ميساج

نداء الضمير .. في انتظار الإفراج عن المدون العزوزي …

تطورت قضية الناشط الجمعوي والمدون امحمد العزوزي من مجرد عنف لفظي متبادل على صفحات العالم الأزرق بينه وبين أحد المحامين المنتخب عضوا مستشارا بالمجلس البلدي لمدينة بوزنيقة. حول مخاض تدبير الشأن المحلي. ليصل إلى ردهات المحكمة الابتدائية بابن سليمان. وينتقل بعدها فجأة إلى مواجهة قضائية غير محسوبة بين الناشط وبين هيئة المحامين بابن سليمان، التي رأى بعض أفرادها أن العزوزي أساء إليهم في تدوينة له على الفايسبوك.  الأكيد أن القضاء النزيه كفيل بالحسم في القضية. وإنصاف الجهة المظلومة. لكن الواجب يقتضي من الجهة التي تعتبر نفسها ذات حق. أن تنتبه إلى أن أصل القضية يشفع للكل باتخاذ قرار وقف هذه المحاكمة بالتوقيع على التنازل والاعتذار.  فالناشط العزوزي وإن كان قلمه قد فاض في لحظات الدفاع عن المصلحة العامة. وزاغ نوعا ما عن الطريق. فيجب ألا ننسى أن القلم لا يفيض إلا في لحظات التوتر والغضب.  ولا أظنه يقصد إهانة المحامي أو تحقير هيئة المحامين. بدليل أنه نوه بالمحامين واعتذر إليهم فايسبوكيا حتى قبل رفع الدعوى القضائية ضده. كان من الواجب أن نحترم فيه روح الغضب والتوتر على المصلحة العامة. روح التطوع والانشغال بهموم الناس ومطالبهم. وكان من الواجب أن نراعي كون الناشط العزوزي ليس محاميا ولا أستاذ قانون ولا خبير  سياسي ولا صحفي مهني . وأنه من فرط انشغاله بهموم الناس، لاشك قد يسقط في بعض التجاوزات في التعبير .  وعلى الطرف الثاني الذي كرس هو الآخر جزءا من حياته لتدبير الشأن المحلي، أن يكون أكثر  تعقلا وتفهما لغيرته على المصلحة العامة. وألا يصل الأمر إلى حد رفع غطاء (التطوع والعمل الجمعوي ). وسلك أسلوب المواجهة وفق شروط غير منصفة. (محامي ضد مواطن عادي).  ليتحول الناشط المتطوع لتتبع مصالح الناس إلى سجين. ويحول حياة أسرته إلى جحيم.  لأن المحامي خبير في اقتناص الكلمات والجمل  وخبير في توظيفها. عكس المواطن العادي الذي ينزف كلاما وعبارات لا يحكمها القانون، تحكمها فقط الغيرة والرغبة في الإصلاح والمصلحة العامة.  وقد تسقطه في فلتات لسان أو سوء تعبير..  وطبعا فهي غيرة ورغبة متبادلة بين الطرفين. بمعنى أن المحامي والمواطن العادي لهما نفس الأهداف، فقط كان يلزمها التوافق على المسالك والجسور المؤدية لها.

لا ننسى أن امحمد العزوزي الذي يرى البعض أنه تجاوز حدوده في التعبير. كان من أبرز مناضلي حزب العدالة والتنمية وأشرس المدافعين عن مصباح المدينة.  ولا ننسى أن العزوزي ومعه آخرون في مقدمتهم (مصطفى غريب).  تم إبعادهم  من الحزب. بسبب تدويناتهم التي كنا نراها نحن أنها تصب في عمق وروح ما يجب مناقشته بشأن المدينة وسياسييها ومنتخبيها.  وكنا نأمل أن يتشبث رفاق سعد الدين العثماني بهذه المجموعة. لأنها لن تزيدهم إلا تلاحما وديمقراطية وشفافية. فأهم ما يثير الاحترام والتقدير هو أن نجد حزبا أو فريقا أو منظمة .. يغلي بمنخرطين يواظبون على النقد الذاتي، وينفثون رؤى مختلفة ومتناقضة.. تعيش مخاضات طويلة قبل أن تنجب برامج ومشاريع ومقترحات..  يجب ألا ننسى أن حزب العدالة والتنمية هو من رسخ لدى العزوزي و رفاقه ما هو عليه من تفاعل وحرقة وغيرة.. لأنه وجد حينها في الحزب المنبر الذي سيمكنه من المساهمة في التغيير والإصلاح.  وهو من جعله يبدع في نضالاته ويختار أساليب التدوين الفايسبوكي للمشاركة في هذا التغيير.  و الحزب مسؤول عن كل ما يقع للعزوزي . الذي ضحى بوقته ومشاغل أسرته من أجل الاستمرار في الدفع بما يراه صحيحا. وعلى الحزب أن يتدخل من أجل الوساطة وتسوية ملف العزوزي خارج أسوار المحاكم التي لا تعترف إلا بما قدم لها من وثائق وأدلة وقرائن. ولا أظن أن المحامي أو هيئة المحامين بابن سليمان، سترد من يتوسط من أجل إنهاء الخلاف.. فلا أحد منهم يرغب في تشريد أسرة. وخصوصا أن العزوزي قدم الاعتذار اللازم وأكد أنه لم يقصد يوما إهانة أحد.. دور الوساطة يجب أن يسلكه كل رواد التغيير بالمدينة والإقليم المؤمنين بقدرة وقوة وفاعلية المجتمع المدني في المراقبة والتتبع والتصحيح والاقتراح.

 

نحن نتابع بالمغرب والعالم.. مجالس منتخبة وندوات حقوقية وسياسية ونقابية، تناقش هموم ومشاكل المواطنين. وتنتهي بالعنف اللفظي والجسدي بين أعضاءها من مختلف شرائح وقطاعات الدولة. ويتبادل هؤلاء العنف اللفظي بالصوت والصورة والأقلام عبر المنابر الإعلامية. ولا أحد قرر اللجوء إلى القضاء ليقتص ممن رأى أنه أهانه أو شتمه أو سعى من أجل تحقيره.  لأن الكل يعلمون أن أصل الخلاف هو عمل خيري يراد به الخير للشعوب. وأن ما بدر من عنف لفظي أو جسدي ليس سوى غيرة زائدة وغضب غير متحكم فيه في وقته..

فليعلم السادة والسيدات المحامين المحترمين الذين أعرفهم ويعرفونني، وأنا متأكد من أنهم سيقرؤون مقالتي عدة مرات.  أن فظ النزاع وتسوية القضية بعيدا عن المحكمة لن يزيدهم إلا احتراما وتقديرا في وجه الساكنة. وأن علينا كلنا أن نوحد قوانا ورؤانا  من أجل التصدي للفساد والمفسدين. وأن نترك للمواطنين العاديين المناضلين المتطوعين هامش الاستنكار والانتقاد والتنديد بتعابيرهم البسيطة وأن تساعدونهم بعقد لقاءات تحسيسية وتوعوية ليحسنوا الانتقاد والاستنكار والتنديد.

يجب ألا ننسى أن صمت المواطن لن يطول في ضل تردي الوضع المعيشي وفوضى التسيير والتدبير التي تعرفها كل القطاعات والمجالس المنتخبة.  وأن التنديد والاحتجاج والغضب مستمر .. وملازم للمواطن. وعلينا  جعله تنديدا واحتجاجا قانونيا وسلميا  بتعليمهم وتكوينهم قانونيا وتصحيح أخطائهم في التعبير الكتابي واللفظي.  ويبقى على الدولة التي لم توفق في تحقيق مطالبه, أن تبادر على الأقل  لتبيان واجبات وحقوق كل المواطن. وأن تخلق له الفضاءات الواقعية والافتراضية  لإيصال احتجاجاته وفضح الفساد.  لا أن تلبس لباس الهاجس الأمني الزائد.  وترهيب المواطن حتى من أجل المطالبة بحقوقه. والبحث عن إسقاطه في هفوات وثغرات قانونية لا يعمل عنها شيئا.

المكتب الإقليمي للمركز المغربي لحقوق الإنسان بإقليم ابن سليمان يصدر بيانا تضامنيا مع الناشط الجمعوي والمدون امحمد العزوزي  المتابع من طرف النيابة العامة  في شأن القذف والتشهير استنادا على شكاية تقدم بها أحد المحاميين ببوزنيقة. ويعتبر المركز أن النزاع يكتسي طابعا شخصيا أو اختلاف في الآراء  بين المتقاضين  حول تدبير الشأن المحلي لمدينة بوزنيقة  ولا علاقة له بتحقير هيئة المحامين التي ينتمي لها المدعي واستنكر المركز الحقوقي الطريقة التي كيفت بها قضية العزوزي ويطالب بتوفير حقوق الدفاع وشروط المحاكمة العادلة للمشتكى به التي يضمنها القانون بما فيه دستور المملكة المغربية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. والرابطة العالمية للحقوق والحريات بالمغرب بدورها أصدرت بيانا أكدت فيه أنها تبنت قضية العزوزي  الذي اعتقل بتاريخ 22 مارس 2018. وتمت متابعته من طرف النيابة العامة بابن سليمان بتهمة القذف وإهانة  هيئة منظمة وإهانة محامي بمناسبة قيامه بعمله والتشهير والمشاركة وفي القذف عن طريق التشهير.  بناية على شكاية تقدم بها أحد المحامين.  وأنها سجلت ملاحظات لخصتها في كون القضية تعود إلى تباين في الرؤى  حول تدبير الشأن المحلي للمدينة من خلال تدوينات في الفايسبوك، وليس أثناء مزاولة المحامي لمهنته. وأن القضية تم تكييفها تكييفا سيئا، وأكدت أن النزاع لا علاقة له بتحقير هيئة المحامين. كما سجلت أن القضية تشوبها شبهة استغلال النفوذ من أجل تصفية حسابات سياسية. وأنه تم تضليل القضاء وتوظيفه سعيا إلى مصادرة حق الآخر في الرأي والتعبير.  والمس بشروط المحاكمة العادلة. وختمت بيانها باستنكار اعتقاله، وطالبت بمتابعته في حالة سراح إلى حين البث في القضية، وتمتيعه بكل حقوقه التي يخولها له القانون.

وغدا قد تصدر بيانات تضامن مع هذا الجانب أو ذاك.. لكن الخاسر الأكبر ليس فقط هو هدر الزمن القضائي بالمحكمة. ولا تعليق حياة العزوزي وأسرته وجعلها في خبر كان.. ولكن الخاسر الأكبر هي مدينة بوزنيقة. التي باتت تأكل أبنائها.. وأبناء وبنات إقليم ابن سليمان الذين تركوا العمل الحقيقي في مواجهة الفساد والمفسدين، وجلسوا ينتظرون القضاء ليحكم في قضية أطرافها هم أعمدة الإقليم.. محامون يعتبرون بنيان الإقليم وترسانته القانونية. والسلطة الخامسة.. حيث النشطاء الجمعويون والمدونون…

أتمنى أن يفوز صوت الحق. وتنتصر كل الأطراف بحفظ ملف العزوزي… لأن بفوزها ترقى مدينة بوزنيقة ومعها إقليم ابن سليمان..   وعلى العموم وبغض النظر  عما قد تنتهي به القضية.. فلاشيء سيتغير لدى الرأي العام .. لأنها تؤمن بأن دوافع العزوزي بريئة نابعة من غيرته وحبه لمدينته. ..نحن في انتظار الإفراج عنه.. وعودة الود بين أبناء وبنات الإقليم بمختلف فئاتهم ومناصبهم وطبقاتهم الاجتماعية.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى