الرئيسية / بديل رياضي / نبيل منيام : شرطي القطار الذي حول حلبة الملاكمة إلى حضن ومصحة نفسية وفضاء لتحدي الإعاقة … الملاكم السابق يدخل خانة المدربين العالميين ويتوج بديبلوم (الملاكم النجم) بإيطاليا أمام مشاركين من 43 دولة

نبيل منيام : شرطي القطار الذي حول حلبة الملاكمة إلى حضن ومصحة نفسية وفضاء لتحدي الإعاقة … الملاكم السابق يدخل خانة المدربين العالميين ويتوج بديبلوم (الملاكم النجم) بإيطاليا أمام مشاركين من 43 دولة

زاد نجم الملاكم السابق ومدرب الأبطال نبيل منيام، بعد أن حصل أخيرا على ديبلوم (الملاكم النجم) من قلب الديار الإيطالية، خلال دورة تكوينية استفاد منها مشاركين من 43 دولة بالقارات الخمسة. وتمكن نبيل شرطية القطار والمنقب على النجوم ضمن كل الفئات المجتمع، بما فيها فئات الفقراء والمشردين والأيتام وحتى ذوي الاحتياجات الخاصة، شارك في هذه الدورة التكوينية الدولية التي دامت 20 يوما، إلى جانب 15 مشار مغربي، وتمكن من التألق رفقة البطل والمدرب مصطفى فضلي من مدينة الرباط. وقد تم الإحتفاء بالبطل منيام بمسقط رأسه بمدينة المحمدية، ومن طرف المكتب المديري للنادي البلدين الذي يدير شؤون 14 ناديا. وكان المكتب المديري الذي يرأسه محمد جمالي احتفل بنجوم وأبطال كل فروع النادي الرياضية مساء أمس الاثنين،وتخليدا للذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء المظفرة. كما تم تتويج الفائزين في عدة مسابقات رياضية نظمت بمناسبة الذكرى الغالية.

  

حتى لا ننسى ….

يحتضن النادي البلدي بمدينة المحمدية فرع الملاكمة مجموعة من الأطفال والفتيات في وضعية صعبة، متشردون و معاقون حركيا وذهنيا وضحايا انحرافات الشوارع… الذين استطاعوا تحدي الإعاقة والفقر والتشرد وحصد الألقاب، ووجدوا في أعنف رياضة  سبيلا لتفريغ كل مشاكلهم وتحدي إعاقاتهم الذهنية والعضوية. منهم من حل بالنادي بتوصية من أب أو صديق أو… وكثيرون تم جلبهم من طرف نبيل منيام المدير الفني للفرع  والمدرب المشرف على هذه الفئات، صادفهم أثناء أداءه لمهامه  كشرطي القطار، يتسولون أو يجوبون عربات القطار ومحيط المحطات 

منيام رفقة مايسترو الملاكمة العسولي أسسا رفقة طاقم من الشبان بمدينة الزهور فرعا للملاكمة خاص بتدريب المعاقين والمشردين. والأطر الإدارية والتقنية  داخل النادي تلقى دعما كبيرا من الأبطال أبناء النادي في إشارة محمد العرجاوي بدر الحديوي اللذان يواظبان على الاحتكاك بهذه الفئات، و المغرب هو البلد الوحيد في العالم الذي يأوي ملاكمين معاقين، منيام طالب غير ما مرة بضرورة إحداث دوري في الملاكمة الخاصة بالملاكمين المعاقين والملاكمة الاستعراضية التي برع فيها العديد من أبطال النادي. وأصر على بعث رسالته  للجنتين الأولمبيتين لرياضة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة محليا ودوليا من أجل إحداث مسابقة لهذه الفئة في رياضة الملاكمة.

وأوضح منيام أن الممارسة الفعلية لهذه الفئة  انطلقت بعد ولوج أول طفل معاق حركيا. وهو عادل بوزميمير إلى مقر النادي بعالية المحمدية، كان خلالها في سن الخامسة عشر يعاني من إعاقتين في اليد والرجل، اقتحم بوزميمر قاعة التدريب، وأفصح عن نيته في ممارسة رياضة الملاكمة، قال منيام: طلب بوزميمير استقبل حينها باندهاش الملاكمين والأطر الفنية، على اعتبار أنه معاق عضويا ويصعب عليه أن يمارس رياضة تعتبر عند البعض من أعنف الرياضات… علما أن عادل حاول ممارسة رياضات أخرى أقل عنفا لكنه لم يجد حضنا لطموحه.

وتابع منيام: لم أشعر وأنا اصطحب الطفل إلى داخل القاعة، حضنته وأبديت له رغبتي في تدريبه قدر المستطاع، بشرط احترام المواقيت وتنفيذ البرامج، فقبل التحدي وبدأنا معا مشوارا ليس كالمعتاد.

ولوج بوزميمير عالم الملاكمة وحبه لها لحد أنه أصبح يؤدي لقطات استعراضية في رياضة الملاكمة في أكبر المحافل الرياضية بالمغرب، كان أكبر حافز لولوج  معاقين ومعاقات جدد عالم الملاكمة أبرزهم  الشابتين كريمة  وزهيرة. 

عزيمة كريمة وزهيرة وعادل وغيرهم كثيرون… جعلت منيام يفكر في استقطاب المزيد من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة لممارسة رياضة الملاكمة، لينفرد النادي بهذا التوجه الإنساني والاجتماعي، قال منيام بطل المغرب في الملاكمة في الثمانينات: بدئوا يسترجعون  لياقتهم وصحتهم تدريجيا وبدأت إعاقاتهم تخف، ولم تعد سببا في توتر نفسيتهم، وتعافى المعاقين ذهنيا وأصبحوا أكثر مرحا واستجابة،  يخوضون مباريات استعراضية يعطون من خلالها دروسا في الملاكمة في محافل الوطنية والدولية التي نظمت محليا، تحدوا الإعاقة وباتوا يرسلون عبر استعراضاتهم رسائل يؤكدون فيها قوة المعاقين وقدرتهم على ممارسة أعنف الرياضات، كانوا منعزلين و قلقين فأصبحوا  منفتحين وبشوشين ومستعدين لكل مواجهة داخل الحلبة …وأضاف أن نائبة رئيس الاتحاد الفرنسي للملاكمة  وعضو الاتحاد الدولي لنفس الرياضة التي حضرت إحدى المباريات الاستعراضية بين كريمة وزهيرة بمدينة سلا، بكت، وأكدت للحضور أنها لم تر من قبل فتاتين تحدين الإعاقة الحركية وقررن خوض غمار رياضة الملاكمة، وتمنت أن تتسع رقعة هذه التجربة لتعم المغرب والخارج.

وأوضح أن هذه الفئة من الأطفال  من الجنسين التي فاقت العشرين تتدرب بالموازاة مع أبطال النادي، ويتلقوا اهتمام أكثر وهو ما حفزهم على الاستمرار في التداريب، وتحدث منيام عن أطفال آخرين استطاعوا التغلب على إعاقاتهم الذهنية والبدنية بعد التزامهم بحصص تدريبية يومية داخل النادي. وإلى جانب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة عمل منيام الذي يشغل وظيفة شرطي القطار على جلب ما استطاع من أطفال في وضعية صعبة التقاهم أثناء جولاته على طول محطات القطار بالمدينة والمدن التي يزورها القطار، قال منيام: كنت أتواصل معهم دائما وأحاول إقناعهم بممارسة الرياضة باعتبارها وسيلة كفيلة بتغيير سلوكهم وحياتهم وجعلهم يواظبون على أعمال تحافظ على صحتهم من جهة وتضمن لهم سلوكا حسنا ومستقبلا يقيهم شر التشرد والفقر. وأضاف أنه جلب العديد منهم خلال التسع سنوات التي درب فيها داخل النادي، ومنهم من استطاع إحراز ألقاب على الصعيد الوطني والدولي، وأوضح: يتدربون مجانا داخلا النادي ويستفيدون من التداوي والملابس … بدعم من محسنين رفضوا الكشف عن هويتهم، إنهم جنود الخفاء.

 

ماكس الفرنسي المعاق الذي أحب الملاكمة

قالت ناتاليا أم الشاب ماكس المعاق ذهنيا والذي كتب له أن يكون ضمن فئة المعاقين ذهنيا وحركيا المنخرطين بنادي الملاكمة، إن ما حصل من تغيير لابنها البالغ من العمر 18 سنة، وفي غضون سنة واحدة، لجدير بالذكر والتنويه، وان ابنها الذي كان يعاني ببلده في فرنسا من العزلة والاكتئاب وكان حبيس المنزل، أصبح شابا مرحا يحب الحديث والتسلية وأصبح له أصدقاء داخل النادي يحبهم ويتألم لفراقهم. وأضافت الفرنسية التي استقرت منذ سنتين رفقة زوجها بمدينة المحمدية أن القدر شاء أن يضيع الظرف الذي يحوي كل وثائق ابنها الطبية داخل إحدى عربات القطار، وان يتم العصور على الظرف بعد ساعتين من فقدانه بفضل مسؤولي المحطة بالمحمدية الذين ما إن حدثتهم على محتوى الظرف وعلى ابنها المعاق ذهنيا حتى نصحها بالاتصال بنبيل منيام شرطي القطار والمدرب التقني  لفرع الملاكمة داخل النادي البلدي بالمحمدية. وأنه الوحيد الذي بإمكانه مساعدتها على تربية ابنها الذي لا يعرف القراءة ولا الكتابة.

 قالت الأم في تصريح للمساء: كان ابني عنيفا  ومنعزلا ويرفض الحديث، الآن تغير وأصبح مرحا يمارس الرياضة  مع الأبطال المغاربة ومع بعض من فئاته،أصبح اجتماعيا يساعد المعاقين الآخرين.  وأضافت:  لو ضل ابني بفرنسا لضاع،  لا يمكن أن يجد مكان يتدرب فيه مع الأصحاء من الأبطال، إنه نادي فريد في العالم، لم يحس ابني بميز لاعتناقه الديانة المسيحية أو لأنه لا يتكلم العربية ولا حتى عاداته  أو إعاقته…  يعيش محبوبا  لقد أحببت هذه الفئة من الشباب وأحببت الفضاء الذي يتدربون داخله.

وقال منيام: ماكس  المعاق ذهنيا لم يعد كذلك  ما ينقصه هو تكثيف العمل من أجل إدماجه كليا في الحياة اليومية  تنقصه الجرأة وقد بدأ يكتسب منها الكثير  كان لا يكلم أحد ولا يشارك أي كان ابتسامته أو حزنه أو أنشطته  والآن أصبح  له صديق حميم وهو عادل وأصبح يحاور كل من خاطبة ويبادل التحية…  لو أنه التحق بالفرع في وقت مبكر  لتمكن من القضاء نهائيا على إعاقته . لديه تأخر من الجانب التكويني فهو لم يلتحق قط بالتعليم لكن وبعد سنة من ولوجه الفرع  تغير سلوكه. 

 

سالم كان مريضا ذهنيا وفاقدا للنطق فأصبح مشرفا على دكان بقالة

داخل الفرع  هناك أطفال تغير سلوكهم كليا  وتغيرت نظرتهم للمجتمع وتعاملهم مع محيطهم. منهم من تعافى من الاضطرابات النفسية ولم يعد عنيفا ولا بليدا  يخشى عليه من الخروج  وحيدا خارج منزله. ذكر منيام  بالشاب عادل بوزميمير ابن 28 سنة  والذي به إعاقة في الرجل اليمنى واليد اليمنى، وقال منيام: هو  أول  حالة ولجت الفرع،  طرق أبواب عدة أندية رياضية لكنه جوبه بالرفض نظرا لأنه معاق حركيا.

طرق باب فرع الملاكمة  فقبلنا به منخرطا  وممارسا وبدا تداريبه دون أدنى نقص.

تدرب بالمجان  وأصبح بطلا يؤدي مباريات استعراضية في الملاكمة…. صنعنا منه شخصية قوية تحدى الإعاقة وبدا يلاكم المعاقين والأصحاء دون خجل من وضع يده آو رجله. أصبح يساعدنا  في إدماج الوافدين الجدد بسرعة  فالمعاقين ذهنيا أو حركيا حين يجدون أطفال وشباب من فئاتهم يندمجون بسرعة.

كما ذكر بالطفل سالم ابن 24 سنة، والذي كان فاقدا للنطق منغلقا على نفسه، ومريضا ذهنيا، ولج عالم الملاكمة وتدرب لعدة أشهر كانت كافية لتغيير سلوكه وشفائه، أطلق العنان للسانه وبات يحب الأنس والحديث، وأشار منيام إلى فرحة أمه به وهي ترى ابنها يتقن الحساب والتحدث، بعدما كان لا يعرف عد الدراهم القليلة، و بعدما كانت أمه  تكتب على ورقة اسمه وعنوانه وتضعها في جيبه كلما هم بالخروج من المنزل خوفا من أن يضل الطريق. انقطع عن التداوي  وشفي  من كل أمراضه الذهنية والعضوية، مما حدا  بأمه إلى أن تفتح له دكانا للبقالة.  أكثر من هذا فسالم الذي بدأ يذهب وحده إلى مدينة الدار البيضاء بشراء السلع عثر يوما داخل حافلة بالحي المحمدي على صديق له داخل النادي وهو تائها، فأعاده إلى منزله بالمحمدية، وكان صديقه مولعا بحضور مباريات الوداد البيضاوي.  

 

 

 

 الملاكمة من أجل تنمية الروابط الاجتماعية والتكافل

قال محمد  العسولي رئيس الفرع في تصريح سابق إن المكتب المسير اختار اعتماد الرياضة في تنمية الروابط الاجتماعية والتكافل وجعلها عامل من عوامل الإدماج، وأضاف أنه انطلاقا من هذا التوجه قرر المكتب المسير التعامل مع فئات اجتماعية طالها الإهمال( ذوي الاحتياجات الخاصة، الأطفال في وضعية صعبة،الأطفال نزلاء دار الأطفال)  وجعلها من ممارسي رياضة الملاكمة.  وأكد أن النتائج المحصل عليها أبهرت أعضاء المكتب أنفسهم، إذ تحول الفرع من ناد عادي للتداريب إلى مصنع ينتج النجوم والأبطال من فئات فقيرة ومشردة، ومصحة تعالج المعاقين ذهنيا وتقوي المعاقين حركي وتجعلهم اقوي شجاعة ومبادرة من الأصحاء. و قد كان النادي أول نادي مغربي عربي و إفريقي وعالمي يحتضن هذه الفئة في رياضة الملاكمة.   

 

وأضاف العسولي بحسرة وألم: إن العمل مع فئة الأطفال في وضعية صعبة حصة واحدة في الأسبوع تعتبر غير كافية لكن إمكانيات و طاقم الفرع جد محدودة و نتمنى لو نتمكن من إضافة حصص أخرى إذا ما تمكنا من الحصول على الدعم في هدا المجال.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *