لو كان الخيار بأيدينا لَنَقلنا خريطة الوطن إلى أعلى باتجاه شبه الجزيرة الإسكندنافية!!
هناك.. على الأقل.. كُنا سنسمع في كل صبيحة أصواتا جميلة لا يدخل فيها ارتجاج المخاط وهو يخرج غزيرا من “منخار” رئيس جمهورية مصطول!!
كُنا سننصت إلى عبارات راقصة كأنها صيغت من مزيج شقراوات اسكندنافيا ومقطوعات “فالز” فيينا.. فلا نجد فيها بتاتا الحرفين المُقَعَّرَيْن.. “الخاء” و”الواو”.. اللذين يصيبان الألِف عند ضمّه إليهما قسراً بظُلم ما بعده ظُلم ويقولان بمعيته كَذِباً ما بعده كَذِب (خاوا خاوا)!!
كُنا سنقرأ الفاتحة على روح جِوارٍ في غاية السوء لم نحصد تحت سمائه سوى الخيبات.. لأن زُرَّاعَه ظلوا منذ نصف قرن يُولُون كل اهتمامهم ورعايتهم وعنايتهم للنبتات اللقيطة.. والحشرات الطفيلية والضارة.. بدلا من الالتفات.. كما يفعل كل زُرَّاعُ العالم إلى ما يؤتي أُكُلَه بإذن ربّه!!
كُنا سنتركهم أيتاماً يلعقون طين ورمال صحاريهم بالكامل من فرط الخيبة والغبن لأنهم سيجدون أنفسهم.. وكذلك سيجدهم العالَمُ من حولهم.. بلا قضية قابلة للاختلاق.. وبلا غطاء خارجي يقيهم لهيب الجحيم المتقدة في شوارعهم على أيدي مواطنيهم.. والمشتعلة على امتداد فُرشاتهم الغابوية على يد جهاز مخابرات أدمن على هواية اللعب بأعواد الثقاب قرب قصور التبن وشرفات القشّ والهشيم المصنوعة من شعاراتهم الجوفاء!!
ولكِنْ.. كُنا أيضاً.. سنُصاب بعدوى محبوبةٍ ومرغوبٍ فيها تجعل حكومتنا أكثر مغربيةً.. وبرلماننا بغرفتيه أكثر مواطَنةً.. ومشاريعَنا الإنمائيةَ أشدَّ التصاقاً بمطامح المغاربة وتلبيةً لانتظاراتهم…
لو كان الإمر بأيدينا.. لَكُنا أعدنا عقارب التاريخ إلى ما قبل الغزو العثماني لتلك البقاع الموزّعة بين شتات من القبائل على مقربة منا.. قبائل من بدو الصحراء.. ومن برابرة المنطقة.. ومن بقايا غُزاة روما.. وبيزنطة.. وفينيقيَا.. والفيكينغ… ومن شَتاتٍ آخر لا حصر له… ولَكُنا انتقينا من كل أولئك أمزيغيينا وبعض عُرْبانِنا فضممناهم إلى حضننا.. ولَتركنا لهم الباقين.. لأن الباقين ما كانوا ليخوضوا يوما ثورات.. ولا حركات تحرر.. وما كانوا سيفبركون شهداء يتناسلون ويتكاثرون في قبورهم… ولوجدناهم إلى غاية يوم الله هذا على نفس النغمة النشاز من التفرقة ومن الدونية…
ولَكُنا اليومَ نشير إليهم بالبنان لنُلفت إليهم أنظار أطفالنا: أنظروا جيدا إلى هذه “الأشياء” حتى لا تتركوها مستقبلا تتسلل إلى هَنائكم فتحوّله إلى رميم!!
كُنا سنفعل ذلك.. لو كان الأمر بأيدينا!!!
محمد عزيز الوكيلي
أستاذ باحث