استيقاظ إفريقيا
غير استيقاظ الأفارقة!!
كم هو جميل.. أن نشهد إضاءات رائعة.. تصدر عن مثقفات ومثقفين افارقة وضعوا مسؤولين أوروبيين.. وفي مقدمتهم خادم الماسونية العالمية وكتكوت زوجته.. الرئيس ماكرون.. في مواقف بلغت من الحرج حدّ المهانة…
كم هو جميل.. أن نننتبه ذات صبيحة منعشة إلى أن إفريقيا صارت.. بألسنة وإرادات بناتها وأبنائها النَّيِّرين واعية بالمكر والخبث الأوروبيَيْن.. والفرنسيَيْن تحديداً.. من خلال تعبير أفارقة اليوم عن رفضهم الاستمرار في لعب دور الحدائق الخلفية لمستعمري الأمس.. تاركين لهؤلاء الأواخر أوسع الهوامش للنهب الممنهج لخيرات أوطانهم بعد أن أرسى الاستعمار السابق.. في قياداتها.. مسامير صدئة تبيع وتشتري.. في كل شيء.. وفي لا شيء.. لخدمة أوطار شخصية فردية لا قيمة لها في ميزان الأوطان والأمم…
وقد شاهد العالم أجمع.. عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. كيف ألفى الرئيس ماكرون نفسه وجها لوجه مع المهانة.. والقدح.. والتقريع.. دون أن ينبس ببنت شفة.. مضطراً إلى الاكتفاء بابتسامات صفراء بلهاء ينثرها بين الصفعة والصفعة حتى لا يغادر البلاطو تحت تصفيقات السخرية والاستهجان…
كل هذا جميل.. ويثلج صدور جميع الأفارقة.. ونحن منهم.. بكل تأكيد…
لكن الذي يُقلِقُ ولا يُعجِب.. أن تتحرك قوى خفية لا ريب أنها فرنسية.. لأن الخديعة والنفاق أثبتا بالملموس أنهما خصلتان فرنسيتان بامتياز.. لتزرع في أدمغة الأمّيين والجُهَّل الأفارقة بذرات حقد غير مسبوق.. ولكنه دفين.. تجاه شعوب الشمال الإفريقي المتشكلين من عرب وأمازيغ.. ومن بيضٍ وسُمْرٍ.. تحت شعار “إفريقيا للأفارقة الزنوج”.. و”إفريقيا لأهاليها الأصليين”.. السُّود فقط.. وأنّ على العرقين الأمازيغي والعربي أن يرحلا إلى شبه جزيرة العرب.. وإلى هضاب آسيا وأرض المغول.. وأن المستقبل في إفريقيا للأفارقة السود دون غيرهم… والأدهى من ذلك.. أن تلك القوى الخفية.. وأكرر انها فرنسية.. أو أوروبية.. لم تكتف بهذا التحريض العرقي الدنيء.. بل تخطته إلى تمويل هجرات متتالية ومدروسة لآلاف من عاطلي الغرب الإفريقي وبلدان الساحل والصحراء.. تحت غطاء “الهجرة الحارقة” نحو الضفة الشمالية من المتوسط.. ثم بعد أن تحقق لها التجمّع العددي اللازم.. أعطيت لها الإشارة للانطلاق فيما يشبه الاجتياح العدواني والغادر ليس للمرور إلى الضفة الأخرى.. بل للمطالبة بحق لا ينتمي للحق بأي صلة.. في نصيبها من الأرض.. كما وقع في مدينة بنزرت التونسية.. التي تشهد اليوم أحداثا في غاية الغرابة أصابت الإخوة التونسيين برعب ناجمٍ عن الصدمة والمباغَتة!!!
والحال أن اللعبة ليست فرنسية مائة في المائة.. بل تُشْتَمُّ فيها رائحة “البيدق الفرنسي” المتخندق وراء خط حدودنا الشرقية.. الذي لا يزال قائد جيوشه يتراقص زهواً وفرحاً بخوذة “حارس أعتاب الجمهورية الفرنسية”.. التي ضربه بها على أم رأسه ذات زيارة سابقة وزيرٌ فرنسيٌّ لاشك أنه سقط على قفاه من الضحك بعد تلك الفعلة!!!
اللعبة.. إذَنْ.. في أشد درجات الوضوح والخِسة.. ففرنسا وأوروبا.. المتوجستان من تفاقم ضغط الهجرة الإفريقية تجاه ضفافهما.. والعارفتان بأن تلك الهجرة لن تلبث أن تنفجر ذات ليلة باردة باتجاه ترابهما الملوَّث.. لم تجدا من الحِيَل لصرف نظر الشباب الإفريقي العاطل والمرشَّح والمتعطّش “للحريك”.. سوى توجيهه صوب بلدان الشمال الإفريقي.. بدل طلب الثأر للآباء والأجداد من الدم الفرنسي والأوروبي.. أو بدلاً من توجيهه للقيام بثورات ربيعية تعيد ترتيب الأمور في بلدانهم التي عين الفرنسيون والأوروبيون على كراسي قياداتها رؤساء كراكيز يحركهم الإيليزي ومجلس الاتحاد الأوروبي ببروكسيل عن بُعد بتقنية الريموت كونترول!!!
والآن.. هل تتحرك الحكومات والأنظمة المغاربية والشمال إفريقية.. بضم مصر إلى هذه المعمعة.. لتطويق الظاهرة.. مع العلم بأن ذلك سينتهي لا محالة إلى إراقة الدم الإفريقي بأيدي الأفارقة أنفسهم؟!
ذلك ما لا نتمناه.. وإن كانت فرنسا وأوروبا اليوم تنتظران على أحر من الجمر أن يقع.. عملا بالمثل الشعبي الساخر: “غير تبعد مني وتطرطق فين بغات”!!!
هل ستكون الحكومات الشمال إفريقية ذكية إلى الدرجة التي تجعلها تقلب طاولة اللعب على صُنّاعِها ومهندسيها؟ أم أنها ستسقط في الكمين.. فيتحول واقع هذه اللعبة الفرنسية/الأوروبية الدنيئة إلى حمام دم إفريقي إفريقي لن تكون له نهاية في الآفاق المنظورة؟؟؟
ذاك هو السؤال!!!
محمد عزيز الوكيلي
إطار تربوي