الرئيسية / ميساج / هل من مبادر لدعم الوقاية من السرطان ؟

هل من مبادر لدعم الوقاية من السرطان ؟

جميل أن تنتفض فعاليات من المجتمع المدني من أجل فرض دعم الفئات الهشة، وتوظف كل ما لديها من مسالك وجسور و منصات للتواصل الرقمي،من أجل حث الحكومة على الاهتمام بمرضى السرطان وفرض دعم العلاج المكلف ماليا ونفسيا. وجميل أن تبادر الكفاءات والطاقات المغربية إلى اقتراح البرامج والحلول لتوفير الدعم المالي. كمقترح إحداث صندوق خاص لجمع الأموال. وسلك قنوات يكفلها القانون المغربي للمطالبة به.

لكن غندما ترى ركوب بعض رواد السياسة على المبادرة الفريدة من نوعها، ولعبهم أدوار الداعمين والمساندين في محاولات لغسل أو صباغة فشلهم بوهم النضال والمسؤولية. علما أن بإمكان هؤلاء خوض النضال الحقيقي من أجل الوقاية من مرض السرطان وكل مظاهر الهشاشة والفقر.

لهؤلاء أقول  أن الأجمل الذي ينبغي أن ينال الجهد الأكبر في النضال والمثابرة، هو دعم كل مبادرات الوقائية من مرض السرطان. ومحاربة كل التجاوزات التي أدت وتؤدي إلى تلوث البيئة والهواء والماء وتسمم المواد الاستهلاكية وخصوصا الغذائية منها. لنتحد جميعا من أجل تنقية وتطهير دواخلنا ومحيطنا. وفرض التحسيس والمراقبة والجزاء على المواطنين والشركات الصناعية والمنتوجات الاستهلاكية. وفرض الجودة في العمل والإنتاج. وحسن تدبير طرق التخلص من النفايات والسيول والمتلاشيات. وطرق إعادة التدوير والاستعمال.

الأكيد أن الوقاية والرياضة خير من العلاج، وهما أداتين لتقليص الأضرار التي تصيب الإنسان والبيئة والتنمية.وبإمكانهما خفض عدد المصابين بالأمراض النفسية والعضوية والأوبئة، وإنتاج الكفاءات والنجوم والمبدعين. وطبعا يساهمان في التخفيض من مصاريف العلاج. وتخفيف الضغط والاكتظاظ داخل المرافق الصحية العمومية والخاصة. وربما قد يصل الأمر إلى إمكانية توفير العلاج بالمجان.

ماذا لو أطلقنا مبادرة (بيئة سليمة)، وتصدينا لكل الملوثات التي تضر الطبيعة والبشر. وتتسبب في إصابة المواطن المغربي بمرض السرطان وغير من الأمراض الفتاكة؟

ماذا لو ناضلنا من أجل وقف ما تنفته بعض الشركات الصناعية من غبار وأدخنة وسيول وروائح كريهة. تعتبر مصدر لمرض السرطان وغيره من أمراض الحساسية والجلدية والعيون و.. ؟

ماذا لو ناضلنا من أجل حماية المستهلك المغربي من المواد الاستهلاكية المعروضة بدون أدنى مراقبة. منها المهربة، ومنها غير المرخصة، ومنها منتهية الصلاحية. ومنها المصنوعة من مواد مسرطنة ؟

ماذا لو كشفنا عن المستودعات والشركات السرية المنتشرة داخل عدة مدن وقرى مغربية. وفضحنا أصحابها الذين يعيثون فسادا في البلاد، ويجنون الأموال، ببيع سلعهم الملوثة والفاسدة ؟

ماذا لو أوقفنا بيع مجموعة من المواد الغذائية الضارة بالأطفال، وأعدنا تحليل مكونات تلك المواد حماية لهم؟

ماذا لو كنا صادقين في مراقبة مكونات مجموعة من الأدوية التي يقتنيها المرضى من أجل العلاج. فتزيده أمراض أخرى. وحذرنا الصيدلانيين من مغبة ترك الصيدليات تحت إشراف معاونين لا يدركون خطورة البيع العشوائي للأدوية، أو تمكين المرضى من أدوية بدعوى أن لها نفس المفعول ونفس المكونات؟

ماذا لو زاد اهتمامنا بممارسة الرياضة، ليس من أجل إفراز النجوم. ولكن من أجل تمكين الذات الإنسانية من جسم له كل مقومات المناعة المضادة للجراثيم والملوثات؟

ماذا لو اهتمت الحكومة بصحة وسلامة رواد المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية ومعاهد التكوين المهني. علما أن معظم الأطفال المغاربة يلجون المدارس الابتدائية، وأن هناك بالوزارة الوصية، قسم خاص بالصحة المدرسية، مهمته تتبع صحة والأطفال الممدرسين وتمكنينهم من اللقاء والعلاج اللازمين للأمراض والأوبئة. وأن لكل تلميذ ما يسمى ب(الدفتر الصحي)، مركون برفوف إدارات تلك المدارس، المفروض أن يدون به كل ما يتعلق بصحة التلميذ. وهناك قسم خاص بالرياضة المدرسية. مهمته صقل مواهب التلاميذ رياضيا، ودعم حصص التربية البدنية الأسبوعية التي يتلقاها التلميذ طيلة مساره الدراسي.  وحدها المؤسسات التعليمية كفيلة بتمكين المواطن المغربي من جسم وعقل سليمين. ومن إفراز الكفاءات والطاقات اللازمة لترسيخ نموذج تنموي يرقى بالبلاد والعباد. وحدها قادرة على إنجاب النجوم والمبدعين في كل المجالات.

فالمؤسسة التعليمية تمثل مجتمعا مصغرا، في حاجة إلى كل متطلبات الحياة المفروض أن تتمتع بها باقي المجتمعات، وفي مقدمتها أمن وصحة وسلامة الشغيلة التعليمية والمتعلمين. ولا أحد يقبل بأن تخلو مؤسسة ما تحتضن بالساعات آلاف المواطنين (أطر إدارية وتربوية ومياومين ومتعلمين). منها مؤسسات بها داخليات تأوي مئات الأطفال واليافعين.. من مراكز صحية مجهزة، تشرف عليها أطر طبية، تتابع عن كثب الأوضاع الصحية والنفسية لمواطنيها. هناك مؤسسات تعليمية بها أعداد بشرية تفوق أعداد سكان أحياء سكنية وربما مراكز حضرية وجماعات ترابية. ومع ذلك فالمسؤولين لا يعيرون لقطاع الصحة والسلامة أدنى اهتمام. ولا يرصدون ولو درهما واحدا لإسعاف مريض أو مصاب بحادثة داخلها. ولكم أن تعرجوا إلى بعض الكليات، حيث عشرات الآلاف من الطلبة. لو صنفت تلك المؤسسات التعليمية أو التكوينية ضمن خانة الشركات والمقاولات، وخضعت لنفس شروط التأسيس من الجانب الصحي، لحظيت الشغيلة التعليمية ومعها المتعلمين بما يفتقدونه من آليات الصحة والسلامة.

فمدونة الشغل التي ينتقد البعض قصورها، تلزم على الشركات والمقاولات التي تشغل على الأقل 50 أجيرا، إحداث مصلحة طبية للشغل، وكذا تلك التي تزاول أنشطة تعرض العمال للأمراض المهنية. كما تلزم مقاولة الصناعة التقليدية والاستغلالات الفلاحية بإحداث مصالح طب الشغل. وتلزم إحداث مصالح طبية مشتركة أو مستقلة بالنسبة للمقاولات المشغلة لأقل مـن خمسين أجيـرا. وتفرض إحداث لجان الصحة والسلامة للارتقاء بالصحة ووضع استراتيجية وقائية من أجل استقصاء المخاطر المهنية وتطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية في مجال السلامة وحفظ الصحة.

مقارنة بسيطة بين ما تفرضه مدونة الشغل من أجل سلامة وصحة الأجراء داخل الشركات والمقاولات المهنية. وما يعيشه أجراء التربية والتكوين (الشغيلة التعليمية) والتلاميذ والطلبة من تهميش ولامبالاة بصحتهم وسلامتهم داخل المؤسسات التعليمية المدرسية والجامعية. تؤكد  ضرورة إعادة النظر في أهداف وبرامج الصحة المدرسية والجامعية، والعمل على تمكين تلك المؤسسات  بالأطر الطبية والتجهيزات والمرافق اللازمة، لتتبع الأوضاع الصحية لكل العاملين والمتعلمين داخلها. علما أن تلك المؤسسات تعرف يوميا حوادث الشغل والتمدرس والأمراض المهنية وتلك الخاصة بالمتعلمين.. داخل الفصول الدراسية أو المختبرات العلمية أو الملاعب الرياضية.. أو أثناء فترات الاستراحة..

إن مقترح دعم الوقاية من الأمراض والأوبئة والتلوث بصفة عامة ودعم ممارسة الرياضة. هما السبيل الأمثل لوقف أو التخفيف من الإصابة بمرض السرطان وغيره من الأمراض العضوية والنفسية. وكسب رهان الفوز بجسم سليم وعقل سليم قادر على المساهمة والتغيير للأفضل.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *