بعث محمد السكتاوي المدير العام لمنظمة العفو الدولية فرع المغرب اليوم الأربعاء برسالة (مذكرة) إلى سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، بمناسبة بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف الثالث ماي من كل سنة، دعاه من خلالها إلى اتخاذ الخطوات التي تكفل رفع القيود المفروضة على حرية التعبير عن الرأي والتجمع وتكوين الجمعيات بالمغرب، بما في ذلك القيود عن طريق ملاحقة الصحفيين قضائياً، وفض الاعتصامات السلمية بالقوة، وتقييد أنشطة المنظمات غير الحكومية.
وأشادت منظمة العفو الدولية بالخطوة الإيجابية المتمثلة في استجابة المغرب للتوصيات الأممية المتعلقة بضمان الحق في حرية التعبير عن الرأي، وذلك بعد موافقة المشرعين المغاربة على قانون صحافة جديد خال من العقوبات السجنية في غشت 2016، ولكن في نفس الوقت أعربت المنظمة عن أسفها جراء إبقاء مسودة القانون الجنائي الحالي على المواد التي تفرض قيوداً على حرية التعبير دون تغيير يُذكر، الشيء الذي لن يحول في المستقبل دون استمرار ملاحقة الصحفيين ومنتقدي الحكومة بموجب أحكام القانون الجنائي.
ورغم أن الدستور كفل حرية التعبير والفكر والإبداع والنشر بنص صريح، وألزم السلطات في الفصل 28 منه على ضمان تنظيم قطاع الصحافة بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية، فإن السلطات حسب المنظمة، لم تتوقف عن ملاحقة الصحفيين ومنتقدي السلطات والمعارضين السلميين والحكم عليهم بدفع غرامات باهظة، والسجن مع وقف التنفيذ، وحبسهم في بعض الأحيان. وفي تطور مقلق، يتعرض بعضهم للمتابعة القضائية حاليا بتهم تتعلق “بتمجيد الإرهاب”، و“المس بالأمن الداخلي للدولة” على خلفية ما يقومون به من عمل يقع في مجالات الرأي والفكر والإبداع ، وأيضا مقاضاة صحفيين وأكاديميين وناشطين بتهم من قبيل “المس بسلامة الدولة” بسبب تنظيمهم ورشة حول تقنيات استخدام الهواتف الذكية لتغطية الأحداث العامة.
ولا زالت قوات الأمن تلجأ إلى القوة لفض الاحتجاجات السلمية، وصدرت أحكام بالسجن على بعض المحتجين على إثر محاكمات لا تفي بمعايير المحاكمة العادلة.
ومن جهة أخرى، ما انفكت العقبات تعترض طريق تسجيل الجمعيات، لا سيما جمعيات حقوق الإنسان في ضوء استمرار رفض المسؤولين الإداريين قبول استلام طلبات التسجيل، أو تسليم وصل مؤقت في حال استلامها في مخالفة سافرة للقانون. ولا زالت السلطات تفرض حظرا ً على بعض أنشطة تلك الجمعيات، بما في ذلك حظر عقد اجتماعاتها الداخلية. وتضررت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على وجه الخصوص من هذه الإجراءات، وكما طالت هذه الإجراءات التي منعت منظمة العفو الدولية تنظيم دورات تدريبية في حقوق الإنسان، وغير ذلك من الفعاليات العامة التي كانت تخطط لعقدها.
وتضيف رسالة السكتاوي أن المنظمات غير الحكومية الدولية تعيش قيوداً بدورها هي الأخرى، وأن السلطات المغربية شرعت في العام 2015 بملاحقة منظمة فرنسية غير حكومية تُدعى “منظمة العمل المسيحي من أجل إلغاء التعذيب“، وتم متابعة أفراد حرروا شكاوى متعلقة بالتعذيب بحق مسؤولين مغاربة أمام المحاكم الفرنسية بتهمة التشهير والإساءة إلى مؤسسات الدولة .
وفي أكتوبر 2014 ، منع المغرب باحثي منظمة العفو الدولية من دخول البلاد في سياق بعثة لتقصي الحقائق كانت تعتزم التحقيق في أوضاع المهاجرين واللاجئين عند حدود المغرب الشمالية مع إسبانيا. وألغت المنظمة بعثة أخرى مشابهة كان مقررا لها أن تدخل إلى المغرب في نونبر 2014 ، وذلك بعد أن فرضت السلطات المغربية شروطاً على عملها ترقى إلى مصاف القيود التي تحول دون إتمام البعثة لمهامها. وفي يونيو 2015 ، قامت السلطات باحتجاز باحثي منظمة العفو الدولية، وإبعادهم بعد أن وصلوا إلى البلاد في ظل زيارة بحثية معلن عنها. وفي 23 شتنبر 2015 ، طلب المغرب من منظمة هيومان رايتس ووتش أن تعلق نشاطها في المغرب.
هذه بعض الحالات من التضييق على المدافعين عن حقوق الإنسان في المغرب وخارجة، في حين كان المغرب مع النرويج سنة 1998 هما من طرحا على المجتمع الدولي إقرار ” الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميا، وهو صك دولي خاص لحماية الحق في الدفاع عن حقوق الإنسان.
إلى هذا، فإن المغرب دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يعترف بالحق في حرية التعبير، وهو حق منصوص عليه كذلك في المادة 21 من الدستور المغربي. وكانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد قدمت في تعليقها العام رقم 34 إرشادات حول كيف ينبغي للدول تفسير الحق في حرية التعبير المعترف به في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وشددت نفس اللجنة على أهمية حرية التعبير المطلقة، ولا سيما فيما يتعلق بانتقاد الشخصيات العامة والمؤسسات، وأثارت بواعث القلق بشأن قوانين التشهير التي تقيد حرية التعبير. أما البيانات الكاذبة التي تصدر عن نوايا خبيثة مثبتة وينجم عنها وقوع أضرار، تفوق الأضرار التي تلحق بالسمعة، فينبغي للدعاوى المدنية،وأية عقوبات يتم فرضها يجب أن تكون ضرورية تماماً ومتناسبة ولا تقوض الحق نفسه.
ولهذا كله، دعت منظمة العفو الدولية الحكومة المغربية إلى ما يلي:
حرية الرأي والتعبير وإلغاء مواد القانون الجنائي التي تجرم التعبير السلمي عن الرأي وتلك التي يمكن أن تستخدم لتجريم أنشطة تتعلق بالممارسة السلمية لحرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها والتجمع السلمي، والسماح فقط بتلك القيود الضرورية لغرض مشروع وبصورة متناسبة ، وفق ما أقره القانون الدولي لحقوق الإنسان،
ووضع حد لاستخدام القانون الجنائي فيما يتعلق بالقذف وحماية سمعة الشخصيات العامة والأفراد العاديين ، حيث ينبغي أن يجري التعامل مع الدعوات ذات الصلة في إطار التقاضي المدني.كما ينبغي إلغاء أية قوانين توفر حماية خاصة لسمعة العائلة المالكة أو المؤسسات العامة أو الموظفين الحكوميين أو العلم والرموز الوطنييْن (المواد 263 – 267 – 4 من مجموعة القانون الجنائي)،
مراجعة مسودة التشريع الهادفة إلى إصلاح “مجموعة القانون الجنائي” فيما يتصل بانتقاد المعتقدات الدينية، وضمان أن تكفل “مجموعة القانون الجنائي” الاحترام التام للحق في حرية التعبير؛
وتعديل تهم “الإشادة بأفعال تكون جرائم إرهابية” الغامضة التعريف )المادة 218-2 من مجموعة القانون الجنائي) وجعلها تقتصر فقط على تجريم الإدلاء ببيانات عامة بقصد التحريض على ارتكاب جرائم إرهابية والتسبب بخطر أو احتمال ارتكاب جرائم من هذا القبيل، طبقاً لتوصيات “المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب“.
ووقف ملاحقة الصحفيين بموجب أحكام القانون الجنائي لمجرد ممارستهم السلمية للحق في حرية التعبير عن الرأي؛
والإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن أي شخص اعتقل لمجرد تعبيره عن رأيه.
حرية تكوين الجمعيات
وإزالة جميع العقبات التي تعترض سبيل التسجيل القانوني للجمعيات غير الحكومية، وإزالة القيود التعسفية المفروضة على الأنشطة السلمية المشروعة؛
ووقف فرض القيود على دخول الصحفيين والناشطين السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان من ولوجهم إلى المغرب، والاستعانة بهم، وبناء الشراكات معهم في تعزيز حقوق الإنسان.
كما دعت إلى حرية التجمع والإضرابن وذلك بإلغاء المادة 288 من القانون الجنائي التي تجرم الحق في الإضراب. مراجعة وتعديل قانون 76-00 المتعلق بالتجمعات العامة وذلك لإنهاء القيود غير المسموح بها على الحق في التجمع السلمي، بما في ذلك شرط الحصول على إذن مسبق للمظاهرات، وتجريم الاحتجاجات السلمية. وإجراء تحقيقات سريعة ومحايدة في مزاعم الاستخدام المفرط أو غير الضروري للقوة ضد المتظاهرين من قبل قوات الأمن ومحاسبة المسؤولين عنها عند ثبوتها. وسعيا منها لتحقيق هذه الغايات،أكد أن منظمة العفو الدولية ستضل إلى جانب الحكومة المغربية في كل عمل يستهدف الارتقاء بجميع حقوق الإنسان.