عاشت مدينة بوزنيقة، خلال الفترة الممتدة ما بين 08 و11 من شهر فبراير 2017، على وقع حدث مهم بصمَ تاريخ المدينة بأحرف من ذهب. “ملتقى بوزنيقة للمسرح” في دورته الثانية، والذي نظمته “جمعية بصمة أمل“، واختارت له شعار “المسرح تربية و إخاء“، بشراكة مع “دار الشباب بوزنيقة“، و“المجلس الجماعي للمدينة“، وبتغطية إعلامية من طرف “قناة الأمازيغية“، و”قناة تيلي بريس” و”موقع بنسليمان بريس“، وبحضور فرق مسرحية من مدن مختلفة من المملكة، وشباب فلسطيني كضيف شرف لهذا الملتقى، ومن تنشيط وتقديم ابن المدينة، الشّاب المبدع “فــــــــؤاد المـــســـــاوي“.
اليوم الأول، عرف المرور بالعديد من المحطات، تمّ افتتاحها بالنشيد الوطني، ومعزوفات متنوعة على الطبول العصرية، “لفرقة بِّي بيل” « Groupe pé bell » ، من مدينة بنسليمان، ثم التعريف بتاريخ وأهداف وأنشطة جمعية بصمة أمل، وكذا العرفان بالعمل الجاد والمتواصل لأحد رموز العمل الجمعوي، التربوي والمسرحي، الأستاذ سعيد سگام، الذي ارتأت جمعية بصمة أمل تكريمه في هذا الملتقى. وبعده مباشرة انطلق الإبداع وفن الركح من خلال أولى المسرحيات المبرمجة في هذا الحدث، وهي مسرحية بعنوان “الــــرّاي” « Rey »، “لفرقة الإبداع للمسرح خريبگة“، (( والتي تعالج مجموعة من القضايا المجتمعية المغربية، من قبيل العنف، الأمية، البطالة، العطالة وحلم الهجرة الذي يراود الشباب المغربي ))، تمّ دمجها بشكل احترافي في قالب كوميدي ودرامي مميز، نال إعجاب الجمهور الحاضر، وقدّم لهم مدير الملتقى تذكار المشاركة تشجيعا لهم على البذل والعطاء.
في اليوم الثاني وعلى عكس سابقه، استهل برنامج الملتقى صباحاً، بورشة تكوينية في فن “التشخيص المسرحي“، والتي أطرها الفنان المسرحي المبدع “شعيب العمراني“، بحضور ثلة من الشباب العاشقين لخشبة المسرح، والتي طبعا استفادوا منها الشيء الكثير. وخلال المساء كان الجمهور الحاضر من مختلف المدن المغربية، والشباب الفلسطيني الذي شرّف مدينة بوزنيقة، على موعد مع عرضين مسرحيين، الأول بعنوان “هم الخيش” أدّته “فرقة المسرح للإبداع والتنمية” من مدينة برشيد، (( والذي يحكي قصة ثلاثة ألوان، الأحمر، الأخضر والأبيض، يجسدها ثلاثة شباب داخل سجن يعالجون من خلاله عدة قضايا تهمُّ مجتمعاتنا العربية، بطريقة هزلية، جادّة في بعض الأحيان مما يجعلهم يتعايشون مع قساوة السجن، و يبقى الهدف دائما هو الخروج والهروب بعيدا عن كل مشاكل المجتمع، وتخوفهم أيضاً من لسعات المستقبل وراء أسوار السجن ))، الذين تسلّموا تذكار المشاركة في هذا الملتقى من يد رئيس جمعية بصمة أمل. تلتهم بعد ذلك مسرحية متميزة جدّا، حظيت بإعجاب الجميع، ووقف لها الجمهور تحية إجلال وتقدير لهذا العمل المتميز، إنها مسرحية “دارابوش“، لمبدعها الممثل القدير والكاتب المسرحي “أحمد كارس“، ومخرجها الفنان المبدع “شعيب العمراني“، أما التشخيص فقد كان للمتألقة دائما، الفنانة “سهام الزاهري“، والتي أبانت عن احترافية في الأداء، وحكت وشخّصت لوحدها عديد الأدوار لفتاة فقيرة تدعى “فطومة” ورحلتها مع هموم وإكراهات الحياة، كما قدّمت لهم الجمعية تذكارين لمشاركتهما المميزة في هذا الملتقى.
أما اليوم الثالث، فقد كان فرصة لتعلم “مبادئ كتابة السيناريو“، من خلال ورشة تكوينية قدّمها المخرج المتألق، ابن مدينة بوزنيقة، الأستاذ “عبد الإله زيراط“، تفاعل معه الشباب واكتشف وجود “كتّاب سيناريو” داخل العديد ممن حضروا هاته الورشة. وخلال المساء كما العادة، رجوعٌ فنّي للغة المسرح، من خلال مسرحية “كـــــــــوما“، مع فرقة “الكواليس للمسرح” التي جاءت من مدينة “تيط مليل“، والذين قدّموا عرضاً غاية في الإتقان، ومنحهم المدير الفنّي للملتقى تذكاراً من لدن جمعية بصمة أمل.
ليلة السبت 11 فبراير 2017، كانت ليلة اختتام فعاليات “ملتقى بوزنيقة للمسرح” في دورته الثانية، وفعلا كان ختامه مسكاً بتنوع فقرات الحفل، وبحضور فرقة فلسطينية مميزة، هي “فرقة المركب للمسرح والفنون“، مولعة بحب المسرح، لها طموحات عالية لإيصال صورة الواقع الفلسطيني إلى العالم عبر الفن. قدّمت مسرحية فريدة من نوعها بعنوان “المركب“، (( جسّد فيها هؤلاء الشباب معاناتهم الطويلة وواقع الحزن والأسى، وحلم تحقيق الذات خارج الأراضي المحتلّة )) .. لوحةٌ مسرحية جميلة جدّا، تفاعل معها الجمهور الحاضر بدموع من الحزن الممزوجة بالفرح والأمل لتحرير فلسطين الشقيقة، ورفعوا القبعة انحناءً لروعة الأداء، وغنّوا رفقتهم أغنية “إني اخترتك يا وطني” لمارسيل خليفة، ورقصوا على إيقاعات الفلكلور الفلسطيني الشعبي .. وتحدّثوا كلمات حبّ وشكر ومودّة لجمهور مدينة بوزنيقة الرائع، وسكان المغرب الحبيب، وقدّمت لهم “جميعة بصمة أمل” تذكار المشاركة في هذا الملتقى.
بعدها قدّم المبدع “فـــــــــؤاد المســــاوي“، الذي نزع لباس المنشط وارتدى لباس الشاعر، قصيدة فلسطينية جميلة، بعنوان “يا فلسطين” إهداءً للشباب الذين شرّفوا الملتقى، ومساهمة منه في إذكاء شعلة الإبداع بالمدينة الأم، مدينة بوزنيقة، والتي لقيت إعجاب الجمهور الكبير الذي أثّثَ فضاء دار الشباب الإبداعي. والذي بالمناسبة أبان على احترافية في التنشيط.
ثمّ تلته فقرة توزيع شواهد تقديرية على المشاركين، والداعمين والمنظمين والمسيرين لهذا الحدث الكبير، والذين صراحة قاموا بعمل ومجهود كبيرين، يستحقون عليه التنويه والشكر والتقدير، وهذا ما قام به رئيس الجمعية، “يونس زيدان” حينما قدّم كلمة شكر للجميع، وأخذت صور تذكارية تخليداً وتأريخاً للمناسبة الفنية المميزة، وبها أُسدل الستار على فعاليات “ملتقى بوزنيقة للمسرح” في دورته الثانية، ضاربين موعداً للجمهور الكريم في النسخة الثالثة إن شاء الله.
مرّ الملتقى في جوٍّ سليم، تربوي، فنّي، مسرحي إيـــــجــــــــابي ..