الحلقة 12 من سلسلة ذكرياتي:
العطار كان هو صلة وصل بين سكان البادية و المدينة حيث كان يزور القرية على طول السنة ممتطيا بغلة وشواري مملوء بحاجيات الناس من المدينة (مواد التطبيب : كينة الراس، بومادة، …، التزيين : الحنة، السواك، القرنفل، …، والتصبين، بضع الاواني ،والحلوى وما الى ذلك ) ويقبل بكل شيء من البادية ( بيض، صوف، حديد، صنادل قدام،البالي للبيع ، نقود، . …) ، اما في الصيف فهناك نوع اخر يسمى البركال ويتنقل بين الكاعات alga33at او اماكن الدرس لمقايضة الحبوب بالدلاح والبطيخ متبوعا بجحافيل من السعايا يركبون الحمير او على الارجل لاخد العشور (زكاة الحبوب).
بالنسبة لصديقي ابو الخواتم كان يكبرني سنا وبالمناسبة كانت لدي بعض النقود اخدتها من عند العطار مقبل صوف نعجة ميتة وقصدت خالي الزمراني لشراء الخبز والحرور وكان صالح ابو الخواتم واقف امام الدكان فقال لي اعطيني النقود وامنحك الزيت والزيتون الاسود فهو احسن من الحرور وقبلت بالفكرة وكانت تلك هي اول مرة ارى فيها الزيتون الاسود واتذوقه لانه لم يكن موجود في عاداتنا وكنت اتخيل ان ذوقه سكري مثل العنب ولكنه كان مالحا.
بالرجوع لايام الدراسة انتقلت الى القسم الرابع او المتوسط الاول عند المعلمين السي البودالي والسي بلبلاج وتزامنت السنة الدراسية مع تغيير كلي لنمط عيش اسرتي الصغيرة ، حيث انتقلنا من حياة خيمة جدي مع اعمامي وابنائهم وبناتهم وسهب الشريحة و المسافة البعيدة للوصول الى المدرسة مرورا بالسهب بوكدية والسهب الصغير الى فيرمة المديوني قرب جمعة الفضالات . ولليبب هو ان رجل يسمى عثمان ولد العواد من مدينة البيضاء رحمة الله عليه ، وكان يملك اراضي شاسعة في التيرس وقد باع لجدي ما يقل عن 50 هكتار و اكترى فيرمة المديوني وبالتالي طلب من ابي ادارة المزرعة gérant وقد اكتراها بمعية نسيبو لزرق عبد الرحيم(رحمة الله عليه ) و واحد النصراني و تقع غير بعيد عن المدرسة في مكان يسمى زنيدة والتي تبعد عن جمعة فضالات ب حوالي 3 كلم وعن مسقط راسي بحوالي 10 كلم ، كانت فيرمة قائمة الذات تشتمل على منزلين مجهزين من ايام النصارى بالحمامات والناموسيات والهاتف وما الى ذلك واراضي شاسعة تفوق ال100 هكتار واشجار مثمرة مثل اللوز المشمش والمواشي كالبقر والغنم والخيل وانعم الله عليها بعين عذبة تسمى” عوينة ميمون ” ويحيط بعا عشب الكازو gazon ومسبح ، ناهيك عن الخدم والحشم،… وبالتالي انتقلنا من حياة عيش البؤس و النقص في الغذاء الى حياة الترف وكل واحد بغرفته مع عدة مراحيض والصالات و الشرفة و المنزه الخ. وكان رعاة البقر يطبخون الارز ويصفون منه الماء لارضاعه للعجول والباقي اي الارز يطبخونه في الحليب مع السكر و يصبح اكلة لذيذة للجميع ناهيك عن البيض والدجاج وما الى ذلك .
وكان اصحاب الضيعة ياتون من المدينة كل نهاية الاسبوع وفي العطل محملين بشتى انواع الاكل والمشروبات ولاول مرة اصبحنا نقاسمهم ماكولات لم نكن نعرفها من قبل كالكفتة مشوية والصوصيص والسلاطة والديسير وما الى ذلك … يتبع الحلقة 13
.