تعتبر الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي تدفع حقوق البث والاستماع إلى النشيد الوطني لدولة أخرى وهي فرنسا، كما أنها الدولة الوحيدة التي تمل شعارا تهديديا لدولة بعينها، وطبعا فالتهديد موجه لفرنسا الدولة التي سبق واستعمرتها. ويستغرب الشعب الجزائري كيف أن الجزائر الحرة والمستقلة، لازالت إلى حد الآن تؤدي
مقابل مالي لشركة فرنسية، كلما وقف رئيس الجمهورية بوتفليقة من أجل الاستماع إلى النشيد الوطني الجزائري. وهي عبارة عن حقوق التأليف تستفيد منهاالمؤسسة الفرنسية (ساسام). أو كلما تم إطلاق النشيد الوطني في مناسبات رئاسية رسمية. أو اجتماعات الحكومة والبرلمان والمؤتمرات والندوات والزيارات الرسمية للوزراء والرؤساء، بما فيها زيارات رؤساء فرنسا للجزائر.
الشعب الجزائري يتساءل كم تصرف الدولة والأجهزة غير الرسمية سنويا، للشركة الفرنسية (ساسام)، مقابل استماعها للنشيد الوطني؟… وهل تتقشف السلطة في عملية الاستماع إلى النشيد الوطني حتى لا تدفع لفرنسا ثمن استماعها للنشيد الوطني؟… وقال الكاتب والصحفي الجزائري المعارض سعد بوعقبة بعد الحديث عن هذا الموضوع…إنني تعبان.. وفضائح هذا النظام تجاوزت حدود كل تصور، ولم تعد الكلمات كافية للتعبير عن وصف هذه الروائح الكريهة التي تتدفق كل يوم على أسماع وأعين الناس. وكان الكاتب بوعقبة، كشف عن موضوع النشيد الوطني في أحد أعمدته الصحفية بعنوان (نقطة نظام). حيث أوضح أن النشيد الوطني الجزائري “قسما”، من كلمات الشّاعر مفدي زكريا، كتبه داخل سجن بربروس في عهد الاستعمار الفرنسي يث تعرض للتعذيب في الزنزانة رقم 69 عام 1956، ولحّنه الملحّن الموسيقار المصري محمد فوزي. هذا الأخير صرح به لدى المؤسسة الفرنسية “SACEM”، بحكم أن كل المصنفات الفنية المصرية محمية إلى غاية اليوم من طرف تلك الشركة الفرنسية. كما المصنفات الفنية الجزائرية، كانت هي أيضا محمية لدى الشركة السابقة إلى غاية 1973، وهو العام الذي أنشئ فيه الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة. وكان الشاعر زكريا، المدعو الشيخ زكري، قد انخرط في مؤسسة “ساسام” الفرنسية في 26 جوان 1962، أي قبل استقلال الجزائر بتسعة أيام.
وكشف الصحفي المعارض أن الرئيس الراحل الهواري بومدين، حاول تغيير هذا النشيد، فقام بفتح مسابقة لاختيار أحسن نشيد، وشارك فيها مفدي زكريا أيضا، والنتيجة أن نص مفدي كان أحسن النصوص المشاركة في المسابقة، ولذلك ترك بومدين النص السابق “قسما” لنفس الشاعر. كما أن الرئيس الراحل الشادلي لقليبي حاول بداية الثمانينيات تغيير المقطع الخاص بالتهديد الموجه لفرنسا، لكن نواب الأفالان آنذاك رفضوا الأمر، وبقي النشيد كما هو. وبعد مجيئ الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة دستر النشيد الوطني والعلم، لكنه لم يحرره من التبعية للشركة الفرنسية من حيث حقوق التأليف.