الرئيسية / ميساج / حلب .. وبئس ما أنتم عليه يا عرب …

حلب .. وبئس ما أنتم عليه يا عرب …

يتضح جليا من خلال الصمت الرهيب للمجتمع العربي والإسلامي اتجاه ما يقع بسوريا الشقيقة، و بمدينة حلب على الخصوص، من قتل وتنكيل، وتشريد للأسر.. وتعفن بشري بلغ إلى حد استخدام الأطفال كناقلات للمتفجرات…أننا نعيش الآن عصر الانحطاط والإذلال العربي والإسلامي. وأن على الشعوب العربية أن تعيد النظر في أنظمتها التي تشتغل بجهاز التحكم عن بعد (التيليكومند) من طرف رواد العالم وقادته الجشعين، والتي لا يهم زعمائها سوى الكراسي وحياة الرفاهية والرخاء… فالأخطبوط الصهيوني حول العراق إلى حلبة للعراك بعد أن أطاح بزعيمها صدام حسين بدعوى امتلاكه لأسلحة محظورة. وزرع داخلها منظمات إرهابية.. ونفس الأخطبوط أشعل فتيل ربيع عربي مزيف تمت تغذيته من دماء وعرق ودموع الشعوب العربية الغاضبة والساخطة على أوضاعها. وقطف رؤوس عدة رؤساء أينعت بتونس ومصر وليبيا واليمن…بل وقام بإذلال بعضها ( القدافي، مبارك)، وإخفاء البعض الآخر (زين العابدين، صالح). ليرسل رسائل مشفرة إلى باقي الزعماء ومعهم الزعماء المرتقبين، مفادها أن عليهم المشي على العجين بدون أن يخربوه (وما يلخبطوهش)… ترك تلك الدول تعيش جحيم التوتر واللا استقرار والتهديدات الإرهابية. في انتظار بروز أنظمة داخلها موالية للأخطبوط. كما فعل بمصر، بعد أن عاد للإطاحة بنظام الإسلامي مرسي، ونصب السيسي ضدا على الديمقراطية العالمية… هذا الأخطبوط لم يوفق في قطف رأس بشار (الفأر)، ليس لأن بشار (أسدا)، ولا لأنه مواليا له. ولكن لأن عائلة الأسد التي جلست على كرسي الزعامة السورية منذ سنة 1971،  عرفت كيف توفر الحماية لها. أولا بولاءها التام لروسيا وتركيا والصين والدول التي ليست على وفاق مع الأخطبوط وحليفه العم سام.، واستعدادها لتقديم كل الخدمات بما فيها مسح الأحذية وتنظيف المراحيض. وثانيا بتمكين اقتصاديي تلك الدول من مصالح كبيرة  وثروات داخل سوريا. وجعل سوريا قبلة لهم من أجل الاستثمار ولو على حساب السوريين. علما أن النظام السوري لم يكن بابه مغلقا في وجه الصهاينة وأثرياء العم سام. وهذا ما صعب من أمر قطف رأس بشار. وجعل الأخطبوط يغمد سيفه بعد أن قام بتسليح المنتفضين والمعارضين.. ويضع الشعب السوري أمام فوهة بركان، ويترك الأطفال والنساء والشيوخ يتساقطون كأوراق الخريف. والكل يترقب متى ينفجر البركان.. لأن البلاد الآن وضعت في سكة  (لا رجعة)، وأن الحرب الأهلية بدأت تأتي على اليابس والأخضر. ولا أظن أن هناك الآن مكان لبشار، ولا لغيره من الوجوه السورية التي باتت تلمع من طرف عدة دول، بهدف أن تكون بديلا لبشار…

.. قد يكون العرب والمسلمون قد سبق وفرطوا في أرضهم وعرضهم بعد أن صمتوا أمام وعد بلفور البريطاني الذي مكن الأخطبوط من احتلال فلسطين وأرض القدس الطيبة… وفرطوا بعد أن تركوا الصهاينة يقتلون الأطفال والنساء والشيوخ، ويشردون الأسر بدعوى بناء المستوطنات لاحتضان فصائلهم. وفرطوا إلى درجة الخنوع بعد أن قبلوا بالكيان الإسرائيلي كدولة. ودخل بعضهم معها في اتفاقيات ومبادلات وتبادل السفارات والثقافات… لكننا كنا نعيش على أمل الانتفاضة، التي كنا نطمح أن تتغذى من زيتون فلسطين وبلح الشام وثمار الخليج وقطن الشرق وحبوب المغرب العربي… كنا نأمل قطع رأس الأخطبوط في مهدها.. لكن أنظمة العرب والمسلمين كانت لها خيارات وأهداف أخرى غير أهداف الشعوب…

فقدنا القدس  وفقدنا معها القبلة الإبراهيمية وهويتنا الفلسطينية، التي لم نعد نراها سوى في عيون الأطفال والنساء المشردين، ولم نعد نسمع عنها سوى صراخ وعويل الأطفال والنساء. وفصاحة وجرأة وشجاعة بعض ما تبقى من رموزها، شجاعة نستقيها من أطفالهم الذين كتب عليهم السجن والعار منذ ولادتهم، فقرروا مجابهة الرصاص بالحجر والهراوات. مؤمنين بأنهم خلقوا من أجل الانتفاضة… واليوم ها نحن نفقد حلب، أكبر مدينة سورية، وأقدم مدينة في العالم..اليوم كتب على حلب ..على ثالث أكبر مدينة عثمانية بعد اسطنبول والقاهرة. وعاصمة الثقافة الإسلامية عن الوطن العربي، أن تخضع للمساومات والمفاوضات العقيمة.وكتب على خمسة مليون نسمة من سكانها أن يتغذوا بكل أنواع الجرائم، تواطأ عليها النظام السوري وحلفاءه والمعارضين وحلفاءهم … لا أحد اصطف إلى جانبهم… فقدوا القريب والحبيب والمال والجاه والأرض والعرض.. زيف المبادرات وحيف الأنظمة، وطيف دعاة السلام..  ومعها يستمر نزيف الأرض والعرض ولا أمل في المستقبل…

  

  

    مبادرات خجولة وبعضها مجرد أوهام لإلهاء من يطالبون وقف القصف وحماية المدنيين، ويستمر التدمير والتخريب للمباني وتاريخ وتراث حلب التي احتضنت أعرق الحضارات منذ آلاف السنين قبل ميلاد المسيح.. ولعل الإقدام على تسخير طفلة في السابعة من عمرها من أجل تفجير حزام ناسف تم لفه حولها، وتفجيره  بجهاز التحكم عن بعد، لقمة الحقارة والإجرام… وهي وسيلة دنيئة لم يسبق لأي مجرم وقاتل أن قام بمثلها منذ أن خلق الله البشرية.. وهي جريمة يتحملها المؤيدون والمعارضون للنظام السوري ومعهم كل الدول الحليفة لهم، وكل الدول العربية والإسلامية…تسخير الأطفال من أجل تنفيذ عمليات شبيهة، في غفلة من هذه الفئة البريئة، تبرز مدى العمق الروحي المتعفن لهؤلاء الذي يتصارعون بحلب وغيرها من مدن وقرى سوريا المغتصبة… والذين لا يترددون في قتل الأبرياء من أجل إرهاب السكان وخصومهم.. ألم يكن من باب الاحترام الواجب للقتال والحروب أن يتم حماية الأبرياء والسكان الذين لا دخل لهم بتلك الحرب الأهلية ؟؟ .. ألم يكن من ذاك الباب استعمال وسائل أخرى من أجل تنفيذ هجماتهم الإرهابية، بعيدا عن الأرواح البشرية.. وخصوصا روح طفلة ي مقتبل عمرها ؟؟ ..  شتان بين حربكم القذرة وحروب الثوار الأحرار والمقاومين ضد الاستعمار والاستبداد.. تذكرت ما حكا لي صهري الراحل الحاج الناصري الخضار، خلال مقاومتهم للمستعمر الفرنسي بالمغرب. حيث كان المقاومين المغاربة، يستغلون الأرانب والقطط والفئران في عملية انتشار النيران بالمحاصيل الزراعية وضيعات المستعمرين الفرنسيين وتفجير بعض الأماكن. كانوا يربطون فتائل النيران والمتفجرات في ذيولها ويطلقونها في  اتجاه أهدافهم… هي نفس الوسيلة التي سلكت في حلب، لكن بضحايا بشريين. وبقذارة فاقت كل التوقعات.   

       

… كم أنتم جبناء يا عرب ويا مسلمين… كم أنتم مدمنون على تجرع الذل والهوان.. كم أنتم مصرون على العيش بغطاء العبودية والاسترزاق… كم أنتم وضعاء وحقراء وسفلة…كم أنتم وأنا معكم  مجرد حيوانات ناطقة، لا تستحق أن تصنف ضمن الجنس البشري… ولا تستحق أن تنال من رضا الله شيئا.. ولا أن تحظى من سخاءه وعطفه… أجساد بعقول مكبلة وقلوب متحجرة وأرواح متعفنة..  كم أنتم فقراء للشرف والكرامة والشموخ … كم انتم أغنياء بالخنوع والتملق والاستجداء… كم أنتم مصرون على توريث أبنائهم العبودية وماضون في تحقير عروبتكم ومحو إسلامكم..

بئس ما أنتم عليه من صمت اتجاه من ينهشون أرضكم وعرضكم.. كيف تقبلون بمنظمة إرهابية تتغذى من أموالكم و تقدم الولاء لأعدائكم، وتسمي نفسها باسم (الدولة الإسلامية) ؟؟ … وكيف تقبلون بأن تسمونها أنتم وإعلامكم بهذا الاسم. وأنتم تعلمون أن الدولة الإسلامية ، هي دولة الكمال … وهي حلم كل العرب والمسلمين الذي يصعب تحقيقه على أرض الواقع، وأنه الحلم الذي نسعى إلى غرسه في عقول وقلوب أطفالنا وأجيالنا القادمة… بئس ما أنتم عليه مجرد ببغاوات ترددون الحكايات والروايات عما يجري ويدور بقلب حلب وسوريا… بئس إعلامكم  التافه والتائه بين الوضع الحقيقي والوضع المصطنع المراد تسويقه إعلاميا .. فهي بالنسبة لديكم .. حرب أهلية سورية.. أو أزمة سورية .. أو ثورة سورية… أو انتفاضة سورية.. وهي لدى العقلاء والشرفاء العرب والمسلمين… مجرد  فقرة جديدة من مخطط صهيوني يراد به ضرب العروبة والإسلام…  أفلا  تتفقهون  ؟؟؟ … 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *