لم تكن المسيرة الخضراء مجرد مبادرة ملكية فقط، تجند لها 420 ألف مشارك وإطار مدني وعسكري، ضمنهم 350 ألف متطوعة ومتطوع من مختلف مدن وقرة المملكة .. ولم تكن مجرد وسيلة عبقرية فقط، لطرد المستعمر الإسباني من الصحراء المغربية، بدون إراقة الدماء ولا أسلحة مدمرة . وباعتماد السلاح الثلاثي الفريد والمتمثل في (القرآن، العلم الوطني، صورة الملك الراحل).. ولم تكن مجرد رسالة مفتوحة للتأكيد على أن المغاربة مستعدون للدفاع عن وحدتهم الترابية، وتحصين حدود التراب والهوية.. ولم تكن فقط دروسا وعبر مجانية لكل شعوب العالم، الذين تابعوا مراحلها بإعجاب وتقدير على مدى ثلاثين يوما.. وأصيبوا بالذهول بعد نجاح مهمتها.. أكثر من هذا وذاك.. كانت المسيرة الخضراء تدريبا شاملا وشافيا، استفاد من دروسه ومناهجه المشاركون المغاربة والأجانب المتطوعون لأجل قضيتنا المشروعة. كما استفاد 70 ألف من الأطر المدنية والعسكرية التي كلفت بالإشراف على كل حاجيات المسيرة، بدءا من الإعداد القبلي، ومرورا بالتسجيل في لوائح المشاركين، وانطلاق المسيرة، ومراحل التنقل على متن القطارات والشاحنات والحافلات، والإيواء بمخيمات طرفاية وطانطان وباقي المخيمات المتأخرة.. ونهاية بعبور الحدود الوهمية، واسترجاع الأراضي المحتلة.. والعودة إلى الديار بفوز عظيم ..
وحتى لا نعيد تكرار الحديث ككل مرة، عن مكاسب ودروس وعبر المسيرة الخضراء. ونحن نحتفل بذكراها ال42.. كان لابد أن نغوص في أعماق هذا الحدث المغربي والعالمي البارز والاستثنائي.. ونعرج للحديث عن تفاصيل وعمق ما ميز وأثث للمسيرة الخضراء، وما واكبها من مشاكل واكراهات وصمود بشري.. الحديث عن الوسائل المادية والبشرية التي تمت تعبئتها من أجل أمن وسلامة المتطوعين، وتوفير كل ما يلزم من أجل الصحة والتغذية والإيواء والنقل لكل المشاركين (أطر ومتطوعين)..
الإعداد القبلي للمسيرة الخضراء
جاءت فكرة المسيرة التي هندسها الملك الراحل الحسن الثاني، بعد أن أقرت محكمة لاهاي بتاريخ 16 أكتوبر بمغربية الصحراء. حيث ألقى الحسن الثاني في نفس اليوم خطابا للشعب المغربي، أعلن فيه عن تنظيم المسيرة الخضراء من أجل استرجاع الصحراء المحتلة من طرف المستعمر الإسباني. عهد الإشراف صحة وتغذية وإيواء المشاركين في المسيرة الخضراء لثلاثة جهات معنية. ويتعلق الأمر مصالح الصحة التابعة للقوات المسلحة الملكية، ووزارة الصحة والهلال الأحمر المغربي. ومنح شرف المنسق العام لكل الخدمات الصحية، للطبيب الكولونيل الراحل سليمان نجمي،بتعيينه من طرف الملك الراحل الحسن الثاني. والذي بعد أنهى مهمته رفقة طاقمه المدني والعسكري بنجاح. سهر على إنجاز تقرير مفصل، صاغه في كتاب حمل عنوان (المشاكل الصحية للمشاركين في المسيرة الخضراء)، قدمه للملك الراحل، وإلى ولي عهده آنذاك والملك الحالي للبلاد محمد السادس. فتحت مكاتب التسجيل في كل المناطق بالمغرب للمتطوعات والمتطوعين. ليتم تحديد العدد اللازم بالنسبة لكل عمالة و إقليم وكل جهة، والذي كان يتراوح ما بين 500 و30 ألف متطوع. على أساس أن يصل العدد الإجمالي إلى 420 ألف مشارك (350 ألف متطوعة ومتطوع ، 10 في المائة منهم نساء)، و(70 ألف إطار مدني وعسكري بمعدل إطار لكل خمسة متطوعين). وكان المتطوعون من شمال المغربي أقل عددا من باقي المناطق، باعتبار البعد عن الجهة المقصودة (الجنوب المغربي). وبالفعل تطوع 350 ألف متطوع ضمنهم 35 ألف امرأة. وجاءت بقية حصص العمالات والأقاليم على الشكل التالي : الدار البيضاء (35 ألف متطوع ضمنهم 3500 امرأة)، آكادير (33 ألف ضمنهم 3300 نساء)، مراكش (25 ألف ضمنهم 2500 امرأة)، ومن مدينتي الرشيدية، ورزازات نفس العدد (20 ألف ضمنهم ألفي امرأة)، تيزنيت (18 ألف ضمنهم 1800 امرأة)، ومن طرفاية والجديدة و فاس نفس العدد (15 ألف ضمنهم 1500 امرأة)، مكناس (10 آلاف ضمنهم 1500 امرأة)، ومن مدن القنيطرة، بني ملال، الخميسات، الرباط/ سلا، خنيفرة، سطات، تازة نفس العدد (10 آلاف ضمنهم ألف امرأة). اسفي (7000 ضمنهم 700 امرأة)، من مدينتي أزيلال والصويرة نفس العدد (5000 ضمنهم 500 امرأة). ومن مدينتي قلعة السراغنة وخريبكة نفس العدد (25000 ضمنهم 250 امرأة)، الحسيمة (2000 ضمنهم 200 امرأة)، تطوان (1500 ضمنهم 200 امرأة)، ومن مدينتي وجدة وفكيك نفس العدد (1500 ضمنهم 150 امرأة)، شفشاون (500 ضمنهم 150 امرأة)، ومن مدن ميسور، طنجة والناظور نفس العدد (500 ضمنهم 50 امرأة).
عمليات نقل المتطوعات والمتطوعين وإيوائهم
كل جهة بالمملكة كانت تستقبل متطوعيها داخل مراكز خاصة نصبت بها خيام قبل أن تم نقلهم إلى المركز نقطة انطلاقة مسيرة الراجلين، بالقرب من مدينتي طانطان وطرفاية. وتم الاعتماد على القطارات (حتى مدينة مراكش) والشاحنات والحافلات في عمليات النقل. حيث تم حجز عشر قطارات يومية لنقل المتطوعين إلى مراكش. بعدها استعمال الشاحنات والحافلات إلى آكادير، ومنها إلى المخيمات بضواحي طرفاية وطانطان. وبلغ عدد الشاحنات والحافلات 7813 . كما قدر معدل المسافات التي قطعها المتطوعون ما بين 450 كلم و1639 كلم بحسب نقطة الانطلاقة من أماكن سكنهم وحتى نقطة انطلاق المسيرة مخيمات (طانطان وطرفاية).
مجمعان بطانطان وطرفاية : نقطتا انطلاقة الراجلين
تم اختيار المنطقتين السالفتين (طانطان وطرفاية) بالنظر إلى موقعهما الجغرافي والبيئي، مدينتين ساحليتين غير بعيدتين عن الحدود من الصحراء المحتلة حينها. درجات حرارة بالنهار 39 درجة ومن 8 إلى 10 ليلا رياح رملية وغياب موارد طبيعية. والمتطوعون أغلبهم غير منسجمين مع الطقس الجاف. وهي معاناة كانت منتظرة من طرف الجهة المشرفة على صحة وتغذية المتطوعين. وبناء عليها تمت برمجة الحاجيات اللازمة. فطرفاية مستعمرة اسبانية تقع على الساحل الأطلسي على بعد 14 كلم من الصحراء المحتلة (الحدود سابقا)، وقد تم نصب المجمع الأول على الطريق بينها وبين طاناطان على بعد 14 كلم من مدينة طرفاية. و طانطان تبعد عن طرفاية ب230 كلم. و تم نصب المجمع الثاني قرب الشاطئ على بعد 15 كلم غرب المدينة. وإيواء 250 ألف متطوع استقرت بطرفاية و100 ألف بطانطان. كما تم نصب 35 مخيما بكل مجمع مع إنجاز مسالك وممرات رئيسية بعرض 25 متر، وأخرى ثانوية بعرض 10 أمتار. وتخصيص مساحة أربع هكتارات لكل ألف شخص. ألف هكتار لمجمع طرفاية و400 هكتار لمجمع طانطان. المتطوعون تم إيوائهم داخل نوعان من المخيمات (بيفواك)، منها ما تأوي 5000 متطوع ومنها ما تأوي 12 ألف متطوع. وطبعا فهناك مخيمات خاصة بالنساء. كما كانت هناك عدة أنواع من الخيام دائرية أو مستطيلة سوداء أو بيضاء تبعد كل خيمة عن الأخرى بمسافة ثمانية متر. وكل مجمع به 2000 خيمة، منها (خمسين مهيأة للإشراف وخمسين للصحة ). كل خيمة تحضن 30 متطوع تحت إشراف إطار يتم اختياره من طرف المجموعة، ويسلم له عتاد الطبخ والنوم. وكل خيمة تزود بالأغطية (60)، قنينات بلاستيكية سعة 5 لتر (30)، برميل بلاستيك سعة 275 (1)، براد الشاي (2)، براد القهوة (1) ، طبق الخبز (1) ، طنجرة معدنية، طبق خشبي، ملاعق (30)، سكاكين (30)، صحون (30)، مناديل (30)، حقائب (30)، قنينات زجاجية للماء الشروب(30).
بداية وصول المتطوعين إلى مجمعي طرفاية وطانطان
كان متطوعو إقليم الراشيدية (قصر السوق سابقا)، أول من وصلوا إلى مجمع طرفاية، متبوعين بمتطوعي بإقليم خنيفرة وذلك يوم 20 أكتوبر 197، يعني خمسة أيام بعد الخطاب الملكي. الطبيب الراحل نجمي فطن إلى اختلاف عيش الواصلين، بين إقليم اعتاد سكانه العيش جماعات ومجموعات، وإقليم آخر تعود سكانه العيش فرادى. بين إقليم تعود العيش بنفس طقس طرفاية،وغذاءها، وآخر تعود سكانه على طقس عادي وتغذية سهلة المنال ومتوفرة. وكانت هناك مروحيات طبية تراقب المتطوعين من الأعلى. حيث تمت ملاحظة أن متطوعي إقليم خنيفرة، لم يحركوا ساكنا بعد وصولهم، وجلسوا ينتظرون. فيما كان متطوعو إقليم الراشيدية أكثر نشاطا، وبدئوا ينتظمون لوحدهم داخل المخيمات، كخلية نحل حسب تعبير الطبيب نجمي. حيث تم إفراغ الشاحنات والحافلات من العتاد، وآخرون بدئوا ينصبون الخيام، أو يجمعون الحطب لإشعال النار، أو تشطيب أماكن نصب الخيام وإزالة الأحجار. كما لاحظ المشرفون أن عليهم أن ينتبهوا إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار طرق عيش كل مجموعة وردود فعلها عند الوصول إلى المخيمات، مع مراعاة مدى تلاؤمهم مع الأجواء. وتبين أنه يجب مراعاة العوامل النفسية والسيكلوجية لهم طيلة مكوثهم بالمجمع. لاحظوا أن هناك من يقرا كتب أو جرائد قديمة، وهناك من دخلوا في دردشات بينهم وهناك من بدأ يبرمج كيف سيندمج.. بعدها جاءت بقية القوافل البشرية إلى مجمعي طانطان وطرفاية.
حصص المتطوعين من التغذية اليومية والمياه
أكد الراحل سليمان نجمي أنه تم تخصيص حصص يومية في التغذية لكل متطوع. و انتقاء بشكل علمي وطبي الغذاء اللازم لكل متطوع، لأنه لن يجد مكان آخر للتزود بغذاء إضافي. في كل يوم يحصل كل فرد على مواد جافة (سكر 250 غرام، دقيق 500 غرام، زيت ربع لتر، ثمر 100 غرام، علبة سردين، علبة التونة، علبة حليب مركز) وتم توزيع كميات كبيرة من المواد الجافة بلغت إجماليا كل يوم (سكر 78500 كلغ، دقيق 175000 كلغ، زيت 87500 لتر، ثمر 350000علبة ، ومثلها من علب السردين وعلب التونة وعلب الحليب المركز). كانت تلك المواد توزع على المتطوعين كل صباح من طرف مسؤولي الخيام. كما أن كميات أخرى من المواد الغذائية تكفي لمدة ثلاثين يوما كانت مخزنة بأهم مدن المملكة، ومعدة لنقلها إلى عين المكان إذا ما كان هناك نقص ما في التغذية. كما أن مواد التغذية كانت تتغير تدريجيا على طول مسار المتطوعين .. ومراعاة لمدى تكيفهم مع الطقس الشبه صحراوي .. وخصوصا اللحوم والخضر والفواكه الطرية وكذا مياه التغذية. حيت تم تحديد حصص المياه الخاصة بكل فرد وكل يوم في خمسة لتر. وقد تم استهلاك ما مجموعه 2250 متر مكعب من المياه في اليوم. وهي المياه التي كان من الضروري أن توفر لها وسائل النقل باعتبار أن المياه كانت ناذرة هناك أو غير كافية على شعاع 150 إلى 200 كلم. و كان يجب أن يتم تخزينه ومراقبته وتحليله .. قبل توزيعه للشرب. كما تم تخزين ما يكفي لعشرة أيام كاحتياطي من المياه النظيفة .. صهاريج الماء غير كافية، وكان لابد من اللجوء إلى صب المياه في حاويات. أكثر من 20 ألف برميل سعة كل واحد 270 لتر، تم وضعهما على طول من 150 إلى 200 كلم وفق مسار المتطوعين، مجرورة بشاحنات وحافلات. حيث يمكن للمتطوعين أخذ الماء كلما توقفت قافلتهم .. عوض انتظار التوقف حتى طانطان أو طرفاية. ويتم وضعها بعيدا عن مستودع الوقود وفي منطقة مضاءة ليلا ومراقبة من طرف جنود مسلحين. كما تم تخزين كل تلك المياه وعتاد التخزين الاحتياطي داخل مستودعات عدة أقاليم. بالإضافة إلى المستودع المركزي، حيث جميع الشاحنات ذات الصهاريج التابعة لعدة أقاليم تم وضعها تحت إشراف المكتب الوطني للنقل تعمل من أجل نقل المياه من المستودع إلى المتطوعين. و جميع الشاحنات ذات الصهاريج أو الحاملة للبراميل، وزعت على ثلاثة فئات تعمل بالتناوب لتأمين وصول الماء إلى المخيمات. وكل فئة من الشاحنة يؤمن سيرها عنصرين من الدرك الملكي يستعملان دراجتين ناريتين. وتواجد نقط المياه بآكادير وكولميم وطانطان ومواقع أخرى تم تحديدها بدقة ومحروسة من طرف جنود مسلحين. وعلى صعيد مستودعات الأقاليم. هناك داخل كل خيمة برميل سعته 270 لتر. توفر لثلاثين متطوع حاجة المياه لمدة يومين. وتتاح الفرصة للشاحنات ذات الصهاريج من التنقل من المخيمات إلى مواقع نقط الماء. هناك كذلك شاحنات ذات صهاريج توفر 6000 لتر متواجدة بعين المكان، لتوفر لكل مخيم حاجته من المياه من أربعة إلى عشرة أيام كاحتياط. علما أن عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة هي التي كانت مكلفة بالمياه. فيما تم تكليف وحدة خاصة من البحرية الملكية بالتأمين ضد الحرائق معززين بأربعة مدنيين متخصصين. وقد تم تخصيص 1700 طن يوميا من المواد الغذائية، و6300 طن من المياه و2590 طن من الوقود.
هندسة المسيرة بدأت من العيون
لأزيد من ثلاثة أسابيع ضل المتطوعون والأطر المدنية والعسكرية ينتظرون الإشارة الملكية لانطلاق مسيرة الأرجل من أجل قطع الحدود الوهمية. ومعانقة رمال الصحراء المغربية المحتلة. وتحقق ذلك يوم خامس نونبر 1975 في حدود الساعة السادسة والنصف مساء. خطة المسيرة إلى العيون تمت بتعليمات ملكية رقم (4913) بتاريخ رابع نونبر 1975، حيث تم تقسيم المشاركين إلى فئتين وعلى محورين (محور رئيسي في اتجاه مدينة طاه، ومحور ثانوي في اتجاه أباتيح اكونية). المحور الرئيسي في اتجاه منطقة (طا)، تحرك به متطوعو 27 عمالة وإقليم، باستثناء متطوعي إقليم مراكش ،آكادير وطرفاية اللذين سلكوا المحور الثانوي. مسيرة ب40 ألف متطوع في اليوم. راجلين موزعين على أربعة مجموعات بضواحي طرفاية.. وفي كتلة مدمجة من 2 إلى 3 كلم من الواجهة على 4 إلى5 كلم من العمق. متطوعو مراكش، آكادير و طرفاية استقروا بطانطان الشاطئ، ومنها إلى المحور الثانوي على متن عربات بعدد 12 ألف متطوع كل يوم.. على متن 240 إلى 280 عربة. وتم تزويد المشاركين حينها بمئونة ثمانية أيام. حصص يومين من المسيرة من الصنف العسكري، تحتوي كل حصة يومية على (خبز، معلبات، حليب مركز ، ثمر ) بلغ الوزن الإجمالي 600 طن من المواد الغذائية كل يوم. وكل متطوع مزود بقنينة ماء بلاستيك سعة لترين. والبراميل كل واحد سعته عشرين لتر، يحملها (الكراب) على ظهره . وهو يخص عشرة متطوعين يوزعها على المتطوعين كل يوم يعود إلى شاحنات الدرك الملكي لإعادة ملئها من طرفاية. حيث يتم توزيع 900 متر مكعب كل يوم.
عبور الحدود الوهمية وتحرير الصحراء
مع صباح يوم سادس نونبر، التحق المتطوعون بنقطة الانطلاقة كل بنقطته انطلاقته بالمحور الرئيسي والمحور الثانوي. الكل مستعد… الملك الراحل الحسن الثاني الذي كان يود لو قاد هو بنفسه المسيرة.. أمر وزيره الأول حينها أحمد عصمان بقيادة المسيرة. وانطلاقها يوم السادس من أكتوبر 1975 .. باسم الله .. أحمد عصمان الوزير الأول إلى الأمام… فقد أعطى جلالته الإشارة لانطلاق المسيرة الخضراء في خطابه الشهير الموجه للأمة يوم 05 نونبر 1975، وعاد ليصدر أوامره في اليوم الموالي عبر مكبرات الصوت إلى الوزير الأول أحمد عصمان، من أجل اجتياز الحدود الوهمية، على رأس المتطوعين الأبرار. خاطب الملك الراحل شعبه قائلا: غدا ستخترق الحدود.. غدا ستنطلق في مسيرتك.. غدا ستطأ أرضا هي أرضك.. وغدا ستعانق ترابا هو جزء لا يتجزأ من وطنك العزيز.. وبمجرد ما تجتاز الحدود، يجب أن تولى وجهك شطر المسجد الحرام، وان تؤدي صلاة الشكر لله العلي القدير. وبقي صوت الملك الراحل الحسن الثاني حاضرا في أذهان من حضروا لحظة انطلاق المسيرة عندما قال عبر مكبرات الصوت:” بسم الله مرساها ومجراها ….عصمان خد المقدمة”. ليدخل المتطوعون إلى جزء الصحراء المغربية الذي كان محتلا وتحريره.. وبعدها يومين من المسيرة.. أمر الملك الراحل الحسن الثاني، بعودة المتطوعين إلى المخيمات بمجمعي طرفاية وطانطان. حيث ارتاحوا لبضعة أيام، قبل العودة إلى ديارهم على متن الشاحنات والحافلات والقطارات.
متطوعون من تسعة دول شاركوا في المسيرة الخضراء
متطوعون أتوا تسعة دول عربية وغربية أتوا إلى المغرب للمشاركة والتطوع في المسيرة الخضراء. ويتعلق الأمر بمواطنين من تونس، الأردن، الكويت، العربية السعودية، لبنان، السودان، الغابون، عمان، الولايات المتحدة الأمريكية، حملوا أعلام بلدانهم وعبروا الحدود الوهمية جنبا إلى جنب مع المتطوعين المغاربة.. كانوا قد نصبوا خيامهم على بعد 15 كلم من نقطة الانطلاقة .. أدوا الصلاة فوق رمال الصحراء حسب التعليمات الملكية بتاريخ رابع من نونبر قبل أن يستجيبوا لنداء الحسن وينضموا لمسيرة الراجلين. كما حضر فريق طبي تونسي متطوع مكون من أربع أطباء 14 ممرض.
حصيلة الأمراض والوفيات
بلغ عدد المتطوعين الذين تم فحصهم داخل مراكز الإغاثة والمستشفيات، 40 ألف متطوعة ومتطوع، بنسبة 10 في المائة من مجموع المتطوعين. كما أن 1500 تم علاجهم واستشفائهم، أي بنسبة 3,8 في المائة من مجموعة الذين تم فحصهم. كما توفي خلال المسيرة الخضراء 23 متطوع (منهم سبعة متطوعين قضوا في حوادث سير)، بنسبة 2 في المائة من مجموعة من تم استشفائهم، و0,005 في المائة من النسبة لكل 100 متطوع. كما سجل الفريق الطبي المكلف بصحة المتطوعين، 2678 حالة مرضية، منها 423 حالة اضطرابات في الجهاز الهضمي والإسهال. باقي الحالات المرضية (آلام أسفل الظهر 406، التهاب القصبات الهوائية 317، متلازمات أو أعراض الانفلونزا 194، التهاب الملتحمة الحاد وتحت الحاد(التهاب باطن الجفن) 180، الاضطرابات السلوكية 158، مرض السيلان 192، التهاب مجرى البول (الإحليل) 280، متلازمات الحمى 143، الأمراض الجلدية 92، القمل 76، حمى التيفويد 58، حالات عامة سيئة 40، التهاب الملتحمة النزفي الحاد 33، التسممات الغذائية 18، قرح زهري 07، مختلفات 61. كما بلغ عدد الحالات المتعلقة بالجراحة 482. وزعت بين عدد الإصابات والصدمات 257 حالة، عمليات جراحية صغيرة 162 حالة، جراحة البطن 63، الحمل 22، الإجهاض 07، الولادة 03، الحمل خارج الرحم 01. وبلغ عدد المتطوعين المصابين بأمراض مختلفة قبل مشاركتهم 335. منهم حالات آلام المفاصل 185، أمراض القلب 55، اضطرابات نفسية خطيرة 25، أمراض السل 26، أمراض الكلي 17، مرض الربو 14، مرض السكري07، الفتق الإربي 06. إضافة إلى الحالات المرضية التي لها علاقة بظروف العيش الجديدة (التغذية المبيت السير السكن الطقس) والتي بلغت 1655 حالة. حيث بالنسبة للتغذية سجلت 499 حالة، اضطرابات الجهاز الهضمي 423، حمى التيفويد 58، التسمم 18. وعدد الحالات المرضية بسبب الطقس 691. منها التهاب القصبات الهوائية 317، أعراض الانفلونزا 194، التهاب الملتحمة 180. وبالنسبة للأمراض الناجمة عن السكن 465. منها أمراض جلدية 92، القمل 76، أمراض منقولة عن طريق الاتصال الجنسي 199، اضطرابات سلوكية 158. بالنسبة لالتهاب الملتحمة على مستوى العين. فقد تم الوقوف على حالة بها نزيف شبيه بحالة العدوى التي ظهرت بالمغرب سنة 1970، وقد تم الاهتداء إلى تواجد فيروس مصنف ( 70ENTEROVERUS )، وتم وقاية المتطوعين منه. وتمكنت المنظمة الصحية من احتواء الوضعيات الصحية لكل المتطوعين والأطر، وتفادي انتشار الفيروسات والأوبئة بفضل نظام صحي محكم.
البنية التحية الصحية والتجهيزات والموارد البشرية
قال سليمان نجمي أنه بعد يوم واحد من الخطاب الملكي السامي الذي أعلن فيه عن تنظيم المسيرة الخضراء، تم عقد اجتماعين عامين بمقر وزارة الصحة، جمعا مسؤولون الوزارة ومصالح الصحة العسكرية والهلال الأحمر المغربي وقطاعات صحة خاصة، تحت إشراف الكاتب العام بوزارة. حيث تم وضع استراتيجية العمل مشتركة لتغطية الصحة العمومية الخاصة بالمتطوعين، تحت إشراف الوزارة ومفتشية مصالح الصحة للقوات المسلحة الملكية. وتم توزيع المهام والمسؤوليات والمكلفين بالتواصل والربط. كما تم تشكيل لجنة صحية مهمتها التواجد بعين المكان، وتوفير كل العتاد والموارد البشرية اللازمة، وخصوصا عند إيواء المتطوعين على الحدود الوهمية بضواحي طانطان و طرفاية، وكذا عند العودة. و تكونت البنية الصحية خلال المسيرة الخضراء من فرق طبية تصاحب المتطوعين في المسيرة تنتمي إلى مختلف عمالات وأقاليم المملكة. وعددها تسعين. كل فريق طبي مكلف ب5000 متطوع خلال النقل والمسيرة والإقامة. كل فريق طبي مكون من طبيب وممرضين ومساعدين طبيين، ومن 2 إلى 4 تقنيين للصرف الصحي ومزودين بسيارة أو سيارتي إسعاف. كل الأطر والتجهيزات تكون تابعة للعمالة أو الإقليم التي تتواجد بها الفرقة الطبية. مجموع الأطر الطبية 90 طبيب 180 ممرض 180 مساعد طبي 280 تقني الصرف الصحي و250 سائق وازيد من 220 سيارة إسعاف. ثلاثة مستشفيات متقدمة جاهزة للاستقبال على الحدود، المستشفى العسكري بطانطان، المستشفى المدني ومستشفى الجراحة العسكري بطرفاية، خمس مستشفيات متأخرة بمدن( تارودانت، تيزنيت، بويزكارن، سيدي إيفني، كولمين)، بالإضافة إلى ثمان مراكز للإغاثة مدنية وعسكرية على الحدود وعلى طول مسار المسيرة. ومركز ايت ملول (tranzit) بالقرب من آكادير، ومستشفى الحسن الثاني بآكادير وهو مستشفى عسكري مركزي. مهمته السهر على تكوين فرق تقنية وطبية، عهد إليها مصاحبة المتطوعين من اكادير وتيزنيت وطرفاية، وعددها إحدى عشر فرقة طبية. وضع البنية التحتية الطبية اللازمة والكافية من حيث العتاد الطبي والموارد البشرية بكل المناطق الطبية المحددة بالجنوب. إتمام تجهيز المستشفيات المتأخرة بترادونات سيدي ايفني بويزكاران كوليمين وطانطان. تجهيز المستشفيات الجراحية بطرفاية بسعة 200 سرير لوقف الإحالات على مستشفيات الداخل حيث البعد.عزل المرضى المشكوك في حالاتهم وإخضاعهم لعلاج بعين المكان من طرف متخصصين في الطب والجراحة. نصب مراكز الإغاثة وسيارتي إسعاف بكل مركز على طول المسار وعلى بعد مائة كلم كفاصل بين كل مركز. من بين المهام الأخرى لمستشفى اكادير المركزي كان هناك إجراء التحاليل الطبية للمرضى، والإشراف على مخزون الأدوية والتخطيط للحاجيات والبرمجة. ومن أجل الاستجابة للحاجيات الطبية وضع المستشفى، صيدلية مركزية بها الأدوية والعتاد الطبي بارتباط مع صيدلية أخرى تم نصبها بالقرب من نقط تواجد المتطوعين بالمجمعين. و نصب مستودع لأجزاء السيارات مع شاحنتين للإصلاح. ومركز نقل الدم مزود بشاحنتين خاصتين لنقل الدم منحهما المركز الوطني لنقل الدم بالرباط. و مختبر مركزي مزود بشاحنتين خاصتين منحتا من طرف المعهد الوطني لحفظ الصحة بالرباط. وكان مستشفى أكادير العسكري يتوفر على 378 من الأطر الطبية والإدارية. الجراحون 12، الأطباء 5، أطباء العيون 3، أطباء التخدير 2،أبطاء القلب 2، أبطاء الأذن الأنف الحنجرة 2، أطباء الفحص بالأشعة 2، أطباء نفسانيين 2، أطباء الأسنان 1،طبيب نسائي. الى جانب مساعدين طبيين حاصلين على دبلوم الدولة 9، ومساعدين طبيين المعتمدين على براءة الاختراع 100 ، ومساعدين تقنيين 30. وفي الإدارة مديرين، مقتصدين، وكلاء التنفيذ 16. كما بلغت طاقته الاستيعابية 600 سرير به كل الاختصاصات الطبية والجراحية، مدعومين بفريق طبي تونسي متطوع مكون من أربع أطباء 14 ممرض. بالنسبة لمركز أيت ملول وهو مستشفى للعبور، لا تجرى به أية عملية جراحية، كان يستقبل المرضى من أجل مدهم بالإسعافات الأولية، وبعدها يحالون على مستشفيات كبرى في حال إصابتهم بأمراض تستدعي الجراحة أو التشخيص أو .. وعلى بعد كلمترات قليلة من اكادير يستقبل المرضى والاستشفاء داخل خيام مع المداومة إلى حين الإحالة أو الشفاء. كما أن سعة المستشفيات الخمسة المتأخرة 745 سرير، وطاقم طبي مكون من 27 طبيب ضمنهم طبيبين مخدرين، الجراحون 12، الصيدلانيون3، مساعدون طبيون حاملو دبلوم الدولة 44، مساعدون طبيون عاديون 82، مساعدون تقنيون 45، أطر الإدارة 12، موظفو التشغيل 8. علما أن مستشفى طرفاية تمت تهيئته من طرف مفتشية مصالح الصحة العسكرية، وهو مستوصف اسباني كان مهجورا. مكون من بناية سفلى وطابق أول (ثلاثة غرف كبيرة ). أصبح طاقته الاستيعابية 200 سرير، و مهمته الحد من الإحالات إلى اكادير وعزل المرضى المشكوك في حالتهم والعلاج الآني بعين المكان والجراحة. تم افتتاحه من طرف الأميرة للا مليكة رئيسة الهلال الأحمر المغربي بحضور وزير الصحة حينها ومفتش الخدمات الصحية العسكرية. هذا المركز كان يلعب دورا كبيرا مع المستشفيات المتقدمة والمستشفى المركز باكادير. به صيدلية بالطابق السفلي وشاحنة مختبر وشاحنة نقل الدم وبجانبه تم نصب مستشفى عسكري يسع 30 سرير، قريب من مطار صغير يستقبل الطائرات الصغيرة والمروحيات. اما مستشفى طانطان على بعد 230 كلم من طرفاية و331 كلم من أكادير، فقد تمت تهيئته بسرعة من طرف مفتشية مصالح الصحة العسكرية داخل بناية جديدة تابعة لوزارة الشباب والرياضة ، يسع ل30 سرير. مؤطر فقط من طرف أطباء عسكريين. كما تم إحداث على طول الحدود الوهمية وبالقرب من مراكز الدرك الملكي .. كل مركز مزود بطبيب وممرضين وسيارة إسعاف. كل الوسائل المادية والبشرية تعود لوزارة الصحة والمصالح العسكرية والهلال الأحمر المغربي. وعددها الإجمالي 899 إطار طبي وتقني وإداري. كل فريق طببي كان مزودا بالأدوية والأمصال (الصيروم) واللقاح اللازم والكافي، وسيارة إسعاف ومجموعة عتاد خاص بالطوارئ. كما وفر الهلال الأحمر المغربي موارد بشرية طبية ومساعدة لتقديم العلاجات الأولية ودعم الاستشفاء. حيث وفر ألف طبيب وممرض ، 12 سيارة إسعاف، 10 حافلات، 06 شاحنات. خيام ، أفرشة وأسرة، وأدوات الصيانة، نقالات. كان هناك جهاز مركزي سمي بمركز القيادة المشكل من الثلاثي (الوزارة المصالح العسكرية الهلال الأحمر)، الذي يضع كل الإمكانيات المادية والبشرية رهن إشارة المتطوعين. يليه في الترتيب التنازلي المنسق وهو الطبيب العسكري سليمان نجمي الذي كان ينسق بين القيادة المركزية والمستشفى المتنقل المتقدم من جهة وبين كل من الطبيب الرئيسي والبيطري ومهندس الصحي. هؤلاء المشرفين المباشرين على التنسيق مع كل من مسؤولي الفرق الطبية بالمخيمات ومسؤولي المستودع الخاص بالماء والتغذية وباقي المستشفيات.
كما أن مركز ايت ملول، مكن المرضى من العلاج قبل الإحالة على مستشفى آكادير . واستفاد أزيد من15000 متطوع من خدمات المستشفى عند المسيرة و8000 عند العودة. وتنوعت الأمراض بين الاضطرابات في الجهاز الهضمي، ضربات الشمس، الصداع، آلام أسفل الظهر و غيرها مما يتعلق بمعاناة النقل وطول السفر.. وبمستشفيات طانطان، تقدم 3211 متطوع تقدموا من أجل الاستشارات والفحص الطبي. و 1344 حالة طبية و1865 حالة جراحة. 3 وفيات وحالة مستعجلة واحدة. وبتحليل أنواع الأمراض بطرفاية نجد أن أمراض الإسهال و التهاب القصبات الهوائية وأعراض الانفلوزا والفيروسات .. كانت الأكثر انتشارا .. حيث تم تسجيل .. الاسهال (304 )، التهاب القصبات (198)، الانفلونزا (194)
الجوانب الوقائية خلال المسيرة
تنقل التجمعات البشرية من منطقة إلى أخرى يكون سبب في تفشي الأوبئة والعدوى والجراثيم الناجمة عن الفيروسات أو الطفيليات. ويكبر معها احتمال الإصابة بأمراض جديدة بسبب التغيير في نمط العيش والطقس و.. كما أن تلك المجموعات المتنقلة قد تنقل معها الأمراض والأوبئة. وهو جعل الجهات المعنية بصحة وتغذية المتطوعين تحرس كل الحرس على معرفة أدق الملاحظات الخاصة بسلوكيات المتطوعين اليومية. ومدى تجاوبهم مع الطبيعة والتغذية والمبيت والأجواء المصاحبة لها.
معضلة المراحيض شغلت المتطوعين والمشرفين
في سابقة من نوعها تم إبداع مراحيض خاصة فردية، تمت صناعتها باعتماد الأوراق والقماش والرمل، بها لوحين خشبيين حيث يضع المتطوع رجليه وهو متخفيا بالكامل. صنعوا من طرف عباقرة عسكريين، وبعد أن تم تأطير بعض المتطوعين لصنعها
سميت ب(FEUILLEES DE FORTUNE) تم تصويرها من طرف الصحافة الدولية. مراحيض شبيهة صنعت للنساء توفر العزلة والحميمية. تم توفيرها للكل حيث تم وضعها خلف ستائر مغطاة .. كلفت هذه الأوراق الفردية مبالغ مالية مهمة، حيث تم إلقاؤها عبر المظلات ، 300 ألف حقيبة، و20 ألف متر من نسيج قماش القنب، و500 متر مكعب من الألواح الخشبية. دون احتساب عدد الساعات التي كلفت من أجل صناعتها. مبادرة لم تلقى الترحاب من طرف مجموعة من المتطوعين وخصوصا المتطوعين القرويين، حيث كتب الدكتور الراحل نجمي أن: حكاية مضحكة تستحق الإشارة إليها.. خلال زيارة له رفقة وفد طبي لأحد المخيمات . فاجأوا متطوعين يقضون حوائجهم البيولوجية في الخلاء.. وتم اصطحابهم إلى حيث تلك المراحيض لتفسير كيفية استعمالها.. وبعد الزيارة والتفتيش والتفكير، أحد المتطوعين قال لهم: كنت أظنها صناديق محصنة، فيما أكد آخر أنه يحبذ قضاء حوائجه في الخلاء.. وهنا بطرفاية لا ينقصنا الخلاء.. فلماذا تصرون على وضعننا داخل هذا القالب لقضاء حوائجنا؟..). بعدها اتضح أن الاختراع لا يعجب معظم المتطوعين. ولوحظ أن الناس يقضون حوائجهم بضواحي المخيمات والشاطئ. وهو ما تسبب في وضع بيئي متدهور، وجب تغييره لتفادي التلوث والأمراض .. ليتم التفكير في بديل لتلك المراحيض. وإحداث ما يشبه الحوش باعتماد الأحجار. طوله 100 متر وعرضه 50 متر. له مدخل واحد وبدون سقف. على أساس أن الروائح لا تصل إلى المخيمات باعتماد اتجاه الرياح.. وشارك المتطوعون في بناءها إلى جانب العسكريين. وتم تجنيد فرق خاصة بتطهير المكان وإزالة الروائح الكريهة للحد من التلوث والحشرات والذباب .. تم جلبها من عدة عمالات وأقاليم .
مشاكل القمامة والنظافة لدى المتطوعين
التخلص من القمامة المنزلية: تم التوافق بين كل الأطراف الثلاثية في اجتماعات قبيلة (17 أكتوبر 1975) على توفير نقط للتخلص من النفايات المصاحبة للمسيرة والمخيمات على مستوى المخيمات إنجاز حفر، التي تكون مرشوشة بمادة الكلور والجير ، الحفرة حجمها 3 متر مكعب، لكل 10000 متطوع في اليوم الواحد. العملية لقيت اكراهات بعض الأراضي الصخرية، التي لا يمكن حفرها. على المتطوعين أنفسهم جمع الأزبال، وشاحنات تمر لجمع تلك الازبال حيث يتم طمرها داخل الحفر التي تكون بعيدة عن المخيمات والبحر. النفايات عبارة عن (قنينات بلاستيكية وعلب معدنية وبقايا الخضر والفواكه و..)، عملية طمر النفايات تمت بطرق علمية.. كما شكلت ثلاث فرق لتنقية وتطهير الشاطئ. كان المتطوعون يتلقون خمس لتر من الماء النظيف يوميا وطبعا فهم لا يستعملون تلك المياه في التنظيف والغسيل. وهو ما تسبب فيما بعد في مشاكل صحية حيث في اليوم 15 من إقامة المتطوعين بمخيمات طرفاية. ظهر وباء حشيش القمل، حيث تم اقتراح أن يقوم المتطوعين بالاستحمام الجماعي بالبحر . وتم تعريضهم للرش بأدوية ضد القمل وكذا أقبل العديد على حلاقة شعر رؤوسهم. وكانت عمالتا طانطان وطرفاية تنقلان يوميا على متن الشاحنات والحافلات من 5000 إلى 10000 متطوع في اتجاه البحر، من أجل الاستحمام والسباحة. حيث كانت فرصة للاسترخاء والرقص والغناء لدى البعض. بعض هؤلاء لم يروا البحر من قبل. لذا تم تخصيص مجموعة من معلمي السباحة لمراقبة المصطافين، إضافة إلى عناصر من الدرك الملكي كانوا على متن مروحيات يراقبونهم من فوق. وفرق طبية وحفظ الصحة تداوي ملابس المصطافين، وآخرون يداوون الخيام والأفرشة والأغطية بالمخيمات. بالنسبة للنساء فقد تم تخصيص شواطئ خاصة بهن تحت إشراف أطر نسوية، معظمهن من المؤسسات الاجتماعية التابعة للقوات المسلحة الملكية وأخريات مدنيات مقترحات أو متطوعات. حيث تم استحمام 20 ألف متطوع من عمالة واحدة من 24 إلى 48 ساعة وهو ما ساعد في القضاء على وباء القمل. كما واجهوا مشاكل التسممات، بسبب انتشار العقارب والأفاعي وباقي الحشرات السامة.
من هو سليمان نجمي الذي منحه الملك الراحل شرف مهام المنسق العام لمصالح الصحة الخاصة بالمسيرة الخضراء ؟
درس التعليم الابتدائي بمدينة ابن سليمان والاعدادي بالخميسات والدار البيضاء الطبيب الكولونيل سليمان نجمي حاصل على الدكتورا في الطب من كلية الطب والصيدلة بليون الفرنسية كما حصل على عدة شواهد عليا دولية في عدة تخصصات مدنية وعسكرية (بيولوجيا، الأمراض المعدية، دراسة الأوبئة). بكل من ليون وفال دوكراس ومعهد باستور بباريس . عمل أستاذ بكلية الطب والصيدلة بالرباط ورئيس قسم البيولوجيا بالمستشفى العسكري محمد الخامس، وكلف بمهام التشخيص، التوقعات، والبحوث الأساسية والتطبيقية وتكوين الأطر المدنية والعسكرية المغربية والتابعة لدول صديقة. نجمي كان خبيرا داخل منظمة الصحة العالمية في الأمراض الفيروسية. وكان عضوا في اللجنة الاستشارية العالمية للبحث الصحي لدى المنظمة بداية داخل المنطقة الأوربية وبعدها بمنطقة المتوسطية والشرق. كما شغل مهمة عضو بالأكاديمية الطبية الفرنسية. لديه عدة أبحاث طبية في مجالات تخصصه (الجراثيم والأوبئة والفيروسات والأمراض المعدية .. ).
ملاحظة ..
الملف تم نشره يومي السبت والأحد (4 و5 نونبر 2017) بجريدة الأحداث المغربية في ثلاثة صفحات وكان هو الملف الرئيسي للجريدة
المسيرة الخظراء المظفرة تحية.لجميع المتطوعين والمتطوعات