الرئيسية / السياسية / كتاب أبيض للعصبة الدولية للصحافيين الشباب حول الصحافة الجهوية: دعت الحكومة إلى وضع استراتيجة كفيلة بالنهوض بالقطاع

كتاب أبيض للعصبة الدولية للصحافيين الشباب حول الصحافة الجهوية: دعت الحكومة إلى وضع استراتيجة كفيلة بالنهوض بالقطاع

 أفرجت العصبة الدولية للصحافيين الشباب, بداية هذا الشهر, عن مولودها الجديد. إنه كتاب أبيض اختار له المشرفين عليه كعنوان "الصحافة الجهوية في المغرب, واقع وافاق". هذا الاصدار لم يكن ليخرج إلى حيز الوجود لولا مساندة الاتحاد الأوربي والتمويل المقدم من طرف صندوق أصواتنا. يستهدف الكتاب المساهمة في الرفع من مستوى العمل الصحفي وتشخيص واقع الصحافة الجهوية في المغرب والأدوار التي يجب أن تضطلع بها ورصد الإمكانات التي تتوفر عليها مع ملامسة المعيقات القانونية والمؤسساتية التي تواجهها ووضع التصورات التي من شأنها الرفع من أدائها. لهذا الغرض, تطرق الكتاب, الذي ساهم في كتابته صحافيين من توجهات ايديولوجية مختلفة ومن مختلف الحساسيات الاجتماعية والتيارات الثقافية الامازيغية والصحراوية التي تميز التنوع الثقافي في المغرب, إلى مجموعة من المواضيع التي تهم بشكل مباشر ومركزي الصحافة الجهوية بمختلف تلاوينها و أجناسها. على سبيل الذكر لا الحصر, حاول بوشعيب الحمراوي, صحفي يشتغل بالصحافة الجهوية منذ أكثر من عشرين سنة, استشراف "مستقبل الصحافة الجهوية", فيما قدم المدني دروز, صحفي مهني متخصص في الصحافة الجهوية ومكون باحث, عناصر اجابة على سؤال "هل الإعلام الالكتروني يشكل حقا بديلا؟". ناقش الكتاب مواضيع أخرى من قبيل خصوصيات الصحافة الجهوية بشمال المغرب وجنوبه وكذلك أخلاقيات الصحافة الجهوية الإلكترونية. على العموم, خلص الكتاب إلى أن الصحافة الجهوية تعاني من ضعف الإمكانيات المادية في ما يخص الطبع والنشر والتوزيع, نظرا لشبه انعدام وجود مقاولات صحفية بالمعنى الدقيق للكلمة يمكن أن يعمل داخلها صحفيون مهنيون أو منتسبون و متعاونون. الشيء الذي جعل ممارسة هذه الصحافة رهينة بمبادرات فردية تفتح الحقل الصحفي أمام أشباه الكتبة والصحفيين الذين يحولون الصحافة إلى صحافة مواسم و مناسبات. كما أن دخول جنس الصحافة الالكترونية أو صحافة المواطن المنافسة للإعلام الورقي في غياب التقنين وأخلاقيات المهنة قد زاد من تعقيد وضعية الصحافة الجهوية. وهذا يجعل مستقبل هذه الصحافة بالمغرب رهينا بمدى استعداد الحكومة والأحزاب والنقابات للقبول بها باعتبارها إعلاما للقرب والأقرب لقضايا المواطن و انشغالاته اليومية. وهذا يعني أن الدولة في إطار الجهوية الموسعة المدسترة عليها أن تقوم بتطبيع كامل لعلاقتها مع إعلام القرب باعتباره شريكا في التنمية لا عدوا افتراضيا يشكل خطرا عليها، و هذا يفرض وضع قانون صحافة يتلاءم مع أحكام الدستور و مرتبط بلازمة الحق و الواجب. أكد الكتاب كذلك أن الصحافة الالكترونية الجهوية والمحلية أصبحت تكرس نفسها كسلطة رابعة رغم أنها ما زالت في بداياتها ويفتقر أغلب العاملين فيها للتكوين ولعدم وجود قانون خاص بها يجودها و يساهم في وضع أخلاقيات لها. ولعل التحدي الكبير الذي تواجهه الصحافة الالكترونية الجهوية في المغرب هو أنها تعرف أحيانا سلوكيات سلبية, حيث تنزع بعض الجرائد الالكترونية الجهوية إلى تغليب هاجس الانتشار وزيادة المقروئية عوض أن تكون تشكل إعلاما هادفا, و لهذا تكثر من استعمال الصور المأساوية والحوادث والجرائم. أما مستقبل الصحافة الالكترونية الجهوية فيبقى ملتصقا بإشكالية العلاقة بين التقنين والديمقراطية, بمعني هل سيحد التقنين من حريتها و تعدديتها و قدرتها على التعبير عن قضايا المواطن أم أن الهدف من التقنين هو لجمها؟ كما أن الدعم المادي وتكوين الصحافيين يبقى ضروريا لتجويدها. يندرج إصدار هذا الكتاب في إطار إستراتيجية العصبة الدولية للصحافيين الشباب الهادفة إلي الرقي بالصحافة الجهوية وفتح نقاش موسع حول ضرورة النهوض بها. هذه الاستراتيجية سبق أن قادت العصبة إلى السهر على مجموعة من الأنشطة, لعل أهمها تنظيم ندوة وطنية, في مدينة الدار البيضاء بتاريخ 15 فبراير 2015, حول واقع الصحافة الجهوية بالمغرب وآفاقها المستقبلية, دائما بشراكة مع الاتحاد الأوربي وصندوق أصواتنا. وذلك في ضوء التحولات التي عرفها المغرب بعد دستور 2011 الذي كان إقرار الجهوية الموسعة إحدى لبناته الأساسية والتي ستؤثر لا محالة على العمل الصحفي خاصة الصحافة الجهوية. و قد تلت هذه الندوة مجموعة من الندوات المصغرة التي نظمت هذه المرة بشراكة مع نقابة الصحافيين المغاربة في عدد من فروع هذه النقابة بمجموعة من جهات المغرب .و قد عرفت هذه الندوات الجهوية مناقشة مجموعة من المحاور حول واقع الصحافة الجهوية بالمغرب حيث تم التأكيد على أهميتها من جهة في خدمة التنمية باعتبارها سلطة رابعة تلعب دور الإخبار ومناقشة السياسات العمومية المنتهجة في جهات المغرب, تذكر الانجازات و تضع اليد على الإختلالات. ومن جهة ثانية على كون الفاعلين السياسيين من حكومة و منتخبين و أحزاب مازالوا ينظرون للصحافة الجهوية بتوجس وريبة, لدرجة أن الاتجاه نحو تقنينها تحكمه هواجس ضبطها ولجمها عوض وضع قوانين تضمن لها هامشا واسعا من حرية التعبير حتى تساهم في الرفع من إيقاع التنمية. كما عرفت الندوات التي نظمتها العصبة بشراكة مع فروع نقابة الصحافيين المغاربة نقاشا حول حضور التعددية الثقافية في الصحافة الجهوية خاصة الأمازيغية التي تمت دسترتها، والتي تفتح المجال لإصدار جرائد ورقية والكترونية بالأمازيغية، بالإضافة إلى الثقافة الحسانية التي تشكل بدورها رافدا من روافد الهوية الثقافية المغربية. وقد اختتمت هذه الندوات باصدار هذا الكتاب الابيض حول "الصحافة الجهوية في المغرب, واقع وافاق", والذي يمكن أن يشكل وثيقة وأرضية للنقاش بالنسبة لمختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التي لها علاقة بتدبير الشأن الإعلامي وحريات الصحافة والإعلام والنشر. وفي هذا الإطار تم رفع مراسلة إلى الوزارة الوصية مبلغة إياها بخلاصات وتوصيات المشتغلين من بعيد أو قريب بالصحافة الجهوية ومطالبة بالاهتمام بهذا النوع من الصحافة ووضع استراتيجة كفيلة بالنهوض بهذا القطاع الذي يمكن أن يلعب دور شريك في تنمية كل جهات المغرب, كما أثبثث ذلك مجموعة من التجارب الدولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *