كتاب البديل

لا “عيد”.. ولا “جِوار”.. ولا أيّ مُسَمَّى يُوحي بالسلام!!

محمد عزيز الوكيل

هل يجوز أن يستهلَّ المرء حديثه عن “هؤلاء” بالقول بكل البساطة الممكنة: إنهم ليسوا مؤمنين، ولا حتى مسلمين باعتبار الإسلام أدنى درجات الإيمان، وباعتبارهما معا مصدراً للسِّلم والسلام والمودة والأمن والأمان؟!

هل يجوز هذا في حق أناس يعشقون ممارسة النَّكَد والعداء والعدوان في أيام الأعياد بشكل خاص، وكأنهم ينتظرون حلول الأعياد تحديداً ليَنْكَأُوا الجروح، ويَبُثّوا مشاعر المهانة و”الحقرة”؟!

كيف لا، وهم الذين انتهزوا بزوغ فجر عيد الأضحى قبل نحو نصف قرن ليطردوا شَرَّ طردةٍ أكثر من خمسٍ وأربعينَ ألفَ أسرة مغربية، أي ما يناهز خمسين وثلاثمائة ألفَ مواطِنة ومواطن من المغاربة، الذين كانوا في معظمهم “يصنعون فخر الزراعة والتجارة في ذلك البلد”، الشقيق يا حسرة، قبل أن يتحول من جراء ذلك الطرد إلى كيان مشلول ومزبلة، ففرقوا بذلك بين المرء وزوجه، ورب الأسرة وأبنائه، والأخ وإخوته وأخواته، والصهرِ وذوي قُرباهُ من الأصهَارِ… تماماً كما يفعل الشيطان وقَبيلُه، حتى أنهم أراحوا الشيطانَ وجيوشَه وحلّوا مَحلَّهم بكل أريحية، فأثاروا بذلك قَرَفَ العالَم قاطبة، واستحقوا عن جدارةٍ واستحقاق ازدراءَ العالم قاطبة، بينما كان الناس في كل بلاد الإسلام بين فَرِحٍ بمناسبة ذلك العيد، ومتأزّمٍ يترقّب من يُعينُه على إدخال الفرحة على أسرته وأطفاله، وبين مُتَسَربِلٍ بأردية الأمل يسأل ربه أن يجعل له من بَعد عُسْرٍ يُسراً!!

أليسوا هم مَن حوّلوا بذلك حياةَ ما يقارب نصف مليون من المغاربة، ومعهم مختلِف مؤسسات الدولة المغربية، إلى جهنّمَ أرضيةٍ ما كانت لِتدور ببال أحد من العالمين، إذا نحن أضفنا إلى عدد المطرودين معدلاً أدنى من الأسر المغربية التي تضررت من تلك المسيرة السوداء، وأقصد العائلات التي تقيم أساساً داخل تراب المملكة، والتي اضطرت إلى استقبال وإيواء المطرودين!!!

مناسبة التذكير بتلك الواقعة السوداء الكالحة أننا الآن في يوم عيد، ومن الطبيعي وحالة أولئك الرهط على ما هي عليه طوال أيام السنة، وفي كل السنوات تِباعاً، أن نتوقّعَ أن يصدر عنهم أيُّ فعلِ سُوءٍ اعتباطيٍّ أو مُخطَّطٍ له من قبل، كما هي عادتُهم في كل الأعياد!!

ولأن الظن لا يخيب ولله الحمد مع جيران السوء هؤلاء، فقد حملت إلينا قصاصات الأنباء مزيداً من العنتريات الفارغة، من أبرزها قرارُ طرد نائب القنصل المغربي بوهران، ومَنحُه أجلَ ثمانٍ وأربعين ساعة لمغادرة البلاد، ثم تبرير ذلك بالقول في بيان لوزارة الشؤون الخارجية إنّ الدبلوماسي المغربي كان يمارس أعمالا مشبوهة، دون الإيماء إلى تلك الأعمال!!

إضافةً إلى ذلكّ، جعلوا زخماً من الإشاعات يتناسل في مختلف وسائل التواصل من خلال ذبابهم الإلكتروني العَفِن، بعضُه يتحدث بلا حشمة ولا حياء، عن تورط نائب القنصل المغربي في تسريب المخدرات إلى التراب الجزائري، رغم أن تخوم ذلك التراب مُسَيَّجة، ومُحاصَرة على امتدادها بكتائب الدرك والجيش والقوات الخاصة، ومُحاطة بالخنادق والأسوار المشيَّدة لسد كل المنافذ… وإِنْ هي في واقع الحال إلاّ حجة واهية لأنها لا تستند كالعادة إلى أيّ قرينةٍ بيّنةٍ ولا إلى أيِّ أساس!!

ليس هذا إلاّ غَيْضاً من فَيْضِ اتهاماتٍ متوالية يُسقِطها حكام الجزائر على رؤوس المغاربة، من بينها تكرار القول إن المغرب “يوالي أعماله العدائية ضد الجزائر”، والتأكيد على أن المغرب “يواصل استعداداته بمعية جيوش إسرائيل للقيام بهجوم مفترض ضد بلادهم بسبب مواقفها المناهضة للتطبيع والداعمة لكفاح الشعب الفلسطيني”… دون أن يدري أحد من العالمين، أساساً، كيف يُقدِّم النظام الجزائري ذلك الدعم المفترَى عليه إلى شعب فلسطين الجريح… ربما يقدمه في عالم الغيب؟!!

فضلا عن ذلك أيضاً، بثَّ رهطٌ آخر من ذباب الجزائر شائعات لا أساس لها من الصحة، تفيد بأن نائب القنصل المغربي كان يمارس أعمالا مُصنَّفة في خانة التجسس، وكأن الجزائر كتاب مُغاَق لا يطاله إلى ذوو دراية عالية بتقنيات التجسس، أو كأن الجزائر تمتلك ما يستحق المغامرة بالتجسس عليه، كالصناعات التكنولوجية فائقة الدقة، والأسلحة الخارقة، أو كآخر صيحات تكنولوجيا الاتصال وتدبير علاقات المال والأعمال… والعالم برمّته يعلم أنّ الجزائر تجرّ وراءها على الدوام ذيول الخيبة، والفشل الذريع، والخسارة النكراء، في كل مجالات حياتها العامة والخاصة، حتى أنها تصلح كنموذج يُضرَب به المثل بين الدول في الخيبة وهوان الحال والمآل!!

بربّكم… ما الذي يمكن أن يحصده أي متجسس في أرض خلاء وعاقر كهذه، وخاصة إذا كان المعني بهذه التهمة قنصلاً يعلم حق العلم أنه محاطٌ بكاميرات مخابرات البلد المضيف، وبعيونه التي لا تُغمَضُ عن المغاربة بشكل خاص؟!!

نحن في يوم عيد، وأعياد الناس ما زالت مواعيدُها متكررةً في الآفاق ما دمنا أحياءَ نُرزَق… فتُرى ما الذي سيخرجون علينا به في العيد المقبل، أقصد ذاك العيد الموثِّق لذكرى “المسيرة الكحلة” سالفة الإشارة؟.. ذاك هو السؤال!!!
___________

محمد عزيز الوكيلي

إطار تربوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى