الرئيسية / كتاب البديل / محمد عزيز الوكيلي يؤكد .. من بين كل جيوش العالم!!!

محمد عزيز الوكيلي يؤكد .. من بين كل جيوش العالم!!!

 

في التاريخ الحديث، وفي عصر تسعى فيه الدول، كل الدول، التي تحترم نفسها، إلى تكريس سيادتها الوطنية، وتأمين سلامة مواطنيها، وضمان أمنهم الاقتصادي، واستقرارهم الاجتماعي وتَمَيُّزِهم الثقافي…
وتحرص فيه جيوشها على حماية حدودها والذود عن حريتها واستقلالها ودفع المعتدين على حدودها وعلى أهاليها…
في هذا الإطار المفاهيمي والتنظيري والعملي، السائد في كل بلاد المعمور، لا يمرق خارج السرب، ولا يسبح ضد هذا التيار العالمي، الكوني المسالم، إلا نظام واحد، وجيش واحد، دون سواهما، هما النظام الجاثم على صدور الجزائرييين، وجيشه الموصوف من لدن ذويه بالقوة والعظمة، وعلى لسان رئيس دولته بكون جبابرة الأرض يخرون إلى الأذقان ساجدين لمجرد ذكره… بينما اثبت هذا النظام، وهذا الجيش هو ذاته، بأنه أنذل وأخسّ وأجبن جيش في عالم اليوم، حتى لا أقول في التاريخ الإنساني، لأنه لم يجد أمام قوة المغرب وانتصاراته المتوالية والمبهرة سوى التعرض لشبان أبرياء كانوا يمارسون نشاطاتهم السياحية والترويحية فوق مياه تقع على حدود غير مشوَّرة، وبالتالي لا يظهر فوقها ما يمكن أن يعتبر تتخيما للحدود وتبيانا لها من باب منع اختراقها في الاتجاهين معاً، سواء باتجاه المياه المغربية او نظيرتها الجزائرية، وفي منطقة تعوّد أهلها من الجانبين المغربي والجزائري على السباحة فيها بلا قيود ولا محظورات، حتى أن الواقف على ضفاف تلك المياه لا يجد ما يميز به بين جزائريين ومغاربة يمارسون هواياتهم المائية في اتجاهين متجاورين ومتماسَّيْن، اللهم إلا ما يضمره كل سباح أو راكب قارب من القوارب او جهاز من أجهزة الترويض البحري من اعتبارات داخلية جوانية تجعله يحرص من تلقاء ذاته على اجتناب الاقتراب من أي موقع يمكن أن يشكل خلطاً أو التباساُ لدى سلطات البلدين الجارين، الشقيقين يا حسرة!!

اقول، لم يجد جيش الجبناء الأكثر جبنا من قياداته، سوى خمسة شبان يمارسون هوايتهم المائية على متن أجهزة جيت سكي، فيطلق عليهم نيران أسلحته بحجة شرودهم باتجاه المياه الإقليمية الجزائرية، فيصيب اثنين أو ثلاثة منهم إصابات قاتلة أودت بحياة اثنين على الأقل، فيما لم ينج منهم سوى شاب واحد استطاع ان يسرع في الاتجاه المعاكس للجهة التي جاءت منها الطلقات النارية، والتي فهم بالبداهة أنها ليست الجهة المؤدية إلى شاطئ وطنه، وقد كان رفقة أصدقائه الآخرين تائهين بعيدا عن الشاطى بحيث لم يتبيّن لهم بتاتا ما يدل على أنهم تجاوزوا أي خط للحدود الافتراضية وغير المبيَّنة رسميا بأي إشارة أو جسم عائم أو نحوه، بينما اختفى اثنان من هؤلاء الشباب يقال إن أحدهما ألقي عليه القبض من لدن المعتدين الجبناء، الذين اقتادوه إلى أحد مخافرهم داخل التراب الجزائري في حالة اعتقال؛ ويقال إن القضاء الجزائري، الذي يشهد عليه الجزائريون أنفسهم بأنه يتحرك بالهاتف عن بُعد، أصدر عليه حكما بثمانية عشر شهرا، وهو حكم يستحق بجدارة ان يدخل إلى كتاب غينيس نظرا لسرعته القياسية وغير المسبوقة!!!
وأما المختفي الثاني فظلت الأخبار الواردة بشأنه متباينة وغير مؤكدة، بعضها يفيد بأنه مفقود، وبعضها الآخر يفيد بأنه في عداد الموتى، ولم يتأكد إن كان قد نجا وعاد إلى التراب المغربي، او أنه غرق او التهمته أسماك القرش التي تظهر بالمنطقة بين الفينة والفينة؟!!

ونعود الآن إلى قراءتنا لهذا الحادث الغريب، ومبعث غرابته أنه في مثل هذه الحالات، التي يتوه فيها سائح أو أكثر في عرض البحر حيث لا وجود لأي تتخيم ظاهر وواضح للحدود ولنقط التماس بين بلدين جارين، أقول، في مثل هذه الحالات، يستعمل خفر السواحل بالبلد الذي يوجد السائح فوق مياهه، مكبر الصوت لتنبيه المعني بالأمر إلى أنه دخل إلى تراب غير الذي انطلق منه لدى دخوله إلى مياه البحر، وليطلب منه بلهجة محايدة على الأقل، أو بنبرة مسالمة وصديقة، أن يتحرك في الاتجاه المعاكس ليعود من حيث أتى، ولا يضطر الخفر إلى اعتقال المعني بالأمر واقتياده إلا في حالة ابتعاده كثيرا عن الخط الحدودي باتجاه البلد المجاور للبلد الذي انطلق منه…
وأما استعمال السلاح الناري أو غيره فلا يكون عادة إلا في حالة الضرورة القصوى دفاعا عن النفس وعن الوطن وأهله، وهذا لا تتوفر شروطه إلاّ في حالة رفض المعني بالأمر الانصياع لتنبيهات الخفر ومحاولته مواجهتهم بطريقة من الطرق، أو بوسيلة من الوسائل كشرعه لسلاح أو نحوه، أو محاولته الفرار في اي اتجاه مما يوحي بأنه كان يضمر شرا، أو يحمل ممنوعات كالأسلحة والمخدرات والأموال المهربة… وفي هذه الحالة فقط، يستطيع خفر السواحل بالبلد الذي اختُرِقَت حدودُه البحرية أن يشهر سلاحه، وأن يطلق عيارات نحو السماء على سبيل التحذير والترهيب، ولا يوجه نيرانه مباشرةً نحو المعني بالأمر إلا في حالة الدفاع عن النفس أو عن الوطن…

كل هذا يعلمه قادة جيوش العالم ويحرصون على احترامه والتقيد به، ما عدا جيش واحد سَيِّئ السمعة، يؤكد مواطنوه أنه قتل منهم في العشرية السوداء ما يزيد على ربع مليون ضحية من المدنيين العُزَّل، فضلا عن أكثر من ذلك من الجرحى والمعطوبين، ومن المكلومين نفسيا بصفة مستديمة!! جيش رعديد، لا يحسن سوى التصويب نحو المدنيين والغافلين!!!

ويبقى السؤال الذي يطرحه عقلاء العالم بالأمس واليوم، وسيطرحونه لا محالةَ غدا وبعد غد:
“ما الضرر الذي يمكن أن يصدر عن خمسة شبان في ريعان شبابهم يقيمون في فرنسا، جاءوا إلى وطنهم الأصلي لينالوا قسطا من الراحة بعد سنة من الشغل، اختاروا أن يصيّفوا بمدينة السعيدية، وأن يمارسوا في مياهها هوايتهم المائية المفضلة، ولم ينتبهوا أثناء ذلك إلى أنهم تخطوا حدودا غير مرئية، وغير مُشَوَّرة بأي وسيلة من الوسائل”؟!!
وسيتفرع عن هذا السؤال بلا ريب، نوع من التمعّن في سلوك أفراد الجيش الجزائري، الذين أطلقوا النار على الشبان المغاربة الخمسة بلا سابق تنبيه أو إنذار.. ليتضح للعالم أن هذا لم يكن ليقع إلا بأمر صادر عن السلطة العسكرية العليا، لجيش أكد بالملموس على جبنه وحقده الدفين إزاء أبناء شعب كل ما فعله آباؤهم أنهم ضحوا بالمال والزاد والعتاد لينال هؤلاء الرعاع استقلالهم، وليت آباءنا لم يفعلوا، وليتهم فاوضوا السلطات الاستعمارية لرسم حدودنا بشكل نهائي ولا رجعة فيه مع بلد صار أهله على نفس الدرجة من الخبث والجبن بعد أن تربى جيلهم الراهن على ايدي خونة وعملاء أمثال شنقريحة، المعتز بخوذة حرس الجمهورية الفرنسية، التي وضعها على رأسه أحد بيادق الإيليزي، والدموي خالد نزار، والمجرم جبار مهنّى… وغيرهم من الكابرانات المتنكرين في أزياء جنرالات، في ظل حكم يقوده رئيس طرطور عميل لفرنسا، لا يختلف في شيء عن الدمى التبنية المنصوبة في المزارع لآخافة الطيور!!!

مرة أخرى، مِن بين كل جيوش العالم، في العصر الراهن، لا يوجد سوى جيش واحد بلغ به الجبن والخسة والدناءة حدا لا يُضاهَى، جعله يطلق نيران رشاشاته على خمسة شبان مسالمين كانوا يمارسون هوايتهم المائية في منطقة حدودية لا يوجد بها أي نوع من التشوير يمكن أن يحول دون شرودهم، أو شرود السباحين من السواح وأبناء المنطقة عامةً، نحو هذا البلد أو ذاك الآخر، دون أدنى نية من النوايا الخبيثة والدنيئة التي تعشعش في أذهان قادة وأفراد ذلك الجيش الأرعن!!!
___________
*محمد عزيز الوكيلي  إطار تربوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *