحه بعد حوالي 25 سنة من الإهمال والصراعات الواهية، من أجل الانتفاع منه سياسيا وبهرجة.. أصبح بعيدا عن الهدف الثقافي والفني الذي أنجز من أجله. ويبدو أنه بات لزاما، التحقيق في ما يجري ويدور داخل هذا المسرح الممنوع على الطاقات المحلية الواعدة والمحترفة. والمفتوح في وجه التجمهرات الخطابية السياسية. والحملات الانتخابية السابقة لآوانها. وبات من الضروري إنصاف الشخصية السياسية والوطنية التي يحمل اسمها. والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن تسمح بهذا العبث لو كانت على قيد الحياة. فالراحل المقاوم والمناضل عبد الرحيم بوعبيد عاش ينادي بالاشتراكية والتشارك. وتوزيع الثروات على كافة الشعب بالتساوي. وإعطاء الأسبقية للمواطن الفقير والمعوز. ولا يمكن أن يقبل بأن يضطر من يريد اللجوء إليه أن يؤدي ثمن ذلك لا ماديا ولا نقصانا من كرامته وسمعته. إن على بلدية وعمالة المحمدية ووزارة الثقافة، أن تجد حلولا، لتوفير مصاريف الصيانة وغيرها من المصاريف الخاصة بالمسرح. لا أن يرغم المبدعون والمثقفون والفعاليات الجمعوية، على تدبير أموال لا يتوفرون عليها، من أجل الاستفادة من حصص أنشطة داخل المسرح.
لقد ضل ملف المسرح نموذجا بارزا للصراعات الحزبية وصراعات التموقعات السياسية الواهية. إذ أن المجلس الإتحادي الذي بنى المسرح، وقرر تسميته في دورة عادية سنة 1992، باسم (عبد الرحيم بوعبيد)، انتظر حتى مشارف نهاية ولاية المجلس السابق للأصالة والمعاصرة، من أجل انتزاع تأشيرة المصادقة على تلك التسمية. وطبعا الإعلان عن افتتاح المسرح. صراعات مريرة خاضها أشبال اليوسفي ضد المجالس التي تعاقبت بعدهم على تسيير شؤون المدينة، والتي قادها استقلاليون وتجمعيون، قبل أن ينتزعها حزب الأصالة والمعاصرة في شخص أمينها الإقليمي محمد المفضل القادم من عالم المال والأعمال. علما أن المسرح الذي ضل (مغلقا/مفتوحا)، يشرف عليه طاقم إداري وتقني يضم 30 موظفا يتلقون أجورهم من ميزانية البلدية، كما يشرف على حراسته وصيانته عمال وعاملات تابعين للشركة المكلفة بالحراسة والنظافة بعدة مرافق تابعة للبلدية، والتي تتلقى أموالها من ميزانية البلدية. وقد تسبب الصراع الدائر حول تسمية مسرح المحمدية، في عدم افتتاحه رسميا، بعد مرور أزيد من عشرين سنة على بنائه من طرف مجلس بلدي بزعامة اتحادية. لكن سقوط الزعامة من الاتحاديين طيلة العقدين الأخيرين، حالت دون تفعيل قرارهم الذي ضل معلقا. فمسرح مدينة الزهور عانى من التسيير العشوائي، ويعد أكبر مسرح على صعيد ولاية الدار البيضاء الكبرى، كلف خزينة البلدية غلافا ماليا فاق ثمانية ملايير سنتيم، وتخصص له سنويا ميزانية ضخمة للتسيير والصيانة، وتغطية أجور وتعويضات لموظفين والسيارة المخصصة للإدارة …). مصاريف استنزفت مداخيل البلدية لعدة سنوات، دون أن يفتح رسميا ويستثمر ليغطي مصاريفه، وينعش الثقافة والفن بالولاية. وضلت تأشيرة الترخيص بمزاولة بعض الأنشطة داخله ، بيد الرئيس وبعض نوابه. فيما ضلت مهمة المدير وباقي الموظفين مقتصرة على التدبير الداخلي للمسرح. وضل المسرح مغلقا مفتوحا على هوى مسيري المجالس المتعاقبة، يحمل ثارة اسم (المسرح البلدي) وثارة اسم (مسرح المحمدية). ويقع المسرح الذي يعتبر من بين أكبر المسارح المغربية والإفريقية، بالعالية، قرب دار الثقافة العربي، يحتوي على ثلاثة أجنحة (تشمل ما هو إداري وفني وتقني ). وتسعة محلات وصالون للحلاقة والتجميل و قاعة العرض عمقها 16 متر، وعلى جميع التجهيزات الحديثة، وبه قاعة كبرى تتسع ل 836 مقعد (ويبلغ ثمن الكرسي الواحد سبعة ألاف درهم) و قاعة للندوات تتسع لأزيد من400 مقعد، وعدة تجهيزات عصرية مهمة تخص المجالات الفنية والتقنية. وسبق للمسرح أن تعرض لعدة سرقات بسبب قيمة التجهيزات التي كان يتوفر عليها، قبل تكليف شركة للأمن الخاص بحراسته. كما كشفت مصادرنا أن بعض بناياته وآلياته تلاشت من جراء الإهمال، وعدم الصيانة، وأنه تم إصلاح وتغيير البعض منها، كما تمت إزالة الرخام والزليج الذي كان يزين بعض جدرانه، وقد جرى إصلاحه وتغيير بعض جوانبه، وجلب ما يلزمه من تجهيزات وآليات العمل من جديد. كما تحدثت مصادرنا عن بعض التجهيزات الالكترونية التي وصفوها ب(الخردة)، والتي تم اقتناءها في البداية.