الرئيسية / كتاب البديل / محمد عزيز الوكيلي يتسائل : ألا توجد حدود لهذا الحقد الجزائري تجاه كل ما هو مغربي؟!!

محمد عزيز الوكيلي يتسائل : ألا توجد حدود لهذا الحقد الجزائري تجاه كل ما هو مغربي؟!!

 

بدايةً، لن انخرط في ترديد تلك الاسطوانة المشروخة، التي لم تعد تُقنع أحداً من العالمين، والتي تميّز بإصرار غير مبرَّر وغير مُقْنِع بين النظام الجزائري العجوز المتهالك وإعلامه المراحيضي ونخبه الشيّاتة من جهة، وعموم الشعب المغلوب على أمره والمصطفّ يوميا عن بكرة أبيه في طوابير المهانة من جهة ثانية…
“أولاد عبد الواحد واحد” كما يقول المثل المغربي العامّي!!!

منذ ستينات القرن الماضي، عمل المرحوم، أو المقبور، الهواري بومدين على تكييف مناهج التربية والتعليم لتنتج مواطنين يتمتعون بميزتيْن اثنتيْن في آن واحد:

الأولى: أن يكونوا خانعين خاضعين في ظل مَطرقة يومية لأدمغتهم بشعارات من قبيل “ثورة التحرير” المثالية، و”شهداء التحرير”، المتناسلين في قبورهم بدليل تزايد تعدادهم بين كل سنة وآخرى، وبين كل خطاب رئاسي وآخر، إلى أن فاقوا الستة ملايين، فأعطى ذلك أجيالا متتالية من المنتفخين، ذوي الأنا المتضخّمة، وجعلهم بالتالي يعتبرون أنفسهم تماما كما كان الجيل الهتلري النازي يرى نفسه في أوج سطوته وتجبّره وبَغْيِه… “نحن أفضل من المغاربيين والعرب والأفارقة” وهلمّ غطرسةً؛

والميزة الثانية: وهذه هي بيت قصيد هذا المقال، استقرار صورة للمغرب والمغاربة في المِخْيال الجمعي الجزائري، وفي الذاكرة الشعبية لثلاثة أجيال على الأقل، يبدو المغرب فيها عدوّاً لذوذاً يتربص بالجزائر الدوائر، ويقتنص الفرص لضربها بكل الوسائل المتاحة بما فيها “تحت الحزام”، وكل همه أن يُجهِض “الثورة” (أي ثورة هذه؟!!) وأن يُعيق تقدم الجزائر وتَطوُّرها كقوة إقليمية وقارية ضاربة… وقس على هذه الفذلكات الفلكية ولا حرج!!!

والواقع أن بومدين، أو بوخروبة كما هو اسمه الحقيقي، أفلح في هذه المنهجية الجهنمية، التي لا تُمِتُّ للروح الأمازيغية ولا العربية ولا الإسلامية بأدنى صلة، واستطاع أن يترك، بعد موته البطيء والغريب والذي مازالت ظروفه إلى الآن غامضةً وملتبسة، أجيالاً من الشباب والكهول ليس لهم في هذه الحياة الدنيا سوى هدفَيْن أساسيَيْن فحسب:

1. الظفر بقوت يومي دونه طوابير يبلغ الازدحام والشجار فيها إلى درجة إزهاق الأنفس؛

2. استعراض مظاهر الكراهية والحقد الدفينَيْن تجاه المغرب والمغاربة.

كل ذلك، دون أن يفطن أحد من هؤلاء المسطولين إلى أن نظامهم الشمولي المتهالك إنما يُداري بذلك كله ثلاثَ عوراتٍ صار العالم كله على بيّنةٍ منها بعد أن أصبحت عارية قبيحة وبلا مساحيق:

العورة الأولى: تبعيتهم التامة لماماهم فرنسا، التي لم تعط للجزائر استقلالها إلى غاية زمان الله هذا، والائتمار بأوامرها الرامية إلى إبقاء النزاعات والأحقاد مستقرةً بين البلدين الجارين وبين كل بلدان المنطقة؛

والعورة الثانية: الإبقاء على العدو البعبع المغربي، الذي لا مناص من وجوده بهذه الصفة للاستمرار في جمع كلمة الشعب المسطول حول ذات النظام الكسيح، وتَرْكِ هذا الأخير حيث هو ممسكاً بأزمّة الحكم بكل مساوئه ومفاسده، وبكل نهبه وتبذيره لمقدرات تقدر بآلاف الملايير من الدولارات، وبكل مناهج قمعه وتقتيله لكل مناوئيه في الداخل؛

أما السوأة الثالثة: فكونه نظاماً جباناً رِعديداً بلا رجولة، ولا شهامة ولا كرامة، يظل يلوّح بعصا الحرب دون أن يجد الشجاعة على إعلانها بالفم المليان، وعلى خوضها ببسالة، لأنه يدرك أنّ أمامه مغرباً صامتاً صابراً ومُصابِراً يعمل بلا بهرجة، ويتطور بلا جعجعة شعارات، ويتقدم وينمو بلا أدنى استعراض لعضلات يدرك النظام الجزائري أنها صارت أقوى من أي وقت مضى، ويعلم حق العلم أن أيّ احتكاك رجولي مع المغرب سيكون سببا مباشرا وفوريا في سقوطه وانقضاء أجله، وهو الذي يتذكر كلما سرح الفكر به صوب “ذلك الوقت الذي مضى”، الضربات الموجعة التي تلقاها على أيدي جنود مغاربة محترفين بكل معاني الاحترافية ودلالاتها الحربية، المعترَف بها في جهات العالم الأربع… وما معارك حرب الرمال ومعركتا أمغالة الأولى والثانية وكذا مصير كل قفشات مليشيا الجنوب الجزائري المثيرة للسخرية بالأمر البعيد… ولذلك يتنازل صاغِراً أمام المغرب عن رجولته!!!

ويبقى السؤال الحارق و”المُرْبِكُ” ذاتُه: ألا توجد حدود لهذه الكراهية المتأصلة في ثنايا العقل الجمعي في ذلك الجار الشرقي، الذي فقد بوصلته منذ قررت فرنسا مصيرَه، ليظلّ بين يديها ككائن “الكانيش” تفعل به الأفاعيل تارةً تجاه مغرب صار مصدر وجع لفرنسا ذاتها، وتارةً أخرى تجاه بلدان الساحل الإفريقي المتمردة على مُستعمِرِيها السابقين، فضلا عن دول الجوار المغاربي، التي صارت تدرك كما نحن المغاربة مع مَن حشرنا قَدَرُنا جميعاً في الجوار!!!

الأمر جَلَل، لأنه تحوّل إلى مرض نفسي/عقلي عُضال يستحيل علاجه بغير عمليات جراحية دامية، وربما قاتلة، قد تأتي على الأخضر واليابس في عموم المنطقة المغاربية، بل العربية والإفريقية و كذا المتوسطية!!!

تصوّروا نظاما بكل مؤسساته الصورية، وبكل مراحيضه الإعلامية، وكل هيئاته المدنية ومواطنيه، وبكل مثقّفيه الشيّاتين، لا ينام ولا يَفيق إلا على المغرب، وأخبار المغرب، ونجاحات المغرب، التي يعتبرها مساساً بسيادته الوطنية، وكأن سيادته لا تتكرّس ولا تتحقق ولا تكتمل إلا بوقوع كل شرور الدنيا على رؤوس المغرب والمغاربة!!
بيد أنه من سخرية القدر ومَكْرِه، أنهم بالرغم من هذا الكره الدفين لكل ما هو مغربي يتحيّنون الفرص لسرقة تاريخ المغرب، وتراث المغرب، ومقومات الثقافة المغربية، حتى عادات وتقاليد المغرب وفنونه الأصيلة والتليدة… سلوكٌ مَرَضيٌّ فِصاميٌّ يسري عليه المثل المغربي الساخر: “الحلوف ماناكلو ومرقتو نسقّي بها”!!!

نهايته، أعتقد ان الواجب يقتضي توجيه دعوة جادة وملحة إلى الأخصائيين الاجتماعيين وأخصّائيي الطب النفسي والعقلي للانكباب على هذه الحالة الجزائرية الجماعية، العويصة بكل المعايير، والتي لن يختلف اثنان على أنها تُشكّل سابقة في التاريخ “البشري”، ولا أقول “الإنساني”، لأن ما نراه في جزائر اليوم لا يشبه في شيء إنسانية الإنسان، وإنما يجد له مثيلاً صارخاً في مسارات “البشر الأوائل”، الذين شَهِدَ الملائكةُ عليهم أنهم كانوا يُفسدون في الأرض ويُسفكون الدماء… وهل هذا الذي يريد نظام هذا الجار أن ينشره في منطقتنا الجميلة الغنية والأصيلة إلا من ذلك الضرب من الهباء؟..
نسأل الله السلامة والعافية!!!
___________

محمد عزيز الوكيلي
اطار تربوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *