لم تنجح محاولات حكومة الاحتلال في ترهيب وردع حركة المقاطعة أو وقفها، بلّ على العكس يتعزز وجودها على المستوى العربي والدولي ، وتواصل دورها بالضغط على الشركات والبنوك والمؤسسات المتورّطة في انتهاكات وجرائم الاحتلال ، حيث حققت انجازات هامة على المستوى الدولي برغم الحرب التي تشنها حكومة اسرائيل على المنظمات الدولية التي تدعوا الى مقاطعة اسرائيل والمعروفة باسم BDS وبرغم السياسة التي يسير عليها المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) ووزارة الشؤون الاسترتيجية التي يتولاها الوزير اليميني المتطرف جلعاد اردان ، والتي في ضوئها تقوم الحكومة برصد ملايين الشواقل من أجل تشكيل “شبكة محامين دولية” وتمويل منظمات قانونية في أنحاء العالم، بهدف محاربة ” حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) وتنفيذ نشاطات ضدها.
فعلى الصعيد الدولي تبنى البرلمان الدنماركي مؤخرا وبغالبية كبيرة، 81 صوتا، مقابل 22، قرارا يدعو إلى استثناء المستوطنات من كل اتفاق مباشر ثنائي مع إسرائيل.كما تقرر تعزيز الخطوط الحكومية الموجهة ضد استثمار جهات رسمية وشخصية في المستوطنات، واستند البرلمان الدنماركي في موقفه على قرار الأمم المتحدة رقم 2334، الذي ينص على أن المستوطنات تنتهك القانون الدولي، وأن على دول العالم “أن تميز” بين إسرائيل والمستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فضلا عن السياسة الرسمية للاتحاد الأوروبي في جميع الاتفاقات المتعددة الأطراف.كما يعلن القرار عن دعمه لعمل المفوض الأعلى لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، على صياغة “قائمة سوداء” للشركات الإسرائيلية العاملة في المناطق.وقد أثير القرار عندما تم توجيه استجواب إلى وزارة الخارجية الدنماركية في تشرين الثاني الماضي، بعد تقارير عن اضطرار صناديق تقاعد كبيرة في البلاد إلى سحب استثماراتها في إسرائيل عقب احتجاج شعبي
كما أعلن بنك (HSBC) البريطاني نهاية العام الماضي سحب استثماراته بالكامل من شركة “إلبيت” الإسرائيلية (Elbit systems)، والتي تعتبر أكبر شركة تصنيع أسلحة إسرائيلية خاصة، بسبب استخدامها ضد الفلسطينيّين العزّل في قطاع غزة. وهذا النجاح يأتي عقب حملة شعبية واسعة طالبت البنك بإنهاء دعمه المالي للجيش الإسرائيلي بقيادة مؤسسة (War on Want)، وحملة التضامن الأكبر (Palestinian Solidarity Campaign)، وغيرهما، وبدعم شعبي بريطاني ضخم.حيث تلقى بنك (HSBC) رسائل من أكثر من 20 ألف شخص تطالبه بوقف التربّح من الاحتلال الإسرائيلي. كما شهد البنك احتجاجاتٍ شهرية أمام 40 فرعًا محليًّا للبنك في المملكة المتحدة، فضلًا عن حملة إعلامية واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فيما صوّت 30 عضوًا في مجلس الشيوخ الإيرلندي في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي لصالح مشروع قانون، مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعارضه 12 في مرحلته النهائية بالأغلبية .والذي سيحول إلى مجلس النواب للتصويت والمصادقة عليه، وذلك بعد أعياد الميلاد المجيدة . ويحظر مشروع القانون، الذي يتطلب المزيد من الإجراءات لسنه نهائيًا، استيراد وبيع السلع وأي بضائع أخرى يتم تصنيعها في المستوطنات غير الشرعية في الأراضي المحتلة.ويفرض غرامة مالية أو عقوبة السجن على كل من يمارس نشاطًا تجاريًا مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
كما ألغى مؤتمر أكاديمي في جنوب أفريقيا مشاركة باحثين إسرائيليين فيه بسبب “قانون القومية” والذي كان من المقرر أن يعقد في جامعة ستيلينبوش، تحت عنوان “الاعتراف والتعويض والمصالحة”.وذلك بعد ان بعثت منظمات المقاطعة الفلسطينية وأخرى من جنوب أفريقيا و تنظيم “يهود من جنوب أفريقيا من أجل فلسطين الحرة (SAJFP)”برسالة الى منظمي المؤتمر في جامعة ستيلينبوش، تتضمن طلبا مفصلا بإلغاء مشاركة الباحثين الإسرائيليين من الجامعة العبرية وبئر السبع وتل ابيب والسبب الذي عرضه ناشطو المقاطعة لإلغاء المشاركة الإسرائيلية هو “قانون القومية”، إضافة إلى رفض مناقشة مواضيع مثل المصالحة والتعاطف والصفح، في الوقت الذي تهاجم فيه “إسرائيل” قطاع غزة وتحتل الضفة الغربية، وتقتل وتعذب ناشطين فلسطينيين، وتتجاهل حقوق من سلبتهم أراضيهم”.
وفي السياق كذلك أعلنت جمعية الأصدقاء الدينية (كويكر) في بريطانيا أنها لن تستثمر بعد الآن في الشركات التي “تستفيد من الاحتلال” بالضفة الغربية. وقالت “كويكر”، في إعلانها، إن القرار اتخذ من قبل أمناء الكنيسة بالتشاور مع اجتماع ممثلي أعضاء الجمعية.وقالت إن لديها تاريخا طويلا في “متابعة الاستثمارات الأخلاقية”، مشيرة إلى أنها اتخذت قرارات بعدم الاستثمار في صناعة الوقود الأحفوري وشركات الأسلحة وجنوب أفريقيا في ظل نظام الفصل العنصري.وقال الممثل عن الجمعية، بول باركر: “إن تاريخنا الطويل في العمل من أجل سلام عادل في فلسطين وإسرائيل فتح أعيننا على العديد من المظالم والانتهاكات للقانون الدولي الناشئة عن الاحتلال العسكري لفلسطين من قبل الحكومة الإسرائيلية،
وكانت قبلها بوقت قصير منصة حجز الشقق والفنادق عبر الإنترنت “إير بي أن بي”، أعلنت انسحابها من المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وسط تهديد إسرائيلي بفرض عقوبات.وقالت المنصة في توضيح موقفها “لقد خلصنا إلى أنه علينا أن نسحب من قوائمنا المساكن المقامة في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، التي هي موضع نزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين”.
فيما أيدت أكبر منظمة طلابية في كندا في اجتماعها السنوي العام الذي عقد في أوتاوا نهاية نوفمبر الماضي الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل ، ووافق الاتحاد الكندي للطلاب (CFS) على تقديم الدعم لحركة BDS، ودان الاحتلال المستمر لفلسطين والفظائع الأخيرة ضد الفلسطينيين في غزة”.وتمثل المنظمة 530،000 طالب كندي في 64 اتحادا في جميع المقاطعات الكندية الاثنتي عشرة.
على صعيد آخر اتهم الفنان روجر ووترز أحد مؤسسي فرقة “بينك فلويد” الشهيرة في تشيلي، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بانتهاج سياسة “عنصرية” حيال الفلسطينيين.وأكد الفنان البريطاني على هامش حفلة موسيقية في سانتياغو “نعرف جميعًا أن الحياة في الأراضي الفلسطينية لا تطاق” مشبّهًا ما يحصل في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة بنظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا
وفي الولايات المتحدة الاميركية ورغم قوانين تحرم المقاطعة في اكثر من 22 ولاية اميركية بدأ نشاط المقاطعة يشق طريقه رغم ما يتردد في العاصمة الاميركية من محاولات تمرير مشروع قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل” في الكونغرس الأميركي الذي يعارضه “اتحاد الحريات المدنية الأميركي (ACLU) باعتباره قانونا “غير دستوري ويرمي قانون مكافحة مقاطعة إسرائيل إلى سن تشريع يسدد ضربة لحرية التعبير، ويجريم المقاطعة الطوعية لإسرائيل أو مستوطنات الاحتلال الاسرائيلي و”هدفها الواضح هو محو التمييز بين إسرائيل والمستوطنات”. وتحاول منظمة “إيباك” وحلفاؤها منذ فترة طويلة جدًا تمرير هذا القانون ولكن عدم دستوريته وجهد النشطاء شكل عقبة كبيرة أمام تمريره وبحسب الاتحاد الأميركي للحريات المدنية (ACLU)، فإن “القانون في حال إنفاذه سيفرض عقوبات مالية جنائية على الأميركيين الذين يشاركون في المقاطعة السياسية للشركات التي تقوم بأعمال في إسرائيل ومستوطناتها في فلسطين المحتلة”.
فقد صوت مجلس طلاب جامعة نيويورك مؤخرا وللمرة الأولى لصالح اقتراح يدعو الى مقاطعة الشركات التي تتعاون مع إسرائيل، وجاء الاقتراح بمبادرة طالبة إسرائيلية تدرس في الجامعة روز آساف ، وأيده أكثر من 60 تنظيما طلابيا و30 عضوا في الهيئة التدريسية. وايد التصويت الذي استمر ليلة كاملة 35 من أعضاء مجلس الطلبة، وعارضه 14 وامتنع 14 ومن المنظمات التي ايدت القرار كانت اتحاد الطلاب السود، المنظمة المناهضة للفاشية، اتحاد النساء الاسيويات، وأيضا منظمات أخرى مثل نادي الفاوتري-سالم التابع للجامعة. ووقف الى جانب روز آساف الناشطة في منظمة “الصوت اليهودي للسلام” (JVP)، طالبتان من منظمة “طلاب من اجل العدالة في فلسطين” لين دويك وبيان أبو بكر. ووفقا لنص الاقتراح التي تمت الموافقة عليه دعت الطالبات الجامعة الى الامتناع عن الاستثمار وايقاف التعاون مع أي شركة: “تربح من انتهاك حقوق الفلسطينيين، احتلال فلسطين، الاستمرار ببناء المستوطنات غير المعترف بها بموجب القانون الدولي”. ويشير الاقتراح الى ثلاثة شركات وهي شركة كاتربيلر، جنرال الكتريك ومنتجة الأسلحة لوكهيد مارتن- التي تبيع جرافات، مروحيات حربية ومحركات للجيش الإسرائيلي، وتقوم بعض الكليات بالجامعة بالتعاون معها.
كما الغى ضباط في الشرطة الأميركية، في ولاية فيرمونت ومدينة نورثهامبتون مشاركتهم في حلقة دراسية مشتركة مع الشرطة الإسرائيلية بسبب ضغوط حركة مقاطعة إسرائيل “BDS”، والتي تنظمها “رابطة مكافحة التشهير” ADL وهي منظمة صهيونية مؤيدة لاسرائيل وتتضمن زيارة لـ”تل أبيب” مدتها أسبوع لقادة مراكز شرطة أميركية لإطلاعهم على تدريبات الشرطة الإسرائيلية في ما تطلق عليه “مكافحة الإرهاب”. وبرزت في السنوات الأخيرة انتقادات لهذه اللقاءات، خاصة من المنظمات المناهضة لعنف الشرطة الأميركية، التي تقول إن ضباط الشرطة الأميركيين يطلعون على تكتيكات إسرائيلية قاسية تنعكس على سلوكهم، وتجعلهم أكثر عنفا في التعامل مع المواطنين الأميركيين، خاصة من الأقليات غير البيضاء.
وجاءت نتائج الانتخابات النصفية الاميركية لتعزز جهود المقاطعة في المستويات التشريعية في الولايات المتحدة الاميركية . فقدأعلنت النائبة المنتخبة في الكونغرس الأمريكي إلهان عمر، الصومالية الاصل، التي فازت في الانتخابات النصفية بالولايات المتحدة الاميركية في ولاية مينيسوتا تأييدها لحركة “المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل وانتقدت إلهان عمر، إسرائيل وممارسات الاحتلال الإسرائيلي، ما أثار حفيظة كثيرين من اليهود الأميركيين في الولاية، خاصة حين كتبت في تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي أن إسرائيل تقوم “بأفعال شريرة” كما وصفت إسرائيل في مناظرة سياسية بأنها “دولة نظام الفصل العنصري (آبرتهايد) وقالت أول عضو من أصل فلسطيني في الكونغرس، رشيدة طليب، إنها تتضامن مع زميلتها من أصل صومالي إلهان عمر، وذلك بعد الحملة التي واجهتها عمر، نتيجة دعمها للحركة الدولية لمقاطعة إسرائيل وعبّرت طليب عن تضامنها في تغريدة لها على “تويتر”، ، قالت فيها “ولد والداي في فلسطين. وجدتي لا تزال تعيش هناك. لذلك، عندما تهاجم أختي إلهان بسبب دعمها بي دي إس (حق التعبير مصان) لا نستطيع أن نبقى صامتين”.
وعلى الصعيد الفلسطيني دانت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة التواطؤ الرسمي العربي مع إسرائيل ودعت الشعوب العربية للتحرك الفورى والفعّال لوقف هذه الهرولة التطبيعية غير المسبوقة. واعتبرت مناهضة التطبيع في هذا الزمن ضرورة نضالية ملحة لمنع تصفية القضية الفلسطينية. فالتهافت الرسمي العربي والتسابق على إرضاء إسرائيل ومجموعات الضغط (اللوبي) التابع لها في الولايات المتحدة وصلا إلى حد يهدّد قضيتنا الوطنية برمّتها. كما دعت اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل لمقاطعة شركة ’كول نت’ وشركة ’جيست’ حتى اعتذار مديرها التنفيذي هاني العلمي ، عن لقاءاته التطبيعية في مؤتمر “كونجرس إسرائيل”، والذي “عُقد في مدينة فرانكفورت الألمانية، ممثلاً عن شركة ’جيست’، والتي تعد مسؤولةً عن عددٍ من الورش التطبيعية المشتركة تحت عناوين مختلفة، وعضو مجلس إدارة شركة ’ماطي’ الإسرائيلية”. ودانت اللجنة مشاركة العلمي بورشة عملٍ بعنوان ” القدس مدينة تعايش وثقافة ” برعاية وزارة شؤون القدس’ لدى حكومة الاحتلال، بجانب محمد الدجاني، وباسم عيد من القدس .
وفي مدينة القدس المحتلة دعت القوى الوطنية والاسلامية مؤخرا إلى مقاطعة مراكز التسوق الإسرائيلية؛ معتبرة ذلك تمويلا للاحتلال ومشاركة في تهويد القدس العاصمة.جاء ذلك خلال إطلاقها حملة شاملة، لتوعية المجتمع المقدسي وتحذيره من الإقدام على ارتياد مراكز التسوق الإسرائيلية عشية افتتاح المتجر الإسرائيلي المسمى “رامي ليڤي” قرب حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة.
و أعرب منتدى الإعلاميين الفلسطينيين عن تقديره لمجلة “كل العرب” الصادرة من العاصمة الفرنسية باريس؛ لموقفها المشرف الرافض للتطبيع الإعلامي مع الاحتلال الإسرائيلي .جاء ذلك بعد أنهت المجلة تعاقدها مع خالد سعد زغلول أحد الإعلاميين العرب الذين هرولوا إلى اسرائيل وجدد منتدى الإعلاميين الفلسطينيين رفضه المطلق لكل صور التطبيع الإعلامي مع الاحتلال الإسرائيلي مطالبا النقابات والاتحادات الصحفية بضرورة اتخاذ إجراءات عملية بحق كل من يتجرأ على تجميل صورة الاحتلال البشع الذي ولغ في دماء الأبرياء، وما زال يرتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني صباح مساء.
وعلى المستوى العربي اكد البيان الختامي لمؤتمر الـ92 لضباط اتصال المكاتب الإقليمية للمقاطعة العربية لـ”إسرائيل”، الذي عقد الشهر الماضي على أهمية استمرار عمل أجهزة المقاطعة العربية في متابعة جهودها وأنشطتها، وعبّر عن تقديره لما تحققه المقاطعة الدولية من نجاح وتوسع على الساحة الدولية في مجال مقاطعة المنتجات وسحب الاستثمارات من المستوطنات . وأشاد المؤتمر بمواقف بعض الشركات الدولية التي قررت عدم التورط في انتهاكات حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها شركة المعدات الرياضية الشهيرة (ADIDAS) التي تخلت عن رعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي وأثنى على شركة (AIRBNB) الأمريكية، المتخصصة في تأجير الوحدات السكانية، والتي قررت حذف الوحدات المقامة داخل المستوطنات الإسرائيلية من تعاملاتها التجارية، خلال نوفمبر الماضي.