الرئيسية / بديل رياضي / نادي الملاكمة بالمحمدية يصنع النجوم من المنحرفين والمتشردين والمعاقين جسديا وذهنيا

نادي الملاكمة بالمحمدية يصنع النجوم من المنحرفين والمتشردين والمعاقين جسديا وذهنيا

نبيل منيام:  شرطي القطار الذي حول حلبة الملاكمة إلى مستشفى  ينقب داخل البؤر السوداء والأسر الهشة

 

     

 

  

لم يعد يخفى على أحد ما يقدمه فرع الملاكمة داخل النادي البلدي بالمحمدية من خدمات تعدت الرياضة وصناعة الأبطال من قبيل (محمد العرجاوي وبدر الحديوي…)… فقد تحولت حلبة الملاكمة للنادي بقاعة ستة نونبر إلى إصلاحية لإعادة تقويم سلوكات الأطفال المشردين والمنحرفين ذكورا وإناثا، ومستشفى للعلاج النفسي والعضوي للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. واعتبرتها الأسر الفضالية والزناتية رئة مدينة الزهور  والمتنفس الوحيد لأطفالها… تجاوزت سياسة الباب المفتوح في وجه كل راغب في التكوين أو كسب اللياقة البدنية من وراء تمارين مكثفة ومبرمجة من طرف مدربين متطوعين في مقدمتهما نبيل منيام البطل الدولي السابق وشرطي القطار زميله النجار الحاج عزيز زعيتر … أصبحت رياضة الملاكمة أو كما تعرف ب(رياضة الملوك) أو (الفن النبيل)، وصفة طبية حررت المعاقين رغم إعاقاتهم المختلفة وجعلتهم أقوى من الأصحاء، وأنارت طريق المنحرفين والمشردين، ومكنتهم من العودة إلى عالم الإنسان النافع، والمواطن الذي أصبح يعرف  حقوقه وواجباته… جعلتهم يستدركون ما فاتهم من إصلاح ذاتي ونفسي. ويندمون على سنوات الضياع التي كانوا فيها مدمنين على الخمور والمخدرات والأقراص المهلوسة، وكان بعضهم ذئابا تنهش أعراض وأجساد بني جلدتهم من البشر. يعترضون سبيل المارة بأسلحتهم البيضاء ويتحرشون بالنساء ويرعبون جيرانهم….  بل إن بعضهم استطاع التفوق والتألق وتمكنوا من حصد الألقاب الجهوية والوطنية وحتى القارية والدولية… زيارة خاصة قامت بها (الجريدة)  لهذا المركب الرياضي الاستشفائي بعالية المحمدية، الذي يعرف ازدحاما حميميا مساء كل يوم..أطفال وشبان من مختلف شرائح المجتمع، وحتى من بعض الدول العربية والأوربية، تحول إدمانهم  على المخدرات والانحراف والعزلة والمرض، إلى انتعاشة ورغبة جامحة في ارتداء قفازات الملاكمة، وإفراغ عنفهم ومرضهم في الهواء، والتخلص يوميا من عرق ضل لعدة سنوات ينزف في غير محله. ويتسبب لبعضهم في سيول من الدماء والدموع…عيادة الرياضي الدكتور نبيل منيام المدير التقني للنادي وشرطي القطار الذي لا يفوته يوما دون أن يكون قد اصطحب معه مشرد من خلف قضبان السكة الحديدية أو من محيط سوق العالية (الجوطية)، أعادت البسمة للعشرات من الأسر الفقيرة، التي استعادت الأمل في أطفالها، كما أعادت الأمن والسلامة داخل عدة أحياء سكنية، كان تعيش جحيم العنف والتسلط من طرف شبان وأطفال هم الآن بأياد أمينة، يتدربون يوميا بعد أن أقلعوا عن الانحراف والعنف، بل إن بعضهم طرق أبواب منازل جيرانه واعتذر لهم عما كان يصدر منه من عنف وكلام قبيح وتحرش ولصوصية… كنا نأمل في أن  ينطق الكل ويكشف كل النجوم عن ماضيهم، وخصوصا هؤلاء الذين عاشوا جحيم الطفولة، وتجرع محيطهم من مرارة جحيمهم قبل أن ينتشلهم النادي ويحولهم إلى أبطال . لكن هناك من تحفظ  بعد أن رأى فيها إدلالا لشخصه، وكثيرون فرحوا بالكشف عن ماضي مضى بكل سلبياته، وفرحوا أكثر بعد أن علموا أنهم سيشكلون القدوة والقائد لأطفال وشبان آخرين لازالوا منغمسين في عالم الإدمان والانحراف. وأنهم سيؤكدون لهم أن العالم النقي الطاهر (غفور رحيم)، وأن بإمكانهم ولوجه والتألق داخله.  

 

مهدي عمارة : من منحرف سكير ومدمن على (القرقوبي) إلى ملاكم متألق توج  بطل المغرب لسنة 2013

لن يصدق أحد أن بطل المغرب الحالي في رياضة الملاكمة  (وزن 81 كلغ)، والمتوج خلال شهر يونيو الأخير بمدينة آسفي… والشاب المكافح الطيب والسموح الذي توج وصيفا لبطل المغرب خلال السنوات الثلاث الماضية، و أحرز بطولة عصبة الشاوية أربع مرات منذ سنة 2010، في أوزان مختلفة… هو نفسه طفل ومراهق الأمس الذي  تسبب له طلاق والديه وشتات أسرته الصغيرة  في اضطرابات نفسية وعزلة… حولته إلى شخصية مشاغبة وعنيفة… ترى في عيون الجيران والمارة  كل أوجه الاحتقار والمهانة… وتقرأ في حركاتهم  ودردشاتهم  كل مظاهر  التنقيص لشخصه بسبب ما وقع لأسرته من تفكك. فاختار الانتقال إلى عالم  الانحراف والإدمان على احتساء الخمور وتناول الأقراص المهلوسة (القرقوبي). وأصبح عدوا لدودا لكل بني البشر. من يصدق أن (مهدي) الذي هداه الله للصلاة والاستقامة، هو ذلك (الكابوس) الذي كان يرعب ساكنة درب مراكش والجوار، كان يبيع ملابسه من أجل الحصول على مخزون ليلة حمراء من كحول وأقراص مهلوسة. قال مهدي في دردشة خفيفة للأخبار إن نادي الملاكمة، كان حضنا دافئا له، مكنه من استعادة حياته، مؤكدا أنه مصر على أن يعرف الكل كيف كان المهدي وكيف أصبح… وأن يعرف المنحرفون واليائسون أن بإمكانهم  الحصول على حياة كريمة بديلة، وأنه مهما كان انحرافهم فإن العلاج موجود داخلهم. وأضاف أنه بقدر ما هو فرح ويفتخر بحاضره، بقدر ما هو نادم على ماضيه، وخصوصا ما تسبب فيه لأقاربه وجيرانه… وقدم المهدي اعتذاره لكل ساكنة الحي ومدينة المحمدية على ما اقترفه من أخطاء. وتمنى أن يكون قدوة لفئات عديدة لازالت تعيش ماضيه. ازداد  مهدي عمارة في شهر غشت من سنة 1992 بدرب مراكش بمدينة المحمدية. لكن شاء القدر أن يتطور خصام بين والديه، إلى طلاق لا رجعة فيه وهو في ربيعه السادس، ليجد نفسه رفقة شقيقته التي تصغره بثلاث سنوات ضمن لائحة المشردين. ويزداد تفاقم وضع المهدي بعد أن تزوج الأم وتزوج الأب، وأنجبا إخوة له من أبيه وأمه. ليجد نفسه مضطرا  للإقامة داخل غرفة في سطح منزل جدته من أبيه، رفقة عمته المعاقة. ويجد نفسه في مرمى أبناء الجيران الذين بدئوا يسخرون من وضعه كطفل مهمل من طرف الوالدين، ووالده يقطن في شقة بنفس المنزل المكون من ثلاث طوابق، رفقة زوجته وطفله الجديد. بينما تقطن أمه منزل بعيدا رفقة زوجها وطفليها وشقيقته. بالكاد تابع دراسته حتى مستوى السابعة أساسي، لينهار أمام العزلة والأزمة النفسية التي انتباته بسبب مصيره المظلم، ووضعه المهين وسط أطفال أبرياء لا يفوتون يوما دون الاستهزاء به. جاور أمه لمدة عقد من الزمن، قبل أن يقبل به والده لبعض السنوات، ويعرج بعدها إلى سطح منزل جدته حيث ملاذه الوحيد إلى يومنا هذا. كانت عزيمة المهدي قوية، رغم المؤثرات السلبية، فقد بدأ رياضة الملاكمة وفي ربيعه العاشر. لكنه كان بالموازاة عنيفا و ومدمنا على الخمور وال(قرقوبي)، و(السليسون).. تنهد مهدي وهو يتمتم لي ( كنت محكور وسط الدرب، وأنا نبدا نشرب ونشم السلسيون و نستعمل الكينة)، وأضاف (بعت حوايجي باش ندبر لفلوس)، كان يصرخ طوال الليل ويزعج ويرعب السكان، وكان يضرب أطفال الدرب. لم يكن مفعول التمارين الرياضية قويا حينها. لكنه ومع مرور الوقت بدأ يسترجع عافيته ويرسم طريقه. لعب لنادي الجيش الملكي للملاكمة، وعمره لا يتجاوز 15 سنة، وحصل مع النادي على بطولة العصبة، وخسر نهائي بطولة المغرب في فئة الصغار.  لكنه عاد بعدها لناديه الأصلي النادي البلدي المحمدية، حيث استأنف تداريبه. يتذكر مهدي كيف أنه قضى شهرا حبسا نافذا بسبب خصام له وقع مع صاحب (محلبة)، وكيف أنه وهو في حالة سكر، رمى بقنينة مشروب غازي على التاجر، وكسر زجاج واجهته. وكيف أنه تعارك مع رجلي أمن كانا بالزي المدني، قبل أن يكتشف أنهما شريطيين. وهي واقعة كادت أن تعصف بمستقبله.

 

لحبيق رضا: ترك الرياضة وارتمى في حضن الأشرار قبل أن يستعيد وعيه بضربة (ياجورة)

 

   صح مثل الشهيد الليبي عمر المختار (الضربة التي لا تقسم ظهرك تقويك) على الملاكم الفضالي رضا لحبيق. الذي عاد من مستنقع الإدمان والأشرار بفضل ضربة غير مقصودة لشقيق له. كان قد وجهها له بعد  أن اكتشاف انحرافه وغضبه عليه. فقد أعاد رضا عقارب الساعة  إلى فترة طفولته، عندما كان يسرد للأخبار تفاصيل حياته، حيث بدأ رضا  (25سنة) تداريبه في سن التاسعة، بعد أن لقي دعما ورعاية من والده البسيط الذي يعمل سائق حافلة، وأمه الموظفة، فكانت من نتائجه تداريبه الأولية، أن وزنه خف تدريجيا، وأصبح رشيقا. عند بلوغه سن ال18، انتقل إلى نادي الجيش الملكي على أمل أن يحصل على إمكانيات مادية، تمكنه من الإبداع أكثر، فتوج وصيفا لبطل المغرب سنة 2006، في وزن 64 كلغ، وتمت المناداة عليه لينضم إلى تشكيلة المنتخب الوطني. اعترف رضا أنه كان يسيء لرياضة الملاكمة، بحيث أنه لم يكن يواظب على التداريب، كما كشف للأخبار أنه ارتكب خطأ أثناء تواجده في معسكر إعدادي بمعهد مولاي رشيد الرباط، موضحا أنه تلقى مبلغ ألفي درهم، وطلب منن ومن باقي زملائه، عدم مغادرة مدينة الرباط، لكنه انتقل إلى القنيطرة بدون إذن من المدرب . أنه لم يتم المناداة عليه خلال المعسكر التدريبي الثاني. وأضاف أنه بعد عودته إلى منزله بالمحمدية، شاهد زميليه بدر الحديوي ومحمد العرجاوي يشاركان في كأس محمد السادس سنة 2006، فغضب، وكانت بداية انحرافه،حيث أصبح عنيفا وبدأ يرافق بعض الشبان المنحرفين، يعاقرون الخمر. إلى أن جاءت الضربة (العلاج)، من شقيقه، الذي أصابه في وجهه، وفي لحظة غضب بقطعة (ياجورة)، كان يريد فقط إخافته بها. وهو ما تسبب له في كسر في الأنف، تطلبت إجراء عملية جراحية دقيقة. وكلفته عدم المشاركة لمدة سنتين. وهي الفترة التي راجع رضا فيها نفسه، واكتشف ما ارتكبه من أخطاء أثرت في مسار حياته. فوعد نفسه بالتغيير للأحسن، وتمكن من استرجاع شخصيته ولياقته، وتمت المناداة عليه من جديد من طرف الجيش الملكي، بعد أن خضع  لفحوصات طبية أتثبت جاهزيته، وشفاءه التام من الكسر الذي سبق وأصاب أنفه. لكن أضاف رضا : (فضلت عودة إلى نادي المحمدية، حيث ترعرعت، وحيث أجد حسن المعاملة والحضن الرياضي الدافئ). وتوج وصيفا لبطل المغرب السنة الماضية في وزن 69 كلغ، كما توج ثالثا خلال السنة الجارية في وزن 81 كلغ. وأكد رضا أنه ندم على كل تصرف سيء صدر منه اتجاه كل مدرب وكل مسؤول واتجاه سكان درب الشباب ولابيطا وسكان المحمدية عامة، وأكد أنه أزال ثوب الانحراف وارتدى زي السلوك الأحسن والرياضة، ووعد بتحقيق ألقاب وطنية ودولية، ستكون مهداة لسكان المحمدية وبلده المغرب.

 

منيام: شرطي القطار الذي يقضي وقت فراغه في  البحث عن المشردين

قال نبيل منيام المدير التقني للنادي والشخصية الأكثر تأثيرا على الملاكمين، إن قاعة ستة نونبر مفتوحة في وجه كل الفئات العمرية ومن كل الأسر  بمختلف شرائحها، كما هي في حاجة إلى المزيد من الدعم والتعاون من أجل الرفع من خدماتها الرياضية والاجتماعية. مشيرا إلى جنود الخفاء الذين يدعمون أهداف النادي الإنسانية، وفي مقدمتهم محمد العسولي رئيس نادي الملاكمة وأعضاء المكتب المسر. دون أن ينسى زميله المدرب النجار الذي يشاركه التدريب اليومي بالمجان. وأشار منيام إلى مناطق تواجد المشردين بالمدينة والجوار، سواء بميناء المدينة أو بمحطة القطار ومحيطها أو (جوطية) العالية، وأن فئة كبيرة من الأطفال المشردين تتمرن داخل قاعة النادي، ويستمعون إلى نصائحه ويتمرون إلى جانب الأطفال العاديين والأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. كما تحدث عن الدور الكبير الذي تقوم جمعية القصبة للأطفال في وضعية صعبة، التي تحتضن  أطفال يخضعون لتكوينات في الحدادة والحلاقة والنجارة والأغراس…  وغيرها من المهن، بمساعدة حرفيين وزملاء لهم تمرسوا في بعض المهن.كما أن مجموعة من الأطفال المشردين بدئوا يستغلون عطالتهم في التجارة بالتجوال، والاستفادة من برامج الجمعية ودعمها لهم. وأكد أن هناك أطفال بلا أسر يبيعون (الميكة) أو ينظفون السمك بالميناء أو سوق السمك، أو يعملون كحمالين. وأن بعضهم تكون وأصبح يقوم بدور المكون. كما أن الجمعية التي هو عضوا بها، تقوم بحصص في محاربة الأمية وتلقين بعض المهن داخل مقرها. وأفاد منيام أن النادي يحتضن الآن أزيد من 25 طفل مشرد أعمارهم ما بين  12 و 24 سنة، كما يحتضن 14 طفلا ومراهقا من ذوي الاحتياجات الخاصة، نصفهم من طوي الإعاقة الذهنية، والنصف الآخر من ذوي الإعاقة العضوية. وتحدث شرطي القطار عن الملاكم  يوسف حرجي  وعمره 20 سنة، مؤكدا أن أسرته في وضعية صعبة، وأنه كان في صغره يبيع (الميكة)، ليساعد أسرته، وهو الآن مساعد لصاحب محل لبيع أدوات الخياطة. كما تحدث عن الملاكم رشيد  لشكر (18 سنة)، والذي احتضنته جمعية القصبة. موضحا أنه تعلم الحلاقة، و أصبح معلم حلاقة داخل مقر الجمعية، والذي تنبأ له بمستقبل زاهر، نظرا لما يعرفه عنه من التزام رياضي وأخلاقي ومهني. وانتقد غياب الدعم للنادي سواء من طرف السلطات المحلية والمنتخبين،  باستثناء ما توفره البلدية من قاعة ودوش ودعم مالي بسيط سنويا. كما انتقد غياب قاعة مغطاة بالمدينة، وتأثير ذلك السلبي على عدة رياضات، وطالب بتسريع إنجاز القاعة المغطاة العالقة، متساءلا كيف لمدينة الزهور والرياضات الأنيقة الا تتوفر على قاعة مغطاة، في الوقت الذي تتوفر فيه مدن أخرى أقل موارد مالية منها على عدة قاعات. وأكد أنه لم يسبق لأي مسؤول أو منتخب أن زار النادي ووقف على ما يقدمه من مبادرات رياضية واجتماعية  لأسر مدينة المحمدية.وطالب نبيل من كل الأطر و الكوادر المحلية والغيورين على المدينة أن يمنحوا جزءا من أوقفات فراغهم لفائدة المهمشين والمقصيين من أطفال وشباب المدينة، وخصوصا المنحدرين من أسر فقيرة أو في وضعية صعبة أو هؤلاء المشردين المنتشرين بعدة نقط سوداء  بالمدينة. وأخص بالذكر الأطباء، حيث أن هناك عدد كبير من الأطفال والشبان مصابون بعدة أمراض منها ما هو معدي ، ولا يجدون من يسعفهم. وتساءل لماذا لم يتم بناء مراكز القرب كالقاعات الرياضية والملاعب . تقي الأطفال والشبان من الانحراف . وأن تكون القاعات والملاعب مفتوحة بالمجان .

 عندما تصبح الملاكمة علاجا لذوي الاحتياجات

 

 

انطلقت الممارسة الفعلية لهذه الفئة بعد ولوج أول طفل معاق حركيا. وهو عادل بوزميمير، كان خلالها في سن ال15 يعاني من إعاقتين في اليد والرجل، اقتحم بوزميمر قاعة التدريب، وأفصح عن نيته في ممارسة رياضة الملاكمة، قال منيام: طلب بوزميمير استقبل حينها باندهاش الملاكمين والأطر الفنية، على اعتبار أنه معاق عضويا ويصعب عليه أن يمارس رياضة تعتبر عند البعض من أعنف الرياضات… علما أن عادل حاول ممارسة رياضات أخرى أقل عنفا لكنه لم يجد حضنا لطموحه. وتابع منيام: لم أشعر وأنا اصطحب الطفل إلى داخل القاعة، حضنته وأبديت له رغبتي في تدريبه قدر المستطاع، بشرط احترام المواقيت وتنفيذ البرامج، فقبل التحدي وبدأنا معا مشوارا ليس كالمعتاد.ولوج بوزميمير عالم الملاكمة وحبه لها لحد أنه أصبح يؤدي لقطات استعراضية في رياضة الملاكمة في أكبر المحافل الرياضية بالمغرب، كان أكبر حافز لولوج  معاقين ومعاقات جدد عالم الملاكمة. وكسرت  كريمة ناصيف  وصديقتها زهور اخديم جدار الخوف الذي ضل يعتري النساء وهن يشاهدن قلة من الرجال يتعاركن فوق حلبة مطاطية باسم الرياضة الأشد عنفا بين الرياضات، أزحن غطاء الأنوثة الضعيفة وسماحة الجنس اللطيف أمام طيف الرجال واستفزازهم المستمر لهن، تحدين الفقر والإعاقة وعزمن على خوض غمار أعنف الرياضات التي ضلت وعلى مدى عقود ناقوس الرجال الذي يوظفونه كلما سنحت الفرصة  لإظهار تفوقهم على الجنس الناعم. رفعن شعار القوة عزيمة والضعف يأس وإحباط وقررن قيادة قافلة النساء ضد الرجال لتحرير المرأة من قيود الضعف والاستسلام للجنس الآخر. أخفين أيديهن الهزيلة داخل قفازات رياضية، وارتدين لباس الملاكمات المحترفات رغم إعاقتهن الحركية على مستوى الأرجل، وأصررن على خوض تداريب العنف من أجل نشر ثقافة السلم والتواصل.  حطمن جبروت الرجال واقتحمن خلوتهم التي اعتادوا إرسال رسائل غرور وتنقيص عبرها لبنات هواء. وكان الطفل سالم (26 سنة)، فاقدا للنطق منغلقا على نفسه، ومريضا ذهنيا، ولج عالم الملاكمة وتدرب لعدة أشهر كانت كافية لتغيير سلوكه وشفائه، أطلق العنان للسانه وبات يحب الأنس والحديث، أصبح يتقن الحساب والتحدث، بعدما كان لا يعرف عد الدراهم القليلة، و بعدما كانت أمه  تكتب على ورقة اسمه وعنوانه وتضعها في جيبه كلما هم بالخروج من المنزل خوفا من أن يضل الطريق. انقطع عن التداوي  وشفي  من كل أمراضه الذهنية والعضوية، مما حدا  بأمه إلى أن تفتح له دكانا للبقالة. وقالت ناتاليا المواطنة الفرنسية أم الشاب ماكس المعاق ذهنيا والذي كتب له أن يكون ضمن فئة المعاقين ذهنيا وحركيا المنخرطين بنادي الملاكمة، إن ما حصل من تغيير لابنها البالغ من العمر 19 سنة، وفي غضون سنة واحدة، لجدير بالذكر والتنويه، وأن ابنها الذي كان يعاني ببلده في فرنسا من العزلة والاكتئاب وكان حبيس المنزل، أصبح شابا مرحا يحب الحديث والتسلية وأصبح له أصدقاء داخل النادي يحبهم ويتألم لفراقهم. وأضافت الفرنسية التي استقرت منذ ثلات سنوات رفقة زوجها بمدينة المحمدية أن القدر شاء أن يضيع الظرف الذي يحوي كل وثائق ابنها الطبية داخل إحدى عربات القطار، وأن يتم العثور على الظرف بعد ساعتين من فقدانه بفضل مسؤولي المحطة بالمحمدية الذين ما إن حدثتهم على محتوى الظرف وعلى ابنها المعاق ذهنيا حتى نصحها بالاتصال بنبيل منيام شرطي القطار والمدرب التقني  لفرع الملاكمة داخل النادي البلدي بالمحمدية. وأنه الوحيد الذي بإمكانه مساعدتها على تربية ابنها الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة.

