غريب أمر هؤلاء المترحشات والمترشحون الفائزون في الانتخابات الجماعية الأخيرة. والذين وضع الناخبات والناخبون ثقتهم فيهم. حيث أهملوا أشغالهم وأعمالهم لفترات، وهرعوا طيلة يوم الجمعة الماضي إلى مكاتب التصويت من أجل التصويت على رموز تلك الأحزاب السياسية (الدكاكين)، التي استأجروها لبلوغ كراسي المجالس الجماعية والجهوية. غريب أمر هؤلاء الذين لم يئسوا ولم يكلوا من أساليب البلطجة والضحك على الذقون والابتزاز والاستفزاز والترهيب إن اقتدى الأمر من أجل الوصول إلى خزينة المال العام، والظفر بمفتاح خزينة (جابها الله)… الذين أسرفوا في صرف أموالهم وأموال الموالين، على أساس أن يتم التعويض من تلك الخزينة التي ملأت من أموال الشعب وعرقه. يوهمون الناس بأنهم وحدهم المميزون والقادرون على تغيير وجه المدينة والقرية إلى الأحسن. ويشعلون الفتنة بين الناس الفقراء والمستضعفين، الذين اعتادوا بالكاد تدبير قوتهم اليومي. مانحين إياهم مصاريف ومؤن بضعة أيام موسمية، أدمن بعضهم على انتظارها وترقبها، كما اعتادوا انتظار وترقب مصاريف بضعة أيام من رمضان وغيره من أيام أشهر أخرى، حيث يحضون فيها بفتاة دعم أو إحسان.
غريب أمر هؤلاء الذي اعتادوا توزيع ال200 درهم، وهو ثمن لا يكفي (كما قال أحد أصدقائي الفايسبوكيين)، لشراء ديك رومي. علما أن سعر الحمار يفوقه على الأقل خمس مرات… من أجل حصد مقعد عضو مستشار. ليقوموا هؤلاء المستشارين بعدها ببيع أصواتهم بمئات الدراهم وربما ملايين الدراهم، لمن يريد منصب الرئاسة. أو يتفاوضون من أجل انتزاع مهام تؤمن لهم فرص النهب والارتشاء واستغلال النفوذ. يبيعون أصواتهم من أجل تشكيل مكتب الجماعة الحضرية أو القروية، ويبيعون مرة أخرى أصواتهم من أجل تشكيل مكتب مجلس الإقليمي، ويبيعون مرة ثالثة أصواتهم للمرشحين في انتخابات المستشارين البرلمانيين. يقبلون الاختطاف (الاختياري) من طرف من يدفع أكثر. ويقبلون بهجرة أسرهم، والاعتكاف وممارسة التزهد السياسي المتعفن داخل الفنادق خمس نجوم. كما يقع هذا الأسبوع. حيث تحولت المدن والقرى إلى أسواق للشناقة، يقومون بإغراء المنتخبين الجماعيين وتهريبهم كالخرفان إلى حين المرقد والملذات والأموال الموعودة بعيدا عن مدنهم وقراهم. إلى حين موعد انتخاب الرؤساء وباقي أعضاء المكاتب المسيرة. فنادق وضيعات ومنتجعات الجنوب والشمال يملأها منتخبو الوسط. بينما يلجأ بعض منتخبي الشمال والجنوب إلى نظيراتها في الوسط. يغلقون هواتفهم ويعتكفون بعيدا عن الناخبين الذين دعموهم في حملاتهم الانتخابية وصوتوا عليهم، مؤمنين بقدرتهم على محو فساد الماضي وبناء مسارات جديدة.
غريب أمر هؤلاء الشناقة الذين يحاولون بقوة إجهاض أحلام المغاربة في الرقي والانتقال الديمقراطي. الذين أثثوا لفضاءات نتنة ومسارات هاوية، أعادت ركب المغاربة إلى العصور الوسطى. الذين تكاثروا وتعاقدوا على النيل من المغرب والمغاربة، وحملوا شعار النهب والتسلط، (غرسوا فأكلنا … ونأكل فيجوعون). دقائق فقط بعد أن وضع الناخبون والناخبات ثقتهم فيهم. بدئوا يدخلون في تحالفات غريبة جمعت الصالح بالطالح قوامها المال والأعمال والمصالح الشخصية. يسارعون الزمن من أجل استرداد أموالهم التي صرفوها إبان الحملة الانتخابية. ومن أجل الظفر بمهام داخل الجماعة أو الجهة، تمكن صاحبها من قضاء مآربه الشخصية. بلا برامج ولا مخططات تمكنوا من استمالة الناخبين بتودداتهم وألسنتهم التي لا تخجل تكرار الوعود والقسم. مستغلين عناصر القبلية والقرابة والتبعية في الإدارة والشركة. مستغلين سذاجة بعض الناخبين الذين لا يدركون المهام الحيقية الموكولة إليهم. حيث بإمكانهم استمالة ناخب ما بتقديم خدمة له، كان بالإمكان أن يقضيها وحده، من قبيل استخراج وثيقة إدارية، أو تقديم خدمة كان من المفروض أن تؤدى مسبقا وفي إطار جماعي (نظافة، تطهير، إنارة، ..).
ومن الجهل والهلع ما قتل…جهلة هلوعون ناخبون ومنتخبون