أيريك زمور، “يهودي جزائري فرنسي”، خليط من الدم غير متجانس، وجد الهجوم المباغث لحماس وحزب الله، كل منهما من جهته، فرصة ثمينة لا يجود الزمان بأمثالها بالنسبة له، هو تحديداً، بوصفه سياسيا فرنسيا فاشلا من جميع الجوانب، ولذلك نجده يتمسك بتلابيبها بكل قواه، ويعض عليها بالنواجد، ثم يستغلها في خرجة إعلامية لم يكن، أو بالأحرى لم يعد يحلم بمثلها بتاتاً، لأنه تحوّل منذ أشهر إلى كركوز مثير للضحك والسخرية على شاشات مختلف القنوات الفرنسية، العمومية والخصوصية، منذ أن وجد الجرأة ليعلن ترشيحه لرئاسة الجمهورية الفرنسية وانضمامه إلى ذيل قائمة المترشحين صحبة ماكرون، خلال سعي هذا الأخير إلى تكريس ولايته الثانية، الراهنة!!!
خرج إيريك زمور ليقول إنه يعيب على اليسار الفرنسي برمته ميله إلى الفلسطينيين عموما، وإلى الحركات الفلسطينية الراديكالية خصوصاً، وفي طليعتها حماس وحزب الله… ووجدها إيريك فرصة للتزلّف إلى إسرائيل، إلى درجة من الحماسة جعلته يقول بعظمة لسانه: “أنا يهودي فرنسي، أعلنها من هذا المنبر رغم حرصي الدائم على إحاطة هذا الانتماء بالسرية والغموض التّامَّيْن”… وزاد على ذلك بوصفه لكل الجهاديين بكل الأوصاف القادحة… والحقيقة أنه لم يجانب الصواب في تلك الأوصاف تحديداً، لولا أنه عرّج بعد ذلك إلى التنديد بكل المتعاطفين مع الجهاد الفلسطيني، وبتحصيل الحاصل مع كل المتعاملين بلياقة مع “المسلمين المقيمين بين ظهرانينا” كما قال، والموجود بعض منهم تحت قبة البرلمان…
هكذا، وبين يوم وليلة، سيتحول أيريك زمور، السياسي المغمور، إلى خطيب فصيح يلعن إسلامويي فلسطين، ثم إسلامويي فرنسا، وشيئا فشيئا يلعن جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، قبل أن يصيح بملء فيه قائلا: “من هذا المنبر أؤكد للإسرائيليين أنني معهم، أننا معهم، وأنني، وأننا، سنظل وراءهم داعمين ومساندين حتى النصر!!!
يا سلام!! والعجيب الغريب أن السبب الرئيسي في هذه العنترية “الزمورية” هما منظمتا حماس وحزب الله، اللتان اخرجتا مثل هذا الفأر من جحره وحوّلتاه بين يوم وليلة إلى خطيب متلسّن لا يُشَقّ له غبار… حتى أنه ختم خطبته بقوله: “إن معركة إسرائيل هذه هي معركة حضارتنا”!!!
الرئيس الفرنسي، خديم الماسونية الفرنسية والعالمية لم يشذ عن القاعدة، بعد أن صارت القاعدة لدى مجموع مكونات الفسيفساء الغربية منحصرة في إعلان الدعم غير المشروط لإسرائيل في نضالها المستميت ضد الإرهاب، ولو كان الفربيون في مثل فصاحة لسان أعراب قريش بالذات لنظموا معلقات ولعلقوها على عيدان برج إيفل، تماما كما كان فصحاء قريش يعلقون أشعارهم وملحماتهم على حيطان البيت العتيق!!!
بيني وبين نفسي، لا أستبعد بعد تلك الخطبة العصماء لإيريك زمور أن يبادر هذا البيدق إلى انتحال صفة سياسي، ويطير رأسا إلى تل أبيب، وإن كنت أستبعد أن تكون لديه الجرأة الكافية ليركب حالياً أي طائرة متوجهة إلى إسرائيل، وليتسنى له على إثر ذلك أن يجني بعض ثمار خطبته العصماء، وموقفه الداعم ذاك، والذي لا أشك أنه سيعمل كل ما في وسعه لنشره وبثه على أوسع نطاق ممكن، طمعا في أن يصل إلى آذان القادة الإسرائيليين قبل أن تبرد جذوتُه؛ أو تنطفئ نارُه… ومن يدري، فلربما تذكر الإسرائيليون أنه يهودي، قبل أن يكون جزائريا، ثم فرنسيا، ما دام هؤلاء يدعون المرء لأمه وينسبونه لجهة والدته المتأّصّلة وليس لأي نسب آخر!!! “إيريك ولد مّو”…
من يدري؟!!
___________
محمد عزيز الوكيلي
* إطار تربوي.