الرئيسية / كتاب البديل / في حضن صاحبة الجلالة …سلسلة من سيرة ومسيرة الاستاذ محمد شمسي الإعلامية : الحلقة الأولى

في حضن صاحبة الجلالة …سلسلة من سيرة ومسيرة الاستاذ محمد شمسي الإعلامية : الحلقة الأولى

(الحلقة 1): هي راودتني

محمد الشمسي

وأخيرا ظفرت بالإجازة المنتظرة في القانون، لأستفيق على وقع صدمة، فمن سلالة المجازين الآلاف في هذه السنة، ومثلهم في العقود الماضية، وكذلك الحال في القادم من السنوات، الجامعة لا تتوقف على تقريخ العاطلين، سلمتني إدارة الكلية شهادتها في ورق مقوى، ورمتني في غياهب المجهول، وقطعت عني منحتها التي كنت أسد بها لوازم رياضة أدفع بها كل تحرش لأي جنوح أو إدمان، شعرت بالدولة قد خذلتني، وسرقت مني زهرة عمري فوق الطاولات وعلى المدرجات، نفرت من كلية طريق الجديدة بالدارالبيضاء ولم أهتم للسنة الأولى من ديبلوم الدراسات العليا التي تسجلت فيها لأملأ الفراغ بما هو متيسر، بعدما تبين لي أني سألذغ من الجحر مرتين..
انطلق قطار المباريات، وتوالت الإخفاقات، في كل مباراة يظهر سمسار يطلب رشوة مقابل نجاح مضمون، العرض مغر لكن الحيلة معدومة، علمت حينها أن الإجازة ترشح صاحبها فقط ليكون زبونا مقبولا عند وسطاء مهن كنت أطهرها عن ذلك الرجس والدنس، كان لا ينجح إلا محظوظ أو ذو نفوذ – وهذا ما كنت أعتقد – و الناجحون يتظاهرون أنهم “جابوها على ذراعهم” خوفا منهم من أن يدك الجمل ما حرثه السمسار…كل تلك الطاقة التي ظننت أن محركي يملكها في التحصيل الدراسي تلاشت، ودخلت تيها كذاك الذي دخلته بني إسرائيل، أنا الذي ومنذ دخولي لقسم التحضيري بمدرسة أبو الحسن المريني قرب اشطيبة و إلى غاية تحصيلي شهادة الإجازة لم أرسب ولو عاما واحدا، وفي مدرسة عمومية كانت متماسكة ناجعة التنافس فيها على أشده، ولا مكان فيها لتكاسل أو تباطؤ، في جميع “الكونكورات” التي خضتها غاب اسمي – على غير العادة- عن كوكبة المتفوقين، من قضاء ومالية وجمارك وشرطة ومحاماة…وفي أفضل الأحوال أتخطى حاجز الاختبار الكتابي وتنتهي مغامرتي أمام لجنة الاختبار الشفوي والذي أقهر أسئلته، لكن لا أجد نفسي مع الناجحين…
بعد فشلي في محاولتين متتاليتين للهجرة السرية كادت إحداهما تودي بحياتي، قررت تغيير التصميم واستبدال أجندة الأحلام، والعودة إلى الواقع وخلع لباس الأوهام…
كنت أداوي “غم الشمتة” وحرقة الغد المريب بالكتابة وقراءة الصحف، وكنت قارئا نهما للجرائد، “الاتحاد الاشتراكي” سيدة الصحف وأقواها حينها، و”الأحداث المغربية” مولود إعلامي جديد رج الفضاء الإعلامي رجا، ودار حوله سجال كبير، طرق ساحة البرلمان بمنتوجه الأسبوعي “من القلب إلى القلب”، ثم بعض الأسبوعيات التي اختارت الخروج على قرائها مرة في “السيمانا”، محملة بسيل من الأخبار، دون نسيان “جريدة المنتخب” التي كانت تزرع يوم الاثنين بأسلوبها وعناوينها الروح في مباريات انتهت أمس الأحد..
لم أكن أتوقع أن أنتمي يوما إلى قبيلة الصحافيين ، ولا أن أصبح صحفيا مهنيا، ينتظرني القارئ بشغف لآتيه بالنبأ اليقين، فقد كان الصحافيون متميزين وأشداء وقليلي العدد والتواجد، وحده ملاقاة أحدهم حظوة ومفخرة، لكن كذلك كان، فقد شعرت بالصحافة تراودني عن نفسها، وتغمز وتلمز أن هيت لك .(يتبع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *