الحلقة 14 من سلسة ذكرياتي:
من تبعات الرسوب في الامتحان وتكرار القسم ، أن الوالد جاتو من الجنة و الناس واشترى قطعة من الخرفان من أجل تسمينهم لعيد الأضحى وكلفني بمهمة الرعي والمورد والعلف ووعدني بأنه سوف يعطيني قيمة كبش حين يتم بيعهم .ولما حان عيد الأضحى وبيع الحوالى اشترى قطعة من العبورات او الخروفات وطلب مني استكمال عملية الرعي ووعدني بنصيبي 2 لما يصبحون نعجات وانهما لما يكبران سوف يلدان ويصبح لدي قطعة لوحدي. ولما حان وقت الدخول المدرسي استمريت في عملية الرعي ، وفي يوم من الايام التقيت بزملائي في المدرسة واخبروني بأنه ثم أحداث قسم إضافي من مستوى المتوسط الثاني وان المؤسسة قامت بمناداة التلاميذ الساقطين في مستوى الرابع ليلتحقوا ببيت الشهادة، فذهبت مهرولا عند امي واخبرتها بالامر وقد الحت على الوالد بضرورة التحاقي بالمدرسة وكان الوالد متمسكا بفكرته واستغرقت عملية إقناع الوالد عدة أيام وفي الاخير رضخ لطلب امي و لرغبتي في الرجوع للمدرسة وبالتالي التحقت متأخرا بقسم الشهادة ولكن سرعان ما اكتشف المعلمان السي كريم والسي بشري ان مستوانا ضعيف واجلسونا في الصف الاخير وأصبحوا ينادوني بالتلاميذ الذين ولجوا للقسم من النافذة (أصحاب الشرجم).
كان السي كريم مسالما ولطيف ودائم الابتسامة بعكس السي بشري كان صارما ولايضحك ولا يبتسم أبدا ويتفنن في ضرب وسلخ التلاميذ، حتى أصبحنا نتمنى أن يمرض او يقع له مكروه ولا يأتي للقسم، لأنه كان يأتي في الكار من بنسلیمان ونحن نراقب الطريق (الشانطي) ونردد ما غايجيش، ما غايجييييش … وحين يقف الكار وينزل فهو بالنسبة لنا كالكابوس وحينا لا ينزل ويمضي الكار في طريقه تعم الفرحة القسم، وقد كان قاسيا حتى مع باقي التلاميذ من المستويات الأخرى وللذين لايدرسون عنده.
وفي إحدى المرات وبينما كنا منهكمين في اللعب بالبي billes او المينيكاط اذا به ينادي على الجميع ويدخلنا الى القسم وبدا يفتش اجياب كل واحد ويحسب عدد البيات التي بحوزته ويشرع في ضربه حتى يكمل العدد ، وكان بعض الاطفال قراضين اي يحسنوا اللعب ويجمعون البي في الجوارب (تقشيرة عامرة) وكان نصيبهم في العصى وافر، اما بالنسبة لحالتي فكانت فريدة وعجيبة بحيث بعد التفتيش لم يعثر عندي الا على 2 بيات ضربني ضربتين ومضيت فرحانا ومسرعا للخروج ولكن لما وصلت للباب انسلت تينيسة كبيرة ديال لورمة التراكتور من سروالي ووقعت على الضص وبدات تهتز و تقع وتطلق أصوات صاخبة ولما استقرت امرني المعلم باحضارها واخدها في يده وقال كم تساوي من بية فاجبته باني ابدلها مقابل 2 بيات واذا بالاطفال جازاهم الله فضحوني وقالوا للمعلم، بلا انه يبدلها مقابل 20 بية وأراك للفراجة وما أن استكملت العشرين ضربة اذا بالتنيسة الاخرى تسقط من الجيب الاخر و قد فزت بنصيب الأسد من الضرب.
اما في ما يخص عيشتنا في الفيرمة فكانت تتخللها بعض الأوقات العصيبة بحيت كنا مجبرين للرجوع إلى دار جدي في المناسبات والأعياد ، وكانت العلاقة دائما حاضرة، بحيث رغم خروج ابي من دار جدي ، فقد استمر في إدارة شؤون العائلة بصفته البكر وبمعية ابيه وكان إخويه يرددون دائما بعض العبارات التي تحتم علينا المشاركة في الأعمال الفلاحية كلما دعت الضرورة لذلك (هو كيقري في اولادو وحنا كنخدمو للعرام حتى هوما خاصهم يشدوا النوبة) ، إذن بمناسبة كل عطلة نرجع إلى دار جدي او الخيمة كما نناديها لكي نساهم في السرحة اوالتوراد او العلف وحتى المشاركة في الزراعة (الحشان، التنقية، التمطاط، الدراس…) .
وفي يوم من الايام وبينما انا وأخي نمتطيان حصان اسود لابي ومتوجهين الى خيمة جدي لقضاء ليلة العيد الكبير ولما وصلنا الى دوار اولاد يوسف وكانت الساعة حوالي العصر إذا بالتبروري بدا بالتساقط على رؤوسنا وكان اكبر حجما من المعتاد وبعد لحضات قليلة ابيضت الأرض كلها و نزل الضلام وزغنا عن الطريق ولولا الأقدار الإلهية وحنكة الحصان لتجمدنا بالبرد .
بالرجوع للمدرسة، أكملت السنة الدراسية على المنوال و لم يطرء على مستواي الا تحسن طفيف وبالتالي لم يسمح لي باجتياز امتحان الشهادة وكان من نصيبني تكرار القسم.
يتبع الحلقة 15