الرئيسية / السياسية / من ذاكرة الفساد الانتخابي بابن سليمان : إدانة (شيخ) بسنتين سجن وغرامة 6 مليون بسبب تهمة زائفة وراءها برلماني وجزار …. مرت 3 سنوات على انتزاعه البراءة دون أدنى تعويض للشرف والشغل

من ذاكرة الفساد الانتخابي بابن سليمان : إدانة (شيخ) بسنتين سجن وغرامة 6 مليون بسبب تهمة زائفة وراءها برلماني وجزار …. مرت 3 سنوات على انتزاعه البراءة دون أدنى تعويض للشرف والشغل

مرت أزيد من ثلاث سنوات على تبرئة عون السلطة (شيخ مليلة) بإقليم سليمان، من تهمة النصب والتزوير  ورفض أداء دين موثق لفائدة جزار ببوزيقة. والتي لفقها له برلماني، وأدين بموجبها بسنتين سجنا نافذا وغرامة 6 ملايين سنتيم، قضى منها سنة واحدة. وأفرج عنه بعفو ملكي. لكن إلى حدود كتابة هذه السطور فإن (الشيخ) لم يتم  تعويضه ماديا ومعنويا، ولا إعادته إلى عمله بقيادة مليلة.    

فقد كللت نضالات وصمود الشيخ الهرم بانتزاع حكم براءته من المحكمة الاستئناف. لكن

تلك البراءة لم يكن لها طعم ولا لون. لأنه أضاع عدة سنوات في المعاناة والسجن ولطخت سمعته و وسمعة وشرف أسرته الصغيرة. وأكثر من هذا وذاك. طرد من عمله. ولم يتم إعادته إلى العمل، وتعوضيه ماديا ومعنويا. أتذكر حيث عاد من المحكمة ومعه حكم البراءة، من تهمة النصب والتزوير لفقت له من طرف برلماني بدائرة ابن سليمان. بمساعدة وتواطؤ جزار بمدينة بوزنيقة. والتي قضى بموجبها سنة سجنا نافذا. وأفقدته عمله وشردت أسرته. فقد أثار الشيخ بهتافه وصراخه وبكاءه وحمده لله استغراب كل من شاهده حينها يلوح بحكم البراءة، متجولا بين شوارع مدينة ابن سليمان ومقاهيها. وكأنه يقول لكل من نعتوه بالفاسد والمزور أنه بريء ومظلوم. فقد قضت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 06/12/ 2012 ببراءة محمد الجوهري الشيخ السابق بقيادة مليلة التابعة لإقليم ابن سليمان السابق، من حكم مدته سنتين حبسا نافدة، قضاه منه سنة واحدة بعد أن استفاد من العفو الملكي. وهو حكم تبث أنه جائر، بعد أن لفقت له تهمة خطط لها برلماني تجمعي. ونفذها الجزار. انتزع الحكم، بعد أزيد من سنتين على تواجد ملفه داخل رفوف محكمة الاستئناف بالدار البيضاْء، وبعد معاناة طويلة قضاها الشيخ (الشيخ) متنقلا بين مدن ابن سليمان والرباط والدار البيضاء ومقر سكنه بالجماعة القروية مليلة على بعد 30 كلم من مدينة ابن سليمان. تنفس الصعداء وخرج الضحية يصرخ بين أزفة وشوارع المدينة قائلا ( جاء الحق وزهق الباطل). وجاء قرار محكمة الاستئناف بخصوص إلغاء الحكم الابتدائي الصادر عن ابتدائية ابن سليمان بتاريخ 05/07/1999  ملف عدد 180/99 . وكانت وزارة العدل وقعت على مراجعة الحكم الذي صدر ضده، وأحالت الملف على المجلس الأعلى للقضاء الذي قرر تحت رقم 1020، بتاريخ 06/10/2010  بقبول طلب المراجعة وإبطال القرار الصادر عن الفرقة الجنحية لمحكمة الاستئناف بالبيضاء في القضية عدد 4928/2/1999، وإحالة القضية على نفس المحكمة للبث فيها من جديد طبقا للقانون. لكن ملف القضية أحيل خطأ على محكمة الراشيدية، قبل أن يعاد بتاريخ 19/10/2010 إلى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، حيث ضل جامدا لمدة سنتين.  واستاء الجوهري مما وصفه بالغموض الذي لف ملفه القضائي، رغم توفر كل الأدلة والقرائن، مشيرا إلى أنه عانى الأمرين من أجل الاهتداء إلى مكان الملف، وأن جهات كانت تسعى إلى طي ملفه.

 

 

هل تعتذر وزارتي الداخلية والعدل لشيخ مليلة ؟

 

 

قال محمد الجوهري وعينيه تسبح في حوض من الدموع: (…ظلموني وشردوني أنا وعائلتي … وما قدرت نواجههم… وإلى اليوم ظهر الحق   غدا قدام الله  نتحاسبوا … ). وأضاف أنه ناضل مند خروجه من السجن من أجل إثبات براءته، وأن الله وفقه رغم العراقيل والتهديدات التي واجهته من قبل عدة جهات نافدة. وتمكن من الحصول على وثيقة تؤكد أن القضاء كان فاسدا في الحكم عليه، وأن عليه أن يعتذر له ولأسرته. وتابع : لدي اعتراف صريح بأن القضاء أخطأ في حقي، وأريد أن يعرف الجميع أن عملية النصب والتزوير التي تعرضت لها شردت أسرتي و جعلتني مريضا جسديا ونفسانيا…). وطالب باعتذار وزارة الداخلية  والعدل والحريات في حقه وحق أسرته، وتعويضه عن الطرد من العمل وسنوات العذاب التي ذاقها في السجن وذاقتها أسرته بعده في الفقر. كما طالب بمنحه أي عمل بديل يمكنه من تعويض جزء مما أتلفته التهمة التي لفقت إليه، خصوصا أن حالته الصحية لم تعد تسمح له بالإجهاد في أي عمل…

 

 

 

 

تفاصيل التهمة الملفقة من طرف  برلماني وجزار

 

 

 

 أشعلت الصراعات الانتخابية والولاءات السياسية  فتيل التوتر بين الشيخ  والبرلماني، الذي  تعاقب فترات التسعينيات على رئاسة جماعة مليلة، قال الجوهري إن فالبرلماني كان يخوض غمار الانتخابات بقوة كبيرة ونفوذ، معتمدا على علاقته مع  وزير الداخلية الراحل  إدريس البصري (كان جاره)، وعلاقته مع شخص رفض التصريح بهويته وقال عنه إنه كان يدعي أنه (إنسان ديال الثقة ديال العرش) يهدده بكل شخص. اشتد النزاع بعد أن رفض الشيخ الذي كان حينها عون سلطة(مقدم)، الامتثال لنزوات البرلماني وتفضيله الخضوع لقائده، وازداد  التوتر بعدما رقي المقدم إلى شيخ القيادة. فبدأ البرلماني يبحث عن خطة للإطاحة بالشيخ. كان الجوهري يأتمن أحد الموظفين  (ضابط الحالة المدنية) على بعض وثائقه. كلما تغيب، يترك له بعد الأوراق ممضية على بياض، ويحثه على منحها لطالبي شواهد السكنى وبعض الشواهد الإدارية، بلغ خبر الأوراق الممضية على بياض إلى خصومه، فاستغل أحدهم خروج الموظف من مكتبه وعمد إلى سرقة ورقة ممضية.

 انتقلت الورقة إلى العقل المدبر البرلماني، ليفاجأ الشيخ باستدعاء عاجل توصل بها من وكيل الملك لدى ابتدائية ابن سليمان. ضن الشيخ أن في الأمر خطأ أو أن القضاء في حاجة إليه من أجل الإدلاء بشهادة بخصوص أحد سكان القيادة.

انتقل الشيخ في الموعد المحدد إلى المحكمة، ليواجهه وكيل الملك بشهادة موقعة من طرفه تؤكد أنه قبض عربون خمسة ملايين سنتيم في عملية بيع عقار لا ملكه. وجاء في الورقة أن الجوهري توصل بمبلغ العربون مقابل قطعة أرضية تعود لسيدة قروية، وحدد لها ثمن عشرة آلاف درهم للمتر. قال الشيخ لوكيل الملك  إن الورقة مزورة وقد سرقت منه، فرد عليه الوكيل:  مالنا عندنا لانازا ديال مريكان. عندها أدرك الشيخ أنه وقع تحت رحمة خصومه، وأن المؤامرة حيكت له بإتقان، وأنها تمت بين عدة أطراف أمنية وقضائية.

 

الخروج من السجن والبحث عن البراءة

 

 

ضل الشيخ  يصارع  الظلم الذي أحاله على السجن طيلة أيامه داخل السجن، وبعد خروجه من السجن، ورغم العرس الذي أحيته له قبيلته بالخيام وخيول التبوريدا، فإن شغله الشاغل كان هو كشف ظالميه.                                                                                                                        فقد ضل تائها بين قريته المعزولة بمنطقة مليلة، ومقاهي مدينة ابن سليمان، يسير في اتجاهات مختلفة، ويركن عندما يتعب إلى بعض المقاهي، حيث يعصر كؤوس (القهوة مهرسة)، ويلف السيجارة تلو السيجارة، يبكي تارة ويصرخ تارة أخرى، طالبا الغيث الذي طال انتظاره دون أمل…فقد قضى ظلما سنة سجنا نافذة، بعد أن استفاد من العفو، وطرد من عمله كعون سلطة، بعد أن لفقت له تهم أبطلها القضاء. وعاد إلى منزل خائبا ليقف على حال أسرته الصغيرة المهدمة ماديا ونفسيا.علما أنه ضل مطالبا بأداء مبلغ غرامة ستة ملايين سنتيم. فقرر حينها البحث عن ظالميه، وكشف حقيقتهم.

انتقل إلى مدينة الرباط، حيث ارتمى في شوارعها، يبحث عن براءته، جالس كل من له ربطة عنق وبذلة نظيفة، استعطفهم وحكى لهم كيف تعرض لنصب جماعي شارك فيه مسؤولون من عدة جهات… ضل يراقب الداخل والخارج إلى قبة البرلمان… أصبح زبونا لجميع المقاهي المقابلة للبرلمان، جالس السماسرة  والشرفاء … حمل أظرفه يوزعها على كل من رأى فيه هبة ووقارا،  يستنجد بهذا ويبكي على ذاك إلى أن تم استدعاءه من طرف وكيل الملك بابتدائية ابن سليمان الذي كان وراء اعتقاله.

قال الجوهري: ولجت مكتب وكيل الملك، الذي أمر باعتقالي بتهمة التزوير والنصب، فنهض من مكانه وعانقني وقال لي إنك والله مظلوم، وإن ساعدتني سأثبت براءتك… والله مكانعس من جيهتك… وقبل أن أخرج من عنده  حمل المصحف وقال لي: ولله وتعاونت معايا لأوقعنا بهؤلاء المجرمين وطلب مني أن أسجل اعترافاتهم. وأن التزم بالكتمان في مهمتي.  

 

تسجيل اعترافات خصوم الشيخ

 

 خرج الجوهري باحثا عن آلة تسجيل صغيرة،  وتوجه إلى مدينة بوزنيقة حيث يوجد الجزار الذي أدلى بالوثيقة المزورة واتهمه بها. قال الشيخ: من حسن الصدف أنني وجدت غريمي منذ الوهلة الأولى التي وطأت فيها قدمي المدينة، كان جالسا رفقة بعض السماسرة بأحد المقاهي. تقدمت إليهم، والألم والمهانة تكوي كل جراحي، لم أتمالك نفسي غضبا  فانسحبت دون شعور، لكنني تداركت نفسي وعدت لأبحث عنه لأجده ماشيا فنادية عليه وتمكنت من استدراجه… وأضاف : وجدته متذمرا  لما ألحقه بي وضل يردد طلبه لي بالعفو عليه، وقص علي جميع خيوط الشبكة التي أوقعت بي، مؤكدا على أن الاتفاق كان مع البرلماني خصمه مقابل خمسة ملايين سنتيم التي سيأخذها مني إن استطاعوا عبر المحكمة، و في حالة دخولي إلى السجن سيعطيه البرلماني خمسة ملايين جزاء له. وهو ما نفته جهات موالية للبرلماني مؤكدة انه لم يتعرض بأي أذى للشيخ وأنه لا دخل له بعملية التزوير.

سجل الشيخ اعترافات الموظف ضابط الحالة المدنية الذي سرقت منه الورقة، كما سجل اعترافات شركائهم واحدا واحدا، ولم يخف أنه أغلق آلة التسجيل حين بدأ أحد الأشخاص المتورطين في قضيته يتناول حديثا يضر بهما معا، ولم يكشف عن فحوى الحديث.      

أعطى الشرائط  لوكيل الملك الذي طلب منه العودة بعد أسبوع، حيث تم استدعاء الدرك القضائي الذين أخذوا الأدلة والشكاية والكاسيت، وطلبوا منه العودة صباح اليوم الموالي.

 

الحكم على خصومه باستثناء البرلماني

تقدم محامون  للدفاع عن قضية الجوهري مجانا، فتمكن الشيخ من إقناع المحكمة الابتدائية والحكم على الجزار الذي اتهمه بقبض العربون بسنة ونصف سجنا نافذة، وعلى شريكيه بستة أشهر حبسا نافذة لكل منهما، كما حكم على الأشخاص الثلاثة بغرامات مالية متفاوتة،  لكنه تفاجأ بأن أحدهم أدلى بشهادة الاحتياج ليتم إعفائه من الأداء،  كما طالب محاموا الشيخ برفع الحصانة عن البرلماني والتحقيق معه، لكن طلبهم ضل حبيس الملفات.  وتم تأييد الحكم استئنافيا. وقد بلغ عدد الجلسات ثلاثون جلسة. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *