الرئيسية / الصحة و التغذية / محمد عزيزي الوكيلي يحكي بمرارة عن: وسائل التواصل… وبنطلون جلالة الملك!!

محمد عزيزي الوكيلي يحكي بمرارة عن: وسائل التواصل… وبنطلون جلالة الملك!!

 

قلة الشغل مصيبة، وعدم إدراك ذلك مصيبة أعظم، أما إدراكه مع عدم معالجته فتلك قمة المصائب وقمة العبَث!!!

منذ أيام ظهرت صور لجلالة الملك بأحد شوارع العاصمة الفرنسية مصحوبا بولي العهد صاحب السمو الملكي مولاي الحسن وصاحبة السمو الملكي لالة خديجة، فيما يمكن وصفه بالنشاط الأُسَري العادي الخالي من الرسميات ومن تفاصيل وقيود البروتوكول الملكي…

غير أنّ أصحاب ومنشطي بعض وسائل التواصل الاجتماعي، ممن لا شغل لهم ولا مَشْغَلة، تركوا موضوع الظهور الجديد لجلالة الملك بدون عكازه الطبي، وما أثاره ذلك لدينا جميعاً من مشاعر الارتياح، فضلا عما تركه ظهوره رفقة نجله وكريمته، في نفوس المتتبعين المغاربة على الخصوص، من مشاعر الفخر والاعتزاز بأبوة الأب وبنوّة الأبناء، طبقاً لما تقتضيه تقاليد الأسر المغربية الأصيلة والتليدة…

تركوا كل ذلك، وذهبوا يبحثون في رسائل لا أعتقد أن الجناب الشريف ألقى إليها بالاً أو جعلها ضمن اهتماماته، فقال بعضهم إن مجرد ظهوره سليماً معافى، لله الحمد والشكر، يعتبر رسالة موجهة للنظام الجزائري وإعلامه المراحيضي، اللذين كانا، في كل ما صدر عنهما على هامش زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون للمغرب، مُرَكّزَيْن على العكاز الطبي الذي كان جلالة الملك يستعين به ويتّكئ عليه، وعلى مشيته التي بدا منها أنه يشكو فعلا من وعكة صحية، قيل لنا فيما بعد إنها ذات صلة بعَرق النَّسَا، أو السياتيك، وطَفِقَا يُحيكان القصص والأقاويل عن أمور أخرى ملئى بالكذب والافتراء كعادتهما في كل المناسبات!!

ولم يكتف خالِيُو الشغل بهذا التركيز الزائد على تفاصيل الظهور الملكي، التي تبدو أكثر جانبيةً وسطحيةً، بل أجروا قراءة في غاية الغرابة لعبارة باللغة الإنجليزية مطبوعة على بنطلون الجينز الذي كان جلالة الملك يرتديه، أثناء ظهوره ذاك، تقول ترجمتُها “مَن بيده اتخاذ قرار الحرب” أو شيئاً من هذا القبيل، واعتبروا ذلك بدوره رسالة موجهة إلى حكام الجزائر بشكل خاص، حتى أن بعضهم اعتبر تلك العبارة تهديدا صريحا بالحرب ضد الجزائر، علما بأن ذلك البنطلون، بتلك العبارة بالذات، تُباع منه آلاف النسخ، ويرتديه آلاف الأشخاص من مختلف الأعمار والجنسيات والثقافات!!

المهم… أن مَن لا شغل لهم ولا مَشْغَلة، انطلقوا كالعادة في التفسير والتأويل، ليصل بعضٌ منهم في نهاية المطاف إلى ترقّب رد جزائري، ليس من الغريب أن يأتي فعلاً من حكام الموراديا السكارى، الذين من ميزاتهم الخاصة أنهم يتتبعون ما يُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي، أكثر من اهتِمامهم بالأخبار والمواقف الصادرة عن وسائل الإعلام والمصادر الأخرى الموصوفة بالرسمية!!

هكذا… نُلفي أنفسنا مضطرين مرة أخرى، بعد مرات سابقة، إلى الحديث عن وسائل التواصل الاجتماعي، التي تطفّلت عليها عيناتٌ بشرية ليس بينها وبين قواعد الإخبار والتحليل والتنوير إلى الخير والإحسان!!

نهايته… هل سيحتاج ملك البلاد، القائد الأعلى لقواتها المسلحة الملكية، إلى سروال دجينز مكتوبة عليه عبارة بالإنجليزية صاغها أحد مصممي الأزياء في باريس، أو في غيرها، ليوجّه من خلاله رسالة إلى نظام يهددنا بالحرب يومياً، صراحةً وبلا هوادة، ويسبنا ويشتمنا يومياً بكل اللغات واللهجات وبلا انقطاع، ويتهمنا بكل الجرائم التي هي في أساسِها جرائمُه، وبكل الاعتداءات على سلامة الجزائريين التي هي في حقيقة أمرِها اعتداءاتُه، ثم ينظّم على شرفنا استعراضاً عسكرياً ضخماً يستهدفنا به مباشرة وبلا مساحيق، فضلاً عن ألعابه النارية التي يتلهّى بين الحين والآخر بفرقعتها على مرمى حجر من حدودنا؟!!

هل يحتاج المغرب ملكاً قائداً وحكومةً وأمّةً إلى ذلك البنطلون العادي والبسيط ليرسل بواسطته رسالة حربية إلى معربدي الموراديا وأزلامهم؟!

أليس في هذا التأويل العبَثي انتقاصاً من القيمة الاعتبارية للدولة المغربية الأمّة، ولمؤسستها الملكية التي تأتي في قمة القمم مقارنة مع نظام جارٍ مصاب بكل أشكال الكساح الفكري والهيكلي والسلوكي، والذي يقضي سحابات أيامه، مثل خاليي الوفاض أصحاب قنوات التواصل هؤلاء، في البحث عن قطعة عَظمٍ يتلهّى بقضمها كما تفعل كلاب البوادي، ليأتي إليه أصحاب هذه القنوات التواصلية المسطّحة بمثل هذه التأويلات الهجينة فتثير انتباهه وتُسيل لُعابَه؟!!

ومن يدري، فقد يتلقّفها ذلك النظام المعتوه ويعتبرها فعلا إعلانا رسمياً للحرب، ولكنه إعلان ليس في شكل بلاغ عسكري رسمي يحمل الرقم “واحد”، ككل البلاغات الحربية التي عرفها تاريخ البشرية، وإنما بلاغ في هيأة بنطلون مطبوعة عليه عبارة بلغة أجنبية تحمل أكثر من معنى، وأكثر من دلالة؟!!

وكما يقول المثل المأثور في مثل هذه المواقف السطحية والغبية والسائبة: “إذا عمّت هانت”!!!
__________
* إطار تربوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *