كتب رئيس بلدية المحمدية في تدوينة له أمس السبت على صفحته الاجتماعية بالفايسبوك، إنه استقبل هذا الأسبوع أصحاب الأرض التي رشحت لكي ينجز فوقها مشروع المستشفى الإقليمي للمحمدية. أصحاب الأرض استنكروا التعويض الهزيل المقترح عليهم من أجل نزع ملكية الأرض منهم، والمحدد في 400 درهم للمتر المربع. علما أن ثمن تلك الأرض يساوي 3ملايين سنتيم للمتر المربع. السؤال الكبير والعريض هو لماذا تم تغيير مكان الأرض المقترح لبناء المستشفى الإقليمي، من أرض حديقة المصباحيات المهملة، إلى أرض بجوار السوق الممتاز مرجان بالقرب من قنطرة وادي النفيفيخ. ومن هي الجهة المستفيدة من هذا التغيير المفاجئ، علما أن كل الإجراءات كانت قد تمت بين المجلس البلدي والعمالة ومندوبية ووزارة الصحة. وموافقة رئيس الحكومة شخصيا. الكل كان متوافقا على المشروع. ليفاجئوا بعد صدور تصميم التهيئة الخاص بالمدينة، أن مكان المستشفى تغير. وكأن تصميم التهيئة لم يشاركوا في تهيئته… أليس هذا تزويرا في وثيقة رسمية؟ .
أتذكر في لقاء تواصلي أجراه محمد العطواني رئيس مجلس عمالة المحمدية مع الصحافة قبيل الانتخابات الجماعية الأخيرة، حين أرغى وأزبد في حديثه عما اسماه بمشروع الجامعة الطبية (المستشفى الإقليمي). حيث أكد أن المشروع كان من المفروض إنجازه فوق حديقة المصباحيات المهملة بعالية المحمدية، والتي مساحتها حوالي 12 هكتار. وأضاف أنه كان سيلقى دعما بقيمة 10 ملايير سنتيم، بتدخل من سفارة المملكة العربية السعودية بالمغرب، لدى الرئيس المدير العام لشركة سامير. كما تلقى حينها الدعم من طرف وزارة الصحة وجامعة الحسن الثاني. وتم الحصول على الموافقة المبدئية من طرف الوزير الأول حينها في الحكومة. وتابع وهذا هو المهم، أن (المجلس البلدي السابق صادق على المشروع). فهل بحث رئيس البلدية الحالي عن هذه الوثيقة. أم أنها اختفت مثل مقرر البلدية الخاص بمنع حافلات سكان إقليم ابن سليمان من ولوج دولة المحمدية. هذه الوثيقة الأخيرة التي عثر عليها الرئيس، وأعادها إلى (الخزنة)، علما أنه وعد بديل بريس بإلغاءها بمجرد العثور عليها… من قام إذن بتعديل في تصميم التهيئة الخاصة بالمحمدية، بدون استشارة مجلس البلدي ومجلس عمالتها. فقد ارتكب عملية تزوير وجب البحث والتقصي من أجل معاقبته، وإصلاح تصميم التهيئة. أم أن المجلس السابق عاد ليتراجع خلسة وتحت الطلب. وهذا يعتبر جريمة. ووجب محاكمة الجاني أو الجناة… وأين كان محمد العطواني الرئيس السابق والحالي لمجلس عمالة المحمدية، ومحمد المفضل الرئيس السابق للمجلس البلدي… عندما صدر هذا التصميم المزور.
حديقة المصباحيات كلفت 900 مليون سنتيم وتحولت من فضاء سياحي ترفيهي إلى مزبلة ملجأ للمنحرفين والمشردين
من يزور اليوم حديقة المصباحيات بعالية المحمدية، والتي أنجزت بداية التسعينات بشراكة بين بلدية المدينة ومصلحة المياه والغابات صاحبة الأرض بكلفة إجمالية فاقت 900 مليون سنتيم. يقف على أطلال مرافقها السياحية والترفيهية وشساعة مساحتها (12 هكتار) المملوءة بكل قاذورات المدينة من أزبال وبقايا مواد البناء.
من يتحمل الروائح الكريهة التي تكسو فضائها ومحيطها ويعقد العزم على التجول داخلها، يرى أن الحديقة التي لم تعد بها نبتة واحدة، أصبحت تحت رحمة أسراب من الحشرات وقطعان الماشية، ويرى المنحرفين والمشردين منزوين هنا وهناك، يغازلون قنينات الماحية وأكياس البلاستيك المملوءة بالسلسيون والسراج. وبين الفينة والأخرى تلتقي شخصا أو أشخاصا من ساكنة الجوار، مرغمين بسبب انعدام فضاءات رياضية وترفيهية، يتجولون في بعض مسالكها أو يمارسون إحدى الرياضات (العدو، الكرة الحديدية)، وألسنتهم تسب وتلعن…
حديقة المصباحيات وكما يتذكرها ساكنة أحياء المصباحيات والحسنية والرشيدية، كانت المتنفس الوحيد لهم، والعوض الذي قلل من استيائهم من جراء التلوث الذي غمر الأرض والماء، تلوث الأرض بسبب مطرح الازبال بضواحي المدينة والذي باتت سيوله تتسرب إلى خارج المطرح وروائه الكريهة تنضاف إلى أدخنة المصانع الكيماوية التي أفسدت هواء المدينة وبات سكانها عرضة لأمراض الحساسية والجلد.
بين الأمس واليوم، طال حديث الساكنة. تحدثوا عن جمال الحديقة وتنوع مرافقها الترفيهية، مقهى والعاب الأطفال وبئر لجلب مياه السقي مزود بكل عتاده اللازم وأزهار وورود تجدب الساكنة. وتساءلوا كيف تم إهمال الحديقة بعد سنوات من إحداثها، ولماذا تركوها تموت ببطء إلى أن تحولت إلى أطلال.
وأشاروا إلى أن العبث الذي طال الحديقة امتد إلى فضاءات ومرافق أخرى، في إشارة إلى المركب الرياضي والترفيهي الذي أنجز سنة 1995 بقرب الحديقة على مساحة 4.5 هكتارات بكلفة مالية فاقت ثلاثة ملايير سنتيم، به مسبح وغرف وملاعب رياضية ومراحيض وحمامات…، فجأة توقفت الإصلاحات داخله، وبدأت مرافقه تتعرض للضياع، وتبددت معه الأموال التي صرفت عليه.. قبل أن يتم تفويته إلى وزارة الشباب والرياضة، التي عينت به مديرا، ولازال في حاجة إلى التهيئة و الإصلاح قبل افتتاحه رسميا.
كما أشاروا إلى سوق الجملة الذي أصبح يشكل نقطة سوداء بسبب ضعف بنيته التحتية وسوء التنظيم وانتشار الازبال داخله وخارجه. وتحولت المنطقة إلى مرتع لكل الجراثيم والبعوض سواء على طول مجرى وادي المالح الذي تعرض مؤخرا للتضييق من طرف القيمين على مشروع توسع الطريق السيار البيضاء والرباط، حيث فاضت مياه الوادي وغمرت بقية الحوض حتى قبل سقوط الأمطار. واختلطت مياه الوادي مع السيول التي تصب من أسفل مطرح الازبال، وأدخنة الشركات الملوثة ومطرح الازبال زادت من اختناق الساكنة وخصوصا في الليل.
أسباب تدهور حديقة المصباحيات ضلت لغزا حير كل الساكنة بسب صمت المسؤولين والمنتخبين الذي تعاقبوا على تسيير بلدية المحمدية. فقد استمر نشاط الحديقة لعدة سنوات قبل أن يذهب بريقها وتتعرض أجهزتها للإتلاف وتغلق المقهى لتتحول إلى فضاء مهدم الأسوار، تأتيها القمامة والازبال ومواد البناء من كل ناحية وتحولت مرافقها إلى مرتع للمنحرفين والمشردين.
ورجح مصدر من عمالة المحمدية سبب تدهورها إلى التغييرات التي طالت مجموعة من التقنيين المتخصصين في الفضاءات الخضراء بالمدينة، واندلاع عدة مشاكل في التسيير وغياب الأطر المختصة.
فيما أشار بعض المنتخبين إلى أن سبب تدهور وتهميش الحديقة يعود إلى صراعات سياسية بين الاتحاديين الذين أحدثت الحديقة في فترة رئاستهم للبلدية، ومنافسيهم الذي تعاقبوا بعدهم على رئاسة البلدية، وأن تهميش الحديقة كان أمرا مفتعلا.
وذهبت أطراف أخرى إلى الجزم بأن هناك جهات نافذة بالمدينة تستعد لمحو الحديقة من أذهان الساكنة، بهدف الاستثمار في مساحتها في مجالات عمرانية تدر عليهم الأموال. وأن جهات تسعى إلى وضع اليد عليها بهدف تحويلها إلى اقامات سكنية. وأظنها هي الجهات التي زورت تصميم التهيئة، وألغت مشروع المستشفى الإقليمي الذي كان سيبنى فوق أرض الحديق. ولعل ما جعل العديد يعتبرون الهدف الأخير السبب الرئيسي لتهميش الحديقة، كون أن كل المخططات والبرامج البيئية التي وضعتها العمالة والبلدية سابقا ضلت بعيدها عن الحديقة المتعفنة، ولم تبادر أية جهة من أجل التفكير في إعادة الحياة إليها رأفة بساكنة عالية المحمدية.
وتساءل الساكنة كيف أن البلدية التي لم تكن تتوفر حينها إلا على رافعة واحدة (تراكس) وكانت تعتني بالحديقة ومحيطها. وأنه الآن وبعد توفرها على عدة رافعات، لا تهتم بها
بل إن جميع الأنشطة البيئية التي نظمت داخل المدينة سواء من طرف جمعيات المجتمع المدني أو من طرف السلطات المحلية أو الإقليمية أو المنتخبين، لم تكن تضع ضمن برامجها إصلاح حديقة المصباحيات التي اعتبرت المتنفس الوحيد لساكنة العاليا (الحسنية، المصباحيات، الرشيدية…).