قليلون من يدركون الهوية والماهية الحقيقية للرياضي والمبدع والمؤطر والمحتضن الفني والرياضي مصطفى بلقايد… فكل من يعرفه… يحتفظ له بهوية وحيدة ألا وهي ( زوج الفنانة الكبيرة نعيمة سميح، وأب الفنان الواعد شمس). ولا أحد بحث ونقب في سيرة هذا الشيخ العجوز، الذي كان قبل عقود شاب وسيما خطف قلب أميرة الطرب العربي. ولا أحد بحث في ذاكرة هذا الرجل الطيب والمحسن والمتواضع الذي اختار الهدوء والسكينة داخل المدينة الخضراء (ابن سليمان)، اختار الانكباب على أعماله الخيرية وتبرعاته للفقراء والأحداث في المناسبات الوطنية والدينية. بعيدا هواة (شوفوني)، زاهدا عن تاريخه وأمجاده التي لازالت مترسخة في ذاكرة النجوم والأبطال. اسألوا الدراج محمد الكرش عن قيمة شخصية بلقايد، واحفروا في ذاكرة الفنانين والرياضيين العمالة السابقين، والمقربين من أولائك الذين رحلوا عنها امثال (العربي بنمبارك)، لتعرفوا أن بلقايد كان بالنسبة لهم القدوة والقائد وكان الجسر الذي مكنهم من الارتقاء بفنهم ورياضاتهم إلى المستوى الدولي…
ابحثوا يا سادة … لتعرفوا من هو هذا الرجل الذي اختار مجالسة البسطاء ومحاورة الشرفاء واحتضان الفقراء … ابحثوا لتعرفوا أن زوج نعيمة سميح كان مثالا للوطنية الحقة وللمواطن الصالح الذي همه الوحيد نهضة وتنمية أبناء وبنات بلده. لقد كان من بين الأسماء البارزة في تاريخ رياضة الدراجة المغربية ابتداء من سنة 1959 وحتى نهاية الستينات. شارك في عدة تظاهرات وطنية، ومثل المغرب في لقاءات وسباقات دولية. من بينها المشاركة الرائدة له في الألعاب العربية لسنة 1961 بالدار البيضاء، والتي توج بطلا لها. إضافة إلى تتويجه بعدة ألقاب و طنية مغاربية و دولية أخرى. كما أهدى لبلده المغرب ميدالية نحاسية خلال مشاركته في ألعاب البحر الأبيض لسنة 1963 بمدينة نابولي الإيطالية. و كانت أول ميدالية ينعم بها المغرب في تاريخ رياضة الدراجات. وهو الحدث الذي اقترن حينها بميلاد الملك محمد السادس. كما حاز على ميداليتين نحاسيتين في نفس الدورة… ليست وحدها الدراجة التي استهوته إلى درجة الهوس، والتي سخرها من أجل إشعاع نور بلده غير مبال بمردودها المادي، ولكن بلقايد كان له دورا أساسيا بالتعريف بالفنون الوطنية و بالأخص الأغنية المغربية، التي عرج بها إلى أوربا و الدول العربية كمنظم و متعهد. ويكفي أنه كان من السباقين الأوائل في تأطير الجالية المغربية بالخارج قبل وجود الوداديات. ولعل أبرز ما بصم عليه بلقايد، تنظيمه أول حفل مغربي بالأولمبياد بباريس في 20 ماي 1973 بحضور عدد من السفراء العرب و شخصيات مرموقة في عوالم الرياضة و السياسة و أفراد الجاليات العربية المختلفة. وتنظيمه لأكبر لقاء رياضي بين قدماء اللاعبين الفرنسيين و قدماء اللاعبين المغاربة المحترفين في كرة القدم. بمشاركة الملك الكرة حينها الأسد الثائر العربي بن مبارك، و كوبا الفرنسي… تلتها مباراة الوداد البيضاوي و ريد ستار بملعب سان توان بحضور أزيد من 30 ألف من الجماهير و ذلك سنة 1975… تلتها تظاهرة رياضية كبرى بمناسبة الذكرى الأولى للمسيرة الخضراء سنة 1976 . كما نظم مباراتين في المصارعة الأولى بين المغرب و فرنسا ثم الثانية بين شمال افريقيا و فرنسا في فرنسا. علما أن تلك الفترة كانت تمتاز بوجود مصارعين في مستوى دولي كبير أمثال (العراقي، الوكيلي،…) . كما نظم أول مهرجان للأغنية الفلسطينية بطرابلس سنة 1979.بالإضافة إلى أنه احتضن و تعهد لعمالقة الفن الموسيقي المغربي من بينهم المطربة نعيمة سميح و التي أصبحت فيما بعد زوجة له شاركها مسيرة تألقها و نجوميتها.