لم تتمكن انشغالات الناس بجائحة (فيروس كورونا المستجد) من التغطية على موضوع السطو على بقعة أرضية مساحتها 100 متر مربع، بحي الفرح بمدينة ابن سليمان. والتي كانت مخصصة لإحداث مركز للهلال الأحمر المغربي. وهي البقعة التي فشلت عدة جهات في امتلاكها، بهدف استغلالها في إطار (جمعيات أو أحزاب سياسية)، منذ أن تمت عملية الاستفادة من تلك أراضي حي الفرح سنة 1983. موضوع البقعة الأرضية بات أكبر المواضيع المهيمنة على منصات التواصل الرقمي والجرائد الرقمية، التي تطالب بالإسراع بالتدخل وزجر المخالفين.
عدة روايات برزت إلى الوجود من طرف أطراف القضية. ويتعلق الأمر بالسيدة التي تدعي امتلاكها للبقعة الأرضية، والممثلة في ابنها. والموقعين على وثيقة الاستفادة للبقعة رقم 439. ويتعلق الأمر بالمستشار الجماعي عبد الكبير فرحون الذي كان قد وقع شهادة الاستفادة سنة 2013، بصفته النائب الأول للرئيس حينها خليل الدهي والمكلف بالتعمير. إلى جانب الموظف المتقاعد (ن،م) الذي كان يشغل مهمة رئيس مصلحة التعمير.
السيدة تصر على أن البقعة الأرضية في ملكيتها، مستدلة (عن طريق ابنها) بما تعتبره وثائق وحجج. علما أن نفس السيدة سبق واستفادت من بقعة أرضية ثانية محاذية للبقعة موضوع النزاع، رقمها 442. وبما أنه لا يحق لأي كان الاستفادة من بقعتين. فإن السيدة تؤكد أن البقعة الثانية اشترتها من سيدة مستفيدة. وقد تمكنت السيدة من الحصول على رخصة بناء سكن فوق البقعة الأرضية 439 من المجلس الجماعي. وبدأت الأشغال إلى أن تم اكتشاف أن هناك أرض مخصصة للهلال الأحمر المغربي اختفت. وطبعا فالسيدة باشرت الأشغال وترفض التوقف. وتهدد باللجوء إلى القضاء من أجل إنصافها.
في الطرف الثاني هناك الموقعان على شهادة الاستفادة سنة 2013. واللذان يؤكدا أن هناك تلاعب في عملية الاستفادة. وضعا رسالتي طعن في شهادة إدارية لدى كل من رئيس المجلس الجماعي بابن سليمان. وعامل الإقليم. وأكدا أنهما سيلجآن إلى القضاء إن لم يتم تسوية الأمر. ورفضا أن يعتبرا متهمين في عملية السطو على أرض الهلال الأحمر المغربي.
روايتهما التي أدليا بها في رسالتي الطعن. وتتوفر بديل بريس على نسخة منها. تؤكد أن الشهادة الإدارية الخاصة بالبقعة الأرضية رقم 439 التي انطلقت الأشغال بها حاليا والموقعة من طرفهما صحيحة. وأن البقعة الأرضية رقم 442 التي بنيت قبلها بعدة سنوات. هي التي كانت مخصصة للهلال الأحمر المغربي. بمعنى أن الخطأ أو التلاعب وقع قبل ولاية خليل الدهي الانتخابية. لكن لا أحد انتبه إليه. وأن الامر افتضح بعد أن أرادت السيدة بناء بقعتها الأرضية الحقيقية 439. كما انتقدا الطرفان في رسالتهما، اعتماد المجلس الجماعي على شهادة إدارية منتهية الصلاحية، من أجل منح السيدة رخصة البناء. حيث أن تلك الشهادة الإدارية يجب ألا تتعدى مدة صلاحيتها ثلاثة أشهر.
الطرفان أكدا أن البقعتين رقمي 442 و439 متجاورتان و يحملان نفس المواصفات التقنية. وأنه تقرر حين وقع الخطأ في البناء فوق الأرض الخاصة بالسيدة. ترك الأمور كما هي وعدم هدم المنزل بالنظر إلى ما سيكلفه من أضرار مالية جسيمة للسيدة. إلا أن السيدة وعن طريق ابنها، ظل يتردد على الجماعة بهدف الحصول على رخصة بناءها باعتماد الشهادة الإدارية التي حررت للسيدة سنة 2013. وتمكن هذه السنة من الحصول على رخصة السكن بدون سند قانوني باعتبار أن الشهادة الإدارية منتهية الصلاحية. وباعتبار أن السيدة استفادت عن طريق الخطأ من بقعة سكنية مجاورة لها.
ما أفاده الطرفان من روايات، تبقى في حاجة إلى إثبات قانوني وشرعي. ولا يمكن التدقيق فيها إلا قضائيا. باعتبار أن فعل (السطو على أرض مخصصة للهلال الأحمر المغربي )، هو فعل جرمي. وأنه من الواجب معرفة من ارتكب هذا الجرم .. هل هي السيدة أم ابنها أم الموقعين على شهادة الاستفادة أم أن هناك آخرون من داخل وخارج المجلس الجماعي الحالي أو السابق؟؟..
وهذا ما دعا إليه الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان. والذي أصدر بيانا استنكاريا، أدان فيه ما اعتبره تلاعب بالأراضي المخصصة للمرافق العمومية والحدائق بطرق ملتوية ضد القوانين الجاري بها العمل. كما أدان ما وصفه بالتواطؤ المكشوف لمنتخبين وموظفين في تزوير الوثائق والمتاجرة في الملك العام والخاص بمختلف احياء المدينة. وطلب بتدخل الوكيل العام للملك بالدار البيضاء من خلال شكاية عبر الصحافة وفتح تحقيق عاجل في الموضوع وتقديم المتورطين للقضاء تنفيذا للقوانين الجاري بها العمل وطبقا لدورية رئيس النيابة العامة. كما طالب مصالح وزارة الداخلية بتفعيل القوانين الخاصة بالتعمير بخصوص كل البقع الأرضية التي تم التلاعب فيها بطرق ملتوية واحتيالية للمتاجرة فيها.