الرئيسية / ميساج / لكل مجتهد نصيب: الملك محمد السادس قطر العسل على الأشقاء والشمع على الأعداء

لكل مجتهد نصيب: الملك محمد السادس قطر العسل على الأشقاء والشمع على الأعداء

 حمل خطاب الملك محمد السادس الذي ألقاه أمس الثلاثاء، أمام قادة الدول الإفريقية بالعاصمة الإفريقية أديس أبابا، حصيلة ما جد وكد من أجله الأشقاء والأعداء في حق المغرب والمغاربة. وجعل من خطابه الأول من أعلى منبر مفوضية الإتحاد الإفريقي، مناسبة لإبراز مدى الحب الذي يكنه الشعب المغربي، لكل الشعوب الإفريقية. وفرصة ل(رد الصرف) للخصوم والأعداء. لتلك الأنظمة التي تقتات من وراء التفرقة والتشتت… وجاء الخطاب لتقديم الشكر والتهاني وكذا التوبيخات والإنذارات.. وطبعا فقد كان لكل مجتهد نصيب… فالملك يعرف متى وأين وعلى من … يقطر الشمع … وأين ومتى وعلى من يقطر العسل ؟؟..

… مهما طال الغياب فإن حرارة العودة كانت أحلى ولقاء الأشقاء كان له طبعا خاص. كما أن لقاء من اختاروا حمل العداء للمغاربة، كان له طعمه ولونه عكس ما عاشوا يخططون له.

… بعد طول غياب لقي المغرب كل الترحاب داخل بيته. وشلت ألسنة الرافضين للعودة. وتحركت أياديهم مرغمة من أجل التصفيق لخطاب الملك محمد السادس، الذي ألقى خطاب عودة المغرب من باب الاتحاد الإفريقي الواسع. وكان التوافق الشامل شعار الرد الذي بصمت عليه 39 دولة بكل جرأة وصراحة..  في خطابه التاريخي بالقمة الثامنة والعشرين للاتحاد الإفريقي، الملك محمد السادس لم يعتذر للانسحاب الذي أقدم عليه والده الراحل الحسن الثاني سنة 1984. بل اعتبره ضروريا، كانت تستوجبه تلك الفترة. مشيرا إلى أن تلك المدة التي فارق فيها المغرب بيته (المنظمة الوحدة الإفريقية)، أبرزت مدى حاجة المغرب إلى بيته، ومدى حاجة البيت الإفريقي لأحد أبنائه البررة (المغرب) الأكثر تقدما. هذا البيت الذي لم يوفق أصحابه، حتى في الحفاظ على اسمه ك(منظمة للوحدة الإفريقية). إذ غير اسم البيت في غياب أحد أبنائه (المغرب)، باسم (مفوضية الاتحاد الإفريقي). وكأن البعض كان يسعى إلى إخفاء معالم الوحدة التي يعتبر المغرب من بين مؤسسيها. لم تكن هناك قطيعة للمغرب مع دول إفريقيا. وهذا ما أكده الملك في خطابه. فالمغرب ضل متمسكا بحقوق الأخوة والدم. زيارات واتفاقيات ثنائية، وتعاون في عدة قطاعات. وضل دعم المغرب الاجتماعي والإنساني والعسكري والطبي يتدفق في اتجاه أبناء البيت الواحد، كلما دعت الضرورة إلى ذلك. بعيدا عن حضن (الاتحاد الإفريقي) بأديس بابا. حوالي ألف اتفاقية تعاون، أبرمها المغرب منذ سنة 2000. منها ما سيغير وجه التنمية بعدة دول إفريقية. 46 زيارة للملك محمد السادس لدول إفريقية. مكنت العديد من المواطنين المنحدرين من البلدان الأفريقية، من الآلاف المنح المغربية، لمتابعة تكوينهم العالي. كما مكنت من مشاريع استراتيجية مهمة، كمشروع أنبوب الغاز إفريقيا الأطلسي، الذي سيمكن من نقل الغاز من البلدان الإفريقية المنتجة نحو أوروبا. وطبعا ستستفيد منه كل دول إفريقيا الغربية. ومشروع هيكلة سوق كهربائية إقليمي لإنتاج الطاقة، سينقل عدة دول إفريقية إلى مصاف الدول المنتجة للثروات، وسينعش اقتصادها. ومشروع إقامة وحدات لإنتاج الأسمدة بالشراكة مع كل من إثيوبيا ونيجيريا. وسيبعد شبح الأزمات الغذائية على البلدان الإفريقية. ويضمن لها أمن غذائيا. بالحرس على تفعيل مبادرة المغرب، من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، والتي أطلقها المغرب بمناسبة قمة المناخ "كوب 22". كما أكد أن المغرب ساهم في استتباب الأمن بإفريقيا. خطاب الملك الذي كان واضحا وصريحا، لم يترك الفرصة لتمر، دون التذكير بواقع اتحاد المغربي العربي المر. حيث قال إن شعلة اتحاد المغرب العربي قد انطفأت، في ظل غياب الإيمان بمصير مشترك. وأن الحلم المغاربي، الذي ناضل من أجله جيل الرواد في الخمسينيات من القرن الماضي، يتعرض اليوم للخيانة.ومما يبعث على الأسى، أن الاتحاد المغاربي يشكل اليوم، المنطقة الأقل اندماجا في القارة الإفريقية، إن لم يكن في العالم أجمع. وهي رسالة واضحة إلى دول المغرب العربي. وخاصة الجزائر، وبعدها في المرتبة الثانية والثالثة (موريتانيا وتونس). طبعا فالشقيقة ليبيا تعيش وضعا متدهورا. وكان من الأصح أن يكون اتحاد المغربي العربي ومعه الاتحاد الإفريقي، أول من يبادرا إلى تقديم المبادرات والاقتراحات من أجل وقف نزيف الدم داخلها. وتمكينها من نظام ديمقراطي يحمي أرضها وعرضها…

خطاب الملك شخص واقع الأفارقة المتدهور. وأبرز بجلاء كيف يمكن تجاوز مجموعة من العقبات، من أجل تنمية البلدان الإفريقية. في إطار تشاركي وجماعي. وكيف يمكن للإفريقي أن يعيش داخل بيته (الاتحاد الإفريقي) على قدم المساواة. بعيدا عن الأحقاد والكراهية التي لن تفيد حتى من يشعلونها. فالمغرب فتح أبوابه حتى للمهاجرين غير الشرعيين. ومنحهم حق الاستقرار بالمغرب، ومدهم ببطاقات الإقامة التي تم تمديدها من سنة إلى ثلاثة سنوات. لا يمكن أن نعتبر الإفريقي مقيم غير شرعي داخل أي بلد إفريقي خارج بلده..فهو يتجول داخل بيته وتلك الدول ليست سوى غرف وباحات البيت الإفريقي الكبير. فماذا إذن بعد العودة الميمونة للمغرب إلى بيته (الإتحاد الإفريقي)… بالنسبة للمغاربة فهي ليست هدفا.. بل وسيلة كان لابد من توفرها.. لكي ينطلق النضال من قلب الاتحاد ومع الأفارقة الشرفاء…نضال بطعم الحب والوئام والتشارك والتضامن..بالنسبة للأشقاء فهي خطوة كانوا ينتظرونها بشوق وحنين.. لأنهم مقتنعون أن البيت الإفريقي في حاجة إلى المغرب صاحب الأيادي الممدودة… أما بالنسبة للخصوم، وبعد أن  أرغموا على التصفيق لعودته كرها.. فإنهم يمنون النفس بعبارات من قبيل (على المغرب الالتزام بقانون الاتحاد الذي صادق عليه). في إشارة إلى ضرورة أن يحمي حدود الكيان الوهمي (البوليزاريو) الذي هو كذلك عضوا في الاتحاد الإفريقي.. ناسيين أن القانون يسري على الكل، بما فيهم (البوليزاريو)، الذي عليه أن يحمي حدود المغرب.. فمن من هؤلاء يستحق أن تحمى حدوده… هل هو المغرب الذي يمتلك كل مقومات الدولة، وله كل الأدلة والحجج الدامغة على أن الصحراء مغربية. بدليل أن هيئة الأمم المتحدة، لم توفق في إيجاد حل للوضع. أم هو (البوليزاريو) الذي ليس لديه من أدلة سوى دعم خصوم المغرب، ومخيم العار الذي تحميه الجزائر بقلب مدينة تندوف، حيث المغاربة الصحراويين وبعض الأفارقة محتجزين بالقوة. بدعوى أنهم يمثلون شعب الدولة الوهمية…  وعليه فملف الصحراء المغربية. لن نجد له حلا داخل حضن الاتحاد الإفريقي. ولكن داخل هيئة الأمم المتحدة. لكن عودة المغرب، هي فرصة لوضع الملف على طاولة الدول الأفارقة بشكل جماعي، بعيدا عن المفاوضات السرية والصفقات التي تمرر خلسة. من أجل توضيح الأمور. لكي لا يبقى الملف مطروحا داخل الاتحاد الإفريقي، كما يسوق له خصوم المغرب، وفي مقدمتهم طبعا (الجارة الشقيقة الجزائر التي يرجع لها الفضل في إنجاب هذا المولود المزعج)، و(جنوب إفريقيا التي تنكرت لزعيمها مانديلا ونضالته الإنسانية، بالأخذ على عاتقها رعايته).  

   

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *