الرئيسية / كتاب البديل / ماكرون انتهى… و”لو كان يعلم أن البحر عميق جدا ما أبحر”!!!

ماكرون انتهى… و”لو كان يعلم أن البحر عميق جدا ما أبحر”!!!

 

انصتُّ بتمعن إلى ما قالته سياسية فرنسية مخضرمة يعتبرها المتتبعون لأحداث “فرنسا اليوم” إحدى أبرز الأسماء الناعمة في ساحة العمل الإعلامي والجماهيري الفرنسي، اسمها “فرانسواز ديجوا”، وهي تقول بثقة زائدة: “إيمانويل ماكرون انتهى ولم يعد يعرف ما يفعله بالسنوات الأربع الباقية من ولايته الثانية”، تقصد، الولاية التي بدت منذ البداية طويلةً إلى درجة التأبيد، متأرجحةً إلى حد التَّهاوي والتَّساقُط، وثقيلةً إلى درجة السديمية أو “الكاوتيك”!!!

غير ان الذي لم تُشِر إليه السيدة فرانسواز ديجوا، أنّ ذلك الرئيس المراهق المغرور ماكرون، عندما لم يجد ما يفعله بعد أن نجح في تنفير كل فئات مواطنيه، يمينا ويساراً، نشيطين ومتقاعدين، سياسيين ونقابيين، دون حتى أن يستثنيَ الجمعويين، وهم الآن أكثر عددا، وأثقل وزناً، في ساحة الفعل السياسي والثقافي الفرنسي… أقول، عندما لم يجد ما يفعله أمام انفضاض كل هؤلاء من حوله، وإعراضهم عن مائدته، شرع في التحرش بالمستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا، وبالمناسبة، أخذ يتحرش بدولة وشعب في مثل وزن وعراقة المملكة المغربية، تحت يافطة تحجيم تأشيرات الدخول إلى التراب الفرنسي، وتضييق الخناق على طالبيها، من المغاربة خاصة، مع بعض الممارسات المماثلة ولكن السطحية والكاذبة تجاه الجزائريين والتونسيين على سبيل ذر الرماد في العيون، بينما لسان حاله يرنو إلى ليّ ذراع الدولة المغربية تحديداً، وهي الأمبراطورية الأكثر عراقة وأصالة من كل بلاد الغال العتيقة، التي ما عاد مشتهراً من أعلامها سوى الأضحوكتيْن “أوستيريكس” و”أوبيليكس”، على غرار شهرة “ديلامانشا” في أحدوثة دونكيشوت التي لم تعد تثير اهتمام صغار هذا العصر الموسومين بشيطنة وذكاء قياسيَيْن!!!

ونعود إلى التلميذ المشاغب ماكرون، الذي يعيش مراهقة مستديمة، لنجد أنه خسر كل ما قبله وما بعده، بعناده الصبياني، الذي ربما لا تفهمه ولا تُحسِن التعاملَ معه إلاّ مُرشدتُه ومُعلّمتُه وشريكةُ فراشه بريجيت، التي ما زالت والله أعلم تعامله بنفس أسلوبها عندما كانت مُدَرّستَه… ولذلك لا يجد عنها بديلا، رغم فارق السن، ورغم اختلاف المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وهي الإبنة المدللة لرئيس المحفل الماسوني العالمي، المتحكِّم في أزمّة قادةِ عالمٍ في طور الانقلاب رأساً على عقب!!!

وحتى وهذا المراهق يحاول استمالة اليمين الفرنسي، ومتطرفيه، بما يتخذه من قرارات أحادية في غاية السادية والتطرف، كحظر غطاء الرأس على المسلمات من الفرنسيات وغيرهن، وحظر ارتداء العباءة في الأماكن العامة وداخل مختلف المؤسسات بلا استثناء، وكوصم المسلمين بكل النعوت القادحة، وتعريض صحافيين وإعلاميين معروفين للمساءلة لأنهم عارضوه في ذلك، ضدا على قيم “فرنسا الثورة” ومبادئها، التي اتضح الآن أنها لم تعد سوى كليشيه ميّت لا روح فيه… أقول، حتى وهو يقبل على هذه القرارات الغريبة والمتشنجة وغير المعقولة ولا المبرَّرة، لم يستطع أن يجذب إليه أحداً من مناوئيه، الذين صار تعدادهم بمثل تعداد مواطني فرنسا بالكامل، وهذا ينفرد به ماكرون عن كل من سبقوه من رؤساء الجمهوريات الفرنسية الخمس المتعاقبة، بمن فيهم فرانسوا هولند الضعيف، وساركوزي المرتشي، وحتى الجنرال ديغول بقده وقديده، والذي أطاحت به ثورة الطلبة، التي اندلعت في غرب أوروبا سنة 1968، بتنظير من الماركسي الفرويدي، اليهودي السويدي، هربرت ماركوز !!!

خلاصته، ماكرون يلتهم الآن ذاته في مشهد درامي قل نظيره، بعد أن لم يعد يعرف ما ينبغي عليه أن يفعله بنفسه المتآكلة، وبجمهوريته المتهاوية إلى الأعماق…

وربما، وكما تقول تلك الرسالة الشهيرة من تحت الماء، مع الاعتذار للعندليب المرحوم:
“لَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ البَحْرَ عَمِيقٌ جِدّاً مَا أبْحَرَ”… أصلاً!!!
____________

محمد عزيز الوكيلي
* إطار تربوي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *