مقدمة عامة
إننا نعتبر الصحافة قطاع حيوي واستراتيجي هدف وجوده وأساس استمراريته هو تطوير العيش المشترك بين المغاربة، وتكريس أسس الديمقراطية في بلادنا بناء على هويتنا المشتركة والمنفتحة. ولا يمكن القيام بأي إصلاح للصحافة بدون احترام لمرجعيات الدستور وللإتفاقيات والمواثيق الدولية التي تكرس الحق في الخبر والحق في الإتصال والإعلام.
إن أي تفاعل وقراءة لمسودات مشاريع القوانين المحالة علينا لا يمكن أن يستقيم بدون تقييم للسياق العام السياسي والقانوني الذي ولدت فيه واقترحت فيه وهي:
أولا: التضييق على الحريات العامة وعلى حرية الصحافة وعلى عدد من الجمعيات، وكذا التضييق الممارس على التمثيلية النقابية في قطاع الصحافة المكتوبة وفي شركات الإعلام السمعي البصري. وهي وضعية تشهد عليها عدد من التقارير الوطنية والدولية حول وضعية حرية الصحافة بالمغرب.
ثانيا: المؤشرات السلبية التي ترهن اليوم مصير مشروع قانون الحق في المعلومة الذي نص عليه الدستور. حيث سجلت العديد من الجمعيات الوطنية والدولية من بينها الشبكة المغربية من أجل الحق في الوصول إلى المعلومة وفرع المغرب لمنظمة ترانسبارنسي الدولية أن المسودة الأخيرة لمشروع قانون الحق في المعلومة الأخيرة تضمنت تراجعات حقوقية حتى بالمقارنة مع المسودات الحكومية السابقة. ونحن نتطلع إلى أن تعمل اللجنة الوزارية المنكبة على هذا الملف برئاسة رئيس الحكومة على تدارك هذه التراجعات التي تتناقض حتى مع نص الدستور وروحه ومع المرجعيات الدولية.
ثالثا: نعبر عن ترحيبنا بالتعديلات الإيجابية التي تم تضمينها المسودات المحالة علينا.
رابعا: إن المرجعية الأساسية التي ينبغي أن تحكم هاته المسودات هي حرية الرأي والصحافة باعتبارها المبدأ وأن القيود على هذه الحرية هي من باب الاستثناء على المبدأ. ولا يجوز تقييد الحرية إلا "لضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الغير واحترامها ولتحقيق المقتضيات العادلة للنظام العام والمصلحة العامة والأخلاق في مجتمع ديموقراطي" (المادة 29 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان). وفي حال غموض النصّ القانوني، يتجه التفسير دائماً لمصلحة الحرية وليس لمصلحة القيود.
بخصوص مسودة مشروع قانون 13-90 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة
- العضوية: م 4: تدقيق صفة "النقابة" الأكثر تمثيلية التي لها الحق في تعيين "صحفي شرفي" كعضو بالمجلس وتعويضها بكلمة "النقابات" الأكثر تمثيلية، وذلك لتفادي أي حيف في التمثيلية.
- توضيح مع توحيد المصطلح تفاديا لأي استغلال لهذا الإطلاق مستقبلا:
- المادة 9 التي تنص على العودة إلى الإدارة في حالة عدم انعقاد المجلس الوطني وذلك بغرض توضيح المقصود بالإدارة في هاته المادة؛
- المقصود ب"السلطة الحكومية المختصة" في المادة 46؛
- المقصود بالمصالح الإدارية المكلفة بالمهام الموكولة إليه؛
- المادة 12: حذف الفقرة نظرا لكون الفقرة الثالثة من نفس المادة تترك للنظام الداخلي للمجلس كيفيات تعيين رؤساء اللجن واختصاصاتها وكيفية عملها.
- تعديل المادة 20: سيما البند الذي ينص على مساهمة المقاولات الصحفية في موارد المجلس وذلك بإقرار مساهمة رمزية نظرا لتراجع عائدات الصحف عوض التنصيص على نسبة 1 بالمائة من الأرباح وهي نسبة هامة. إلغاء التنصيص على التحصيل الجبري لمساهمة المقاولات الصحفية؛
- المادة 47: إعادة صياغة الفقرة الأولى وربطها بالفقرة الثانية ليستقيم المعنى.
- النقابة الأكثر تمثيلا: (المادة 53) تعديل كلمة "نقابة" الصحفيين المهنيين الأكثر تمثيلية وتعويضها بكلمة "النقابات" الأكثر تمثيلية، وذلك لتفادي أي حيف في التمثيلية.
بخصوص مسودة مشروع قانون 13-89 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين
- أقر الدستور المغربي في العديد من فصوله كفالة حرية التعبير والحق في الحصول على المعلومات العمومية وفي نشر الأخبار والأفكار والآراء من غير قيد عدا ما ينص عليه القانون صراحة، نجد ذلك في الفصل 25 الذي ينص على أن "حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها" وفي الفصل 27 الذي نص على أن "للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات، الموجودة في حوزة الإدارة العمومية، والمؤسسات المنتخبة، والهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
لا يمكن تقييد الحق في المعلومة إلا بمقتضى القانون، بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني، وحماية أمن الدولة الداخلي والخارجي، والحياة الخاصة للأفراد، وكذا الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور، وحماية مصادر المعلومات والمجالات التي يحددها القانون بدقة" والفصل 28 نص على أن " حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة…"
بناء على ما تقدم فإن التحديد الذي خص به مشروع النظام الأساسي للصحافيين المهنيين هو تقييد لممارسة حرية التعبير التي تعتبر الصحافة أحد أهم تجلياتها وبالتالي لا يمكن التراجع وإلغاء ما هو وارد في النظام الأساسي للصحافيين المهنيين الجاري به العمل والذي ليس فيه تقييد بضرورة أن يكون أجر الصحفي المهني من الصحافة. من هنا ضرورة التمييز بين صحافي الممارسة المهنية وصحافي التعاقد المهني، حتى لا يكون الحق في التعبير مقتصرا على فئة صغيرة من الأشخاص.
- توسيع تعريف الصحفيين ليتوافق مع المعايير الدولية؛
- يجب تدقيق التعريف الوارد في المادة الأولى من حيث الصياغة للتمييز بين الصحفي المحترف الذي أجره الرئيسي من مزاولة مهنة الصحافة والصحفي المحترف الأجير لدى مؤسسة صحفية واحدة الوارد في الفقرة الأولى من المادة 15.
- أن شرط الحصول على بطاقة الصحافة المهنية لا ينبغي أن يمنع شخصا من ممارسة الصحافة بدون الحصول على البطاقة؛
- مطابقة المادة 9 مع المادة 46 من مشروع قانون 13-90 المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة فيما يتعلق بتنفيذ بعض الأحكام التي قد تصدر عن حكم قضائي كما هو الحالة هنا في الحكم بسحب بطاقة الصحافة، والنص على ضرورة تنفيذ المجلس الوطني للصحافة للحكم فقط، دون ربطها بصلاحيات المجلس المتعلقة بالسلطة التقديرية المهنية التي يتمتع بها كتحديد مدة السحب وطبيعتها…
- الفقرة الثانية من المادة 11: تعديلها كالتالي "أو يقوم بسحبها إن اقتضى الحال وفقا للفقرة الأولى من المادة 9 أعلاه".
- تصحيح الإحالة في المادة 13 على المادة 26 عوض المادة 25.
- المادة 18: تفيد بأن هناك فرقا وتمييزا بين "القواعد المهنية المتعارف عليها" وبين "الأعراف المهنية المعمول بها داخل المؤسسة الصحفية"، في حين أنه لا يوجد أي فرق بينهما. إن وضع فرق بينهما في هذا النص قد يثير اللبس والغموض وقد يسمح للمؤسسات الصحفية بالتضييق على الصحفي ويسمح لها بإرغامه على الإلتزام بالأعراف المهنية الخاصة بتلك المؤسسات وليس بالقواعد المهنية المتعارف عليها. نقترح الإحتفاظ فقط بعبارة: "القواعد المهنية المتعارف عليها".
- المادة 20: تعديل جملة "…المنصوص عليها في القانون المذكور رقم 65.99" كما يلي: "…المنصوص عليها في القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل".
- توضيح المقصود ب"الإدارة" في كل من المادة 24، المادة 28، المادة 29.
… بعد تقديم المشروعين من قبل وزير الاتصال في غرفة المستشارين يوم الأربعاء الماضي، ستشرع لجنة التعليم والثقافة والإعلام بغرفة المستشارين في مناقشة المشروعين يوم غد الأربعاء 6 يناير 2016.