الرئيسية / كتاب البديل / عن ذكرياتي : حلقات من سيرة ومسيرة محمد الخصومي  الحلقة ال 15

عن ذكرياتي : حلقات من سيرة ومسيرة محمد الخصومي  الحلقة ال 15

الحلقة 15 من سلسلة ذكرياتي:
كان التكرار في قسم الشهادة عادي لان اغلب التلاميذ كانوا يرسبون او لا يسمح لهم باجتاز الامتحان وحين ينجح شي واحد من شي عائلة تقام اليه الحفلة او العرس وحتى الهدية بالغناء والتنقل بين المنازل في الدوار وتثبت الأعلام البيض فوق المنازل وأحيانا تعلق الاعلام قبل النجاح كما وقع لعائلة صديقي بادي عباس ، حيث انه هو وأخويه اجتازوا امتحان الشهادة وكذلك اثنين من اولاد خاله، وبما ان المنافسة كانت حادة بين العائلتين ، عمدت كل عائلة على تثبيت العلم فوق منزلها للتباهي وهم على يقين بأن على الاقل سوف ينجح واحد من العائلة ولكن شائت الضروف ان يخيب امل الجميع ولم ينجح اي واحد من العائلتين وبالتالي تم نكس الأعلام ومعاقبة الاطفال ههههه.
ولكن لحسن حظ عائلتي فقد تمكن اخي الاكبر من الفوز في امتحان الشهادة و سوف ينتقل الى اعدادية زياد بابن سليمان.
اذا ها قد حانت العطلة الصيفية لسنة 1973 وبعدما كان العالم ينحصر في مخيلتي ما بين عين بوسطيلة باولاد زيان كابعد نقطة من الجنوب وخميس هلوطة من الشرق و جمعة فضالات من الشمال والوادي المالح من جهة الغروب ، عزمني السي القصري احد شركاء الفيرمة رحمه الله لقضاء بضعة ايام مع أبنائه في المدينة اي الدار البيضاء. وبالتالي ذهبت معهم في السيارة و كانت أول فرصة اكتشف فيها ما وراء جمعة فضالات، وبما اني كنت جالس قرب النافذة ،كنت اراقب كل صغيرة وكبيرة ( الشاحنات، والدراجات النارية الكبيرة و ذات 3 عجلات ، والمباني الشاهقة ، لافتات الاشهار المثبتة على الواح واخرى تغطي كل واجهة حائط العمارة اضن انها كانت للمشروبات الروحية، والمحلات التجارية والباعة المتجولون وخاصة الاضواء والانوار بكل ألوانها.
إعجابي وانبهاري من كل شيء زاد من حدته لما وصلنا الى الفيلا التي يسكنون بها في حي “بولو” الراقي ، حيث قام العساس بفتح الباب ودخلت السيارة الى مسلك بالحديقة مضاء بمصابيح مصطفة من الجانبين حتى وصلنا الى مراب السيارة ونزلنا وصعدنا الى الغرف مرورا بصالونات كل واحدة مجهزة بافرشة وزرابي وتحف لم أرى لها مثيل ، كل واحد من الاطفال له غرفته الخاصة به و ناهيك عن حمامات مختلفة ومطبخ كبير تتوسطه مائدة طويلة بها كراسي تتسع لعدة أشخاص. بالحديقة يوجد محل خاص بالطيور المختلفة (الكناري، صطيلة، البيروش، ذكر الله ، الببغاء، …. واشجار صغيرة ومجاري المياه وما الى ذلك. ولما تمت المناداة علينا لوجبة الأكل زاد إعجابي بكمية ونوعية الأكل والشرب و عدد الصحون امام كل واحد وموسين وشوكة ومعلقة وكانت الخادمة وسيدة اخرى جنزية، اضن انا المربية يتكلفان بإعداد وتقديم الطعام والسي القصري و زوجته رحمة الله عليهم تارة يتوسلون من ابنائهم ويرغبوهم لاكل اللحم والدجاج المشوي والكفتة والسلطة وهم يتمززون ويصل بهم الحد الى اجبارهم على الأكل بالقوة وقد تذكرت حالتي لما كنت في منزل جدي وكنت اتوسل لأمي لكي أنال كسرة خبز وكأس شاي لا مجال للمقارنة.
كل شيء حولي كان جديد وغريب : التلفزيون، الثلاجة، الدوش، الشيميني، … الخ ومن ثم الذهاب للسينما حيث شاهدنا فيلم كوبوي coyboy ومرة اخرى الى معمل ابيهم الخاص بصناعة ملابس القطيفة واعطوني لبستين وثم كسائي من الكل (حذاء، جوارب ، سليبات، ،…) ومرة اخرى ذهبنا الى المسبح وكانت اول مرة ارى فيها نساء شبه عاريات ومن بعد الى الشاطئ حيث تذوقت ملوحة البحر ولمست الرمل وعانقت الموج واكلت المثلجات ولم ينحصر الأمر هنالك بل اكتشفت البيار و الكولفزير، و أوراق الرامي والروندة وكرة المضرب و كرة السلة وما الى ذلك.، ولكن اخدت نصيبي من الوجه البشع للمدينة حيث ذهبت مع اولاد القصري للعب كرة القدم بحديقة لارميطاج ونحن في الطريق مررنا بخلاء به شبان (شفارة) ما ان وصلنا بقربها حتى انقضا علينا اخرجوا موس وفتشوا ملابسنا واخدوا النقود التي كانت بحوزة ولد القصري ولكن لم يجدوا بجيبي الى منديل مبلل وقال لي انت تتجول بدون فلوس خد واعطاني الاول طرشة والثاني ركلة وانفلتت من بين ايديهم وهربت.
مضت تلك الايام الحلوة ورجعت الى المزرعة وقد اجتمع حولي الاطفال وحكيت لهم ما رايته وما عشته بالتفصيل.
وفي نفس الاسبوع امرني الوالد أن اوصل العشاء للرعاة قرب الكوري وبينما كنت امشي حاملا صحن الكسكس في الليل اذا بكلبين هرعا نحوي واردايني على الأرض وبداوا بنهشي من كل جانب و قد عالجني ابي بالطرق التقليدية الكي ، التحميرة… ولكن بعد الإلحاح من الوالدة تطلب الأمر حملي للمستوصف بخميس هلوطة حيث تمت خياطة الجراح واعطاني الممرض السي فريشيش الحقنة المضادة للعض والدواء .
بالنسبة لجيران المزرعة كان السي برحو وأخوه المعطي وكان لديه امراتين واحدة بيضاء والأخرى سمراء ، ابوها يسمى خالي رزوق ، رجل جبار يحكى انه اخد عتروس من قطعة غنم ولفه حوله من تحت الجلابة بعد تكميم فمه وبحث مع أصحاب الضيعة عن العتروس في كل مكان وفي الاخير اما لم يعثروا عليه عزموا السي رزوق على العشاء واكل ما تيسر معهم وانصرف بالغنيمة.
كان لدا خالي برحو بنت من الزوجة السمراء تسمى زهيرو وكانت قوية بحيث ان مرة كان ابن عمها يتعارك مع عساس اسود مفتول العظلات متعجرف و كان يشتغل كعساس وتغلب على الكبير ولكن زهيرو انقضت عليه واخدت حجر كبير وضربته على راسه وانهار واشبعته رفس وركل ومن ثم أصبح يحترمها.
مضت تلك الايام بالفيرمة بحلوها ومرها وقبل الدخول المدرسي لسنة73 /74 انفصل ابي من العمل بالمزرعة وانتقلنا الى ارض القدامرة ثم التبادل بها من طرف جدي مع مع ولد العواد واشتراها منه رجل يسمى الازرق بمعية ابن عمه رحمة الله عليهما وتقع بجانب الكودرون وتبعد بنصف المسافة تقريبا من دار جدي الى جمعة فضالات .. .
الصورة تعود لسنة 1973 مرتديا لبسة القاطفة بمعية اخي الصغير واولاد القصري والحصان الاسود السالف الذكر.
يتبع الحلقة 16

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *