في سياق الحديث عن الوطنية هذا الخطاب الذي أصبح ينتج فائضا لغويا ( من اللغو ) يزيد بزيادة الأعياد الوطنية التي تعني للمواطنين العطلة والراحة الاستجمام، وبالنسبة لأصحاب الاقتصاد ضياع ايام عمل وانخفاض في الناتج الوطني.
والتي يفرح لها المستأجرون الذين لا حق لهم في العطلأو حتى التعويض عن الساعات الاضافية، أما الموظفين فهذه الأعياد هي مناسبة لهم لملأ كراسيهم المحجوزة مسبقا في المقاهي بشكل رسمي، أما العاطلين فأيام العطل عندهم لا تختلف عن باقي أيام السنة.
كم هو جميل أن نحتفل بأعيادنا الوطنية مثل باقي الأمم، تلك الأعياد التي تذكرنا بأمجادنا وانتصاراتنا وتبعث فينا روح الوطنية من جديد هذه الروح التي تنام طيلة السنة لتستيقظ في هذه الأعياد، فتحي فينا روح التباري لمعرفة من هو أكثر وطنية من الآخر، ويحتدم هذا التنافس ليتحول إلى صراع ثم يصل إلى حد تبادل الاتهامات بالخيانة والعمالة.
فيضيق مفهوم المواطنة عند البعض لينحصر في التمسح بالأعتاب وبالمعنى العامي ( لحيس الكابا)، وعند البعض الآخر في رفض تلك الأعياد التي تذكرنا بالأمجاد ولا تأتي على ذكر الانتكاسات والنكبات،
هي إذا وجهات نظر تختلف باختلاف انتماء أصحابها واختلاف مشاربهم رغم وحدة الوطن التي تجمعهم.
هذاالوطن الذي يدل حاله على حالة المواطنة عند مواطنيه.
هل نستحق أن نكون مواطنين؟ من منا يؤدي واجبه على أكمل وجه ؟
وأعني بالواجب هنا كل مايستوجب احترامه، في العمل، في الشارع، في المنزل، أثناء السياقة، أمام فرص الامتيازات " وباك صاحبي "، حتى أعقاب السيجارة أو العلكة التي نلقي بها في الشارع هي أيضا تدخل في باب المواطنة. التي تبدأ من السلوك اليومي منذ استيقاظنا صباحا إلى عودتنا للسرير ليلا.
أما الوطن فهو لأصحابه من يسهرون على ثرواته ويقتسمونها فيما بينهم ويتركون لنا ما تبقى من فتات المواطنة لنقتات عليه.
هم من يسهرون على اقتصاد هذا البلد ويتمنون ازدهاره لهذا تجدهم حريصين على فتح حسابات بنكية خارجه خوفا من انهياره.
هم من يزودون لنا في جرعات مصل المواطنة للزيادة من المناعة تجاه رفض خطاباتهم الحماسية لهذا يسارعون إلى طلب جنسيات أجنبية خوفا من الأضرار الجانبية لجرعاتهم.
هم من يسهرون على راحتنا فيبنون لنا علبا إسمنتية تأوينا من حر الصيف وقر الشتاء بينما يشيدون فللا وقصورا من النعيم..
كما أنهم يضمنون لنا تعليما يفقهنا من ويلات الجهل ويقينا من صروح العلم،ولكي لا يزاحموننا في تعليمنا شيدوا مدارس خاصة بهم وبأبنائهم، ولتجنب الاكتظاظ بها يسجلون الفائض بمدارس البعثات.
فيتخرج بعض منا وكثير منهم أطباء لنعمل في مستشفيات بناها مواطنون لا ينتمون إلى هذا الوطن تركوها لنا وغادروا،بينما يسهرون على مستشفياتهم التي خصصت لعلاج من قفز إلى جانبهم، أما هم يسرعون مع أول نزلة برد إلى حيث توجد حساباتهم البنكية السمينة تجنبا لنقل العدوى إلينا وحفاضا على سلامتنا.
وأخيراياأيها المواطنون أيتها المواطنات حافظوا على الوطن وزيدوا من رصيد مواطنتكم واستغلوا فرصة التعبئة المضاعفة.