الرئيسية / كتاب البديل / معضلة العنف في المغرب

معضلة العنف في المغرب

إن العنف في المغرب أصبح اليوم  ظاهرة خطيرة جعلت المرء يخشى حتى من ظله الذي يخاله شخصا يحاول ممارسة العنف عليه .والمتابعات اليومية لأشكال العنف بالمغرب تؤكد أن بلادنا تعيش على وقع موجات متعددة من أشكال العنف، اللفظي أو الجسدي أو الرمزي أو حتى العنف المفضي إلى الموت . و الملاحظ في هذا السياق، أن ظاهرة العنف تعم كل مجالات المجتمع، وتمس كل الفئات والشرائح ،كما تعيش في البيت والمدرسة وحتى في المسجد ، وفي السوق والشارع والملعب ، كما ان هذا العنف قد يلجأ إليه لأتفه الأسباب. ففي الملاعب تتحول الفرجة والترفيه الى عنف وفي العرس قد يتحول الغناء والرقص إلى عنف وفي المقاهي تتحول متابعة كرة القدم الى معركة قد يتم التراشق فيها بالكؤوس والكراسي ناهيك عن الكلام الساقط والتهديد ، لكن كل ذلك شيء وما عرفته مؤسستين مدنيتين أخيرا وأمام أنظار العالم شيء آخر، أولهما ما وقع في المؤتمر ألأخير لأعرق حزب في المغرب ( حزب الاستقلال ) ،حيث حميت المعركة بين المؤتمرين استعملت فيها الصحون والكراسي والركل والصفع والرفس.. وأمام الكاميرات ، وثانيهما ما يعيشه المجلس الجماعي لعاصمة المغرب خلال كل دوراته منذ تشكيل هذا المجلس إلى آخر اجتماع له حيث وقعت معركة حامية الوطيس عرفت تكسير الممتلكات العمومية وسلح الأعضاء والاغماءات وصراخ المستشارات الطالبات للنجدة ، واستعراض العضلات بين ممثلي الشعب الرباطي ، وهو الشيء الذي شاهده كل المغاربة بل وشاهده العالم واتخذ كمادة دسمة في نشرات العديد من القنوات التلفزية ، ورغم مرور مدة غير يسيرة عن الحدثين غير العاديين لم نسمع من أي مسؤول حكومي أو حزبي أي تفسير أو تعليق أو حتى اعتذار ، وكأن الأمر جد عادي ، مع العلم أن مهمة الأحزاب هي تأطير المواطنين قبل كل شيء ، فأي تأطير بعد الآن يمكن أن ننتظره من أحزاب أعلى سلطة تقريرية فيها( المؤتمر ) تتخذ العنف وسيلة للتواصل ، ومن المعروف أن الشخص لا يصل الى مستوى المؤتمر إلا بعد تكوين في فلسفة الحزب وقناعاته وأهدافه ،فماذا سيؤطر أمثال هؤلاء مستقبلا. أما ما وقع أخيرا في مجلس الرباط فهو نتيجة طبيعية لما يشوب الانتخابات المغربية من خلل فظيع ، فهؤلاء اختيروا من أحزابهم ليتحدثوا باسمها ويدافعوا عن برامجها في المجلس الجماعي ،فهل الاختيار كان بناء على مؤهلات أم أن الاحزاب لا يهمها الا ملء الدائرة والفوز بالمقعد ، وأحيان تختار من يدفع أكثر أو من يعرف أين توكل الكتف ، ثم هؤلاء هم منتدبون لخدمة مصالح الشعب الرباطي فهل الذين انتخبوهم اختاروهم عن قناعة لخدمة مصالح المدينة ام ان الانتخاب تم على اسس اخرى ، هذه أسئلة لا نستطيع الاجابة عنها ، غير ان الاسئلة الاكثر اثارة هي : ان أي حزب من الاحزاب المتورطة فيما وقع لم تحرك ساكنا لا بقرار ولا بتفسير ولا حتى باعتذار ،نفس الشيء يقال عن وزارة الداخلية الوصية على القطاع ، فهؤلاء خربوا الممتلكات العامة وأثاروا الفوضى في مرفق عمومي ، والوزارة كأن الأمر لا يعنيها ، وكأن الدولة تشجع مثل هذه الاحداث لإسقاط قيمة المؤسسات من عين الشعب ،اوربما ان وراء الصمت المريب اهدافا أخرى لم نفهمها ، وقد يقول قائل بأن ما وقع في مؤتمر حزب الاستقلال شأن داخلي أو أن ما وقع بمجلس الرباط يهم المجلس ، لهؤلاء نقول بأن الدولة مسؤولة على تثبيت النظام وحماية الأشخاص والممتلكات ، وهؤلاء مواطنين قبل أن يكونوا مؤتمرين أو منتخبين ، وما قاموا به خارج عن القانون ولا بد من محاسبتهم ، فالدولة تتدخل احيانا في الصراع بين المرء وزوجه دون ان تعتبر ذلك شأنا خاصا او داخليا. 
لقد بلغ السيل الزبى ولا بد من تدارك الامر قبل فوات الاوان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *