هذا ما يردده المغاربة عن وجبة العدس الشعبية التي باتوا مهددين بالحرمان منها… نكت وطرائف وسخرية هي في حقيقة الأمر، محاولات للنسيان والتهدئة .. لكي يتفادوا إصابتهم باليأس والإحباط من حكومة قضت ولايتها في هندسة كيفية القصاص من الموظفين والأسر المعوزة… واختارت أن تهدي المغاربة على مشارف نهاية ولايتها عدس بطعم الذهب… عدس المغاربة المعروف بوجبة الحديد، أصبحت وجبة بعيدة المنال.. وحديث أنها لم تعد حديدا، بل تحولت إلى ذهب…وحديث ثاني يفيد أن العدس (الحديد)، ربما بات يستعمل في البناء، وتشييد القناطر والجسور… و حديث ثالث من أن هناك شركة أحدثت بالمغرب، تعمل على ثقب حبات العدس، وصناعة سلاسل وأساور وحلي مختلفة لتزيين أعناق وصدور وأيادي وأرجل النساء وبعض الرجال وكذا لزركشة الملابس… وحديث رابع عن اكتشاف أن العدس أقوى وأشد من الرصاص… وأن شركات الأسلحة باتت تستعمله كبديل لها… و حديث آخر يوصي المغاربة الذين يقضون أيامهم في استهلاك العدس داخل المطاعم الصغيرة، ألا يخجلوا بعد اليوم عند تسلمهم صحون العدس من تلك المطاعم..وأوصهم بأن يحفظوا عن ظهر قلب هذه الجملة: إذا كان الصحن من حديد أو قصدير فإن العدس من ذهب..
… أحاديث وأحاجي تناقلتها ألسنة المغاربة …. وهي ترى كيف أن الحكومة لم توفق حتى في المحافظة على غذاء الشعب البسيط …وجعلت المغاربة يشكون في أن العدس لازال مصدر للحديد… وأنه لاشك أصبح مصدر فضة وذهب والماس… ولما فالعدس مستورد من كندا .. وقد تكون تلك الدولة استعملت أساليب جديدة وأسمدة متطورة وتربة مركبة… مكنتها من اختراع منتوج عدسي جديد… وحولت حديده إلى معادن أخرى نفيسة…
مرة أخرى أبانت الحكومة وهي تحتضر في أيامها الأخيرة، على أنها غير قادرة على حماية المستهلك المغربي من شجع وجبروت الإقطاعيين والسماسرة والوسطاء الذين ألهبوا أسعار عدة مواد استهلاكية… دون أدنى احترام لجيوب المغاربة، ودون أدنى مراعاة لضرورة بعض المواد الغذائية الأكثر استهلاكا من طرف الفقراء وصغار ومتوسطي العمال والموظفين… ففي الوقت الذي كان المغاربة ينتظرون أن تزف عليهم الحكومة المنتهية صلاحيتها أخبارا سارة، وتبشرهم بمكاسب وامتيازات يحتفظون لها بها في قلوبهم. بعد أن حررت أسعار معظم المواد الأساسية والمحروقات، ووضعتهم وجها لوجه أما الوسطاء والمضاربين… فاجأتهم بصمتها إلى حد التواطؤ، عن الارتفاع المتزايد لحبوب العدس، الغذاء الشعبي، والمعروف لدى المغاربة ب(الحديد)، باعتباره مغذيا غنيا لجسم الإنسان، ومصدرا للحديد،المنغنيز، البوتاسيوم، الفوسفور، النحاس، الزنك، الكالسيوم والسيلينيوم. ويحتوي العدس على فيتامينات (A،B6،B12،C،K،E)، وكذا الثيامين، الريبوفلافين، الكولين، النياسين .
فصل الشتاء يدق أبواب المغاربة. والأسر المعوزة ومتوسطة الدخل، تواجه جحيم ارتفاع الأسعار، وثقل المناسبات المتعاقبة (عطلة سنوية، عيد الأضحى، دخول مدرسي وجامعي،…). فبعدما اعتادت أن تتسلح لمواجهة (جوع الشتاء)، والبرد القارس والتلوج. وقساوة الطبيعة، بشراء الحبوب الجافة المعروفة ب(القطاني)،ويتعلق الأمر ب (العدس) و(اللوبيا) و(الفول) والجلبان) و(الحمص).. هاهي تجد صعوبة في شراء كيلو من العدس، الذي أصبح يوازي ثمن دجاجة (رومية) وأكثر من (2 كيلو) من السمك… علما أن تلك الأسر كانت قد أفرغت برنامجها الغذائي من اللحوم بكل أنواعها بعد أن وجدت ضالتها في العدس، الذي تغنى به المغاربة، ليس عشقا فيه، ولا اعترافا بقيمته الغذائية.. ولكن من أجل أن ينار رضا الأبناء ويقبلون استهلاكه.
وعوض أن تنتبه الحكومة إلى ما يلزم هذه الفئة من هذا المخزون. وتتدخل من أجل وقف لهيب الأسعار واحترام مداخيل هذه الأسرة الهزيلة والمنعدمة… انشغل أعضاءها في الإعداد للمحلات الانتخابية، وبعدها فرز النتائج، والدخول في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة، والبحث في تحالفات لا منطق سياسي ولا اقتصادي ولا علمي لها ….
ألا يعتبر قصورا حكوميا أن يطل علينا مسؤول حكوميا انتهت صلاحيته. ويبرر هذا الارتفاع الصاروخي لثمن العدس إلى أزيد من 30 درهم للكيلو الواحد..موضحا أن السبب يعود على ما اعتبره جفاف ضرب محصول الموسم الفلاحي الاخير. موضحا ان المغرب استورد خلال شهر يونيو الأخير 200 ألف طن لتغطية فترة الاستهلاك الرمضانية والأشهر الستة الموالية له…وأن ارتفاع الاستهلاك أثر على البرنامج المخطط له، بعد أثر على احتياطي الدولة من هذه المادة… مشيرا إلى أن الحكومة ستبادر إلى استيراد كمية أخرى من كندا … وهو البلد الذي يستورد منه المغرب 80 في المائة من حاجياته…