مما لا شك فيه أن المجتمع المدني بمدينة بوزنيقة أضحى يعيش مرحلة إنتقالية جديدة وهذا ما يجسده لنا ظهور مجموعة من الجمعيات الشبابية والتي أضحت تشكل النواة الحقيقية للعمل الجمعوي بالمدينة. وذلك بإدخالها لمجموعة من المفاهيم الجديدة في هذا الحقل والتي تؤسس لمجتمع مدني حقيقي قادر للإجابة على مجموعة من المشاكل الإجتماعية والثقافية والإقتصادية ، مشكلين بذلك قطيعة مع الأنماط السالفة للتنظيمات المدنية والتي لطالما غلب عليها طابع العشوائية في التدبير والتسيير الأحادي ، وكذا غياب الإستراتيجيات والتي على أساسها يمكن تحقيق الأهداف المسطرة. فإذا قمنا بعملية تشخيص للمشاركة الجمعوية للشباب بمدينة بوزنيقة، محاولين استقراء وضعيتهم وسط العمل الجمعوي ، من خلال مشاركتهم في اتخاذ القرار و تسيير الجمعيات التي ينتمون إليها، فسنخلص إلى استنتاج أساسي أن الشباب هو المحرك الأساسي للجمعيات خاصة بصفة تطوعية، و من بينهم الشباب في وضعية إعاقة وكذلك الشابات حيث لا تقل مردوديتهم و إنتاجيتهم ، إلا أنه تبقى إشكالية الفعالية و التأثير في اتخاذ القرار و التي هي تعبير عن حاجياتهم و مطالبهم هي مسألة نسبية و نوعا ما ضعيفة ، وهذا ما يثير التساؤل عن الأسباب المؤدية إلى هذه الوضعية؟ اعتمادا على الملاحظة و المتابعة اليومية للحياة الجمعوية بمدينة بوزنيقة يمكننا تصنيف الأسباب إلى نوعين رئيسيين ، أولى هي ذاتية أي مرتبطة بالشباب بصفة عامة و الشباب الجمعوي بصفة خاصة و أخرى ذات طابع مجتمعي أي خارجة عن إرادة الشباب و مرتبطة بمحددات خارجية. إن التغيرات التي شهدها المجتمع المدني بمدينة بوزنيقة في السنين الأخيرة على عدة مستويات ، غير لدى الشباب مفهوم انتمائه إلى الحركة الجمعوية ، فقد أصبح الانتماء إلى العمل الجمعوي مضيعة للوقت و خدمة أناس آخرين يريدون التسلط بدل خدمة المجتمع، و بهذا عندما يفقد العمل الجمعوي بعض من مبادئه – الاستقلالية و التطوعية فهو يتحول إلى أداة انتهازية ، فالتطوع كعمل يومي و ممارسة في غياب إستراتجية التي تؤطر هذا الفعل التطوعي ، يجعل الشاب يشعر أنه يخدم غيره دون أي استفادة أو نتيجة إيجابية ،إذ يعتقد أنه يبذر مجهوده و وقته بدل استغلالها في أشياء أخرى ، فالتطوع مرتبط دائما بفلسفة الانتماء و خدمة الأخر من أجل التضامن و مساعدة المعوزين و المحرومين ، إلا أنه لأسف تحول في بعض منظمات المجتمع المدني إلى أداة لاستغلال سواعد الشباب و أفكارهم و طموحهم بدل إشراكهم و دمجهم ، فعندما يشعر الشباب أن صوته و آرائه غير مسموعة ، عندئذ يتشبه بآلة بشرية تنفذ التعليمات فقط ،مما يولد لديه موقف الابتعاد و التشكيك في صدقية العمل الجمعوي. إذن ومن خلال كل ما تطرقنا له سلفاً فإن العمل المدني الشبابي بمدينة بوزنيقة أضحى يشكل منطلق لبروز نمط تفكير شبابي جديد قادر على مواكبة التطورات التي تحدث في المجتمع وكذا قادر على المشاركة الحقيقية في التدبير المحلي عن طريق الدفع بقواه الإقتراحية إلى إعادة النظر في السياسات المحلية الشبابية والمشاركة في وضعها أو تقييمها