العسولي: أول مصنع لإنتاج النجوم من المشردين والمنحدرين من أسر معوزة

 قال محمد  العسولي رئيس الفرع إن المكتب المسير اختار اعتماد الرياضة في تنمية الروابط الاجتماعية والتكافل وجعلها عامل من عوامل الإدماج، وأضاف أنه انطلاقا من هذا التوجه قرر المكتب المسير التعامل مع فئات اجتماعية طالها الإهمال( ذوي الاحتياجات الخاصة، الأطفال في وضعية صعبة،الأطفال نزلاء دار الأطفال)  وجعلها من ممارسي رياضة الملاكمة.  وأكد أن النتائج المحصل عليها أبهرت أعضاء المكتب أنفسهم، إذ تحول الفرع من ناد عادي للتداريب إلى مصنع ينتج النجوم والأبطال من فئات فقيرة ومشردة، ومصحة تعالج المعاقين ذهنيا وتقوي المعاقين حركي وتجعلهم اقوي شجاعة ومبادرة من الأصحاء. و قد كان النادي أول نادي مغربي عربي و إفريقي وعالمي يحتضن هذه الفئة في رياضة الملاكمة. وأكد أن المقابلة الحبية التي جمعت ملاكمتين من النادي ضمن اللقاء الذي جمع المنتخب المغربي للملاكمة إناث بنظيره الفرنسي بمدينة تمارة شكل حدثا بارزا  و فرصة  أبانت خلالها ملاكمات النادي أنه لا يحتجن إلا لفرصة إثبات حمولتهن التقنية في مجال رياضة الفن النبيل. وأوضح العسولي أن من بين منخرطي النادي نزلاء دور الأطفال  والأطفال في وضعية صعبة، وخصوصا المشردين، حيث اعتبر العسولي أن حصة تداريب هذه الفئة تكون  مناسبة لتمكينهم من الاندماج مع أطفال عاديين من أسر ميسورة، وفرصة للاستحمام و تنظيف ملابسهم. هذا فضلا عن الألبسة التي يجتهد الفرع في الحصول عليها إما بمساهمة بعض المحسنين أو بمساهمة بعض الملاكمين.وأضاف العسولي بحسرة وألم: إن العمل مع فئة الأطفال في وضعية صعبة حصة واحدة في الأسبوع تعتبر غير كافية لكن إمكانيات و طاقم الفرع جد محدودة و نتمنى لو نتمكن من إضافة حصص أخرى إذا ما تمكنا من الحصول على الدعم في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *