الرئيسية / كتاب البديل / محمد الوكيلي يهمس لنا  : الجزائر  .. ظاهرةُ زمانها!!

محمد الوكيلي يهمس لنا  : الجزائر  .. ظاهرةُ زمانها!!

 

لا يمكن أن يصدر هذا السلوك الدنيء إلا عن نظام فقد كل القيم، وكل معاني الإنسانية، ومعها الأخلاق والمبادئ الكونية التي لا يختلف عليها اثنان، والتي زكّتها الرسالات السماوية، وجعلتها من ركائز تلك الرسالات، كالسماحة، والعفو عند المقدرة، وحسن المعاملة، وحُسْن وِفادة الضيف، وإكرام الجار، الذي ظل النبي الأعظم يوصي به حتى كاد أن يورثه كما جاء عند أهل الحديث…

الواقع، الذي دفعني إلى هذه التوطئة، واقع جزائري بامتياز، فقد ردّت الجزائر على طلبات إحدى أسر ضحايا جريمة السعيدية، التي تتوسّل لاسترجاع جثة ابنها القتيل، والمسجى داخل إحدى ثلاجات مستودع الأموات هناك، بمطالبة الأسرة المكلومة على التوالي بما يلي:
1- الامتناع عن الإدلاء بأي تصريح للصحافة المغربية والأجنبية بخصوص حقيقة هذه الجريمة الشنيعة، والقول إن فقيدها مات غرقاً، مما يستدعي بالضرورة تسليمه في صندوق معدني يتشكّل من قطعة واحدة يستحيل فتحها إلا بقطعها بمنشار كهربائي أو تذويبها مما لا يجوز المغامرة به لوجود جثمان بداخله في طور التحلل والتعفن!!!

2- دفع مبلغ من المال، يقال إنه حُدد في 40 ألف يورو (حوالي 43 مليون سنتيم) حتى يتسنى استرجاع الجثة؛

3- لتتويج هذا العته، والانحراف الأخلاقي، أصدرت إحدى محاكمهم، المُسَيَّرة عن بُعد، حكمها على الشاب المعتقل لديهم من بين ضحايا الواقعة ذاتها حكما بستة أشهر سجناً نافذاً، وبغرامة يزيد مبلغها على ثمانمائة ألف درهم (80 مليون سنتيم كل مليون ينطح مليون) لكي يُنظَر في إمكانية تسليمه لسلطات بلده في فرنسا أو المغرب في إطار المعاهدة الأممية لتبادل المعتقلين، ولكي يقضي مدته السجنية في موطنه!!!
هاهم الآن يتاجرون في جثث ومآلات ضحايا فعلتهم الإجرامية!!!

والمصيبة العظمى لدى أغبياء هذا النظام المعتوه.. ولدى حوارييه وشَيّاتيه، أنهم يعلمون، حق العلم، بأن فيديوهات مختلفة نَقلتها وسائل إعلام غربية ودولية تُبيّن جانباً من واقعة القتل العمد الذي تعرض له الضحيتان، اللتان قالت المصادر ذاتها إنهما قتلا في “عملية إعدام” مقصودة لا يمكن أن تقع إلا بأوامر صادرة عن القيادة العليا لجيش الصعاليك، ونَقلت بالموازاة مع ذلك تصريحاتٍ حيةً لأخت أحد القتيلين، صحافية معروفة، وهي تصريحات متطابقة مع ما قاله الشاب المحظوظ الذي استطاع الفرار من مسرح الجريمة دون أن يطاله رصاص الخِسَّة والدناءة الجزائريتين، وأنّ العالم قاطبةً أخذ علما بحقيقة الأمر من هذين المصدرين، فضلا عن البيان المحتشم، والرديء إلى درجة القرف والغثيان، الذي أدلت به الخارجية الفرنسية…
وهل تستطيع فرنسا المنافقة أن تفعل شيئا غير التغطية بطريقة أو بأخرى على جريمة بيادقها ولقطائها المتربعين على مقاعد الحكم في حديقتها الخلفية، خاصة وأن الأمر يتعلق بضحايا “مغاربة الأصل”، وأن المغرب بالذات، هو المؤثّر الرئيسي فيما تتعرض له فرنسا ومكانتُها وسمعتُها من المهانة والانهيار، في إفريقيا الجديدة، “إفريقيا الثائرة”، التي يعتبر المغرب أحد الفاعلين فيها، والدافعين فيها باتجاه سحب البساط بطوله وعرضه من تحت أقدام الاستعمار الفرنسي الجديد… ولأن المغرب كان السبّاق والمبادر إلى إفهام فرنسا، الذليلة المنافقة، بأن زمن هيمنتها الناعمة قد ولى، وبأن إفريقيا، والمغربُ أحدُ أكابر الفاعلين فيها، قد اتخذت قرارها الذي لا رجعة فيه، بنزع الرضّاعة من الفم الفرنسي، وإجبار صاحبة ذلك الفم على فطامٍ آن اوانُه… بل قد تأخر مجيئُه ردحاً من الزمن!!!

ونعود إلى سماسرة المآسي، الذين رغم غازهم ونفطهم السائبَيْن، ورغم ملايير دولارات ذهبهم الأسود، لا يجدون أدنى حرج وهم يمدون أيديهم، كالمتسوّلين بل هم كذلك، طمعا في ملايين من السانتيمات لن تفلح في سد حاجياتهم اليومية الملحة إلى مواد غذائية أساسية لم تعد تعرفها أسواقُهم، ومن بينها عَدَسٌ صار بمثابة الفارس الذي لا يشق له غبار، ما دام مواطنوهم يشترونه الآن بالتدخلات وبالواسطة، وبطلبيات مكتوبة ومُسْبَقة، وكذلك بأذونات صادرة عن السلطات المحلية… ياله من انحطاط!!!

بعد كل هذا التردّي… أليست هذه الجزائر ظاهرةَ عصرِها بامتياز، وبالملموس؟!
___________
* إطار تربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